أخبارصحيفة البعث

قمة بوتين – ماكرون.. لحظة دبلوماسية حرجة عالمياً!

 

استضاف “حصن بريغونسون”، منتجع الرئيس الفرنسي الصيفي، قمة ثنائية جمعت إيمانويل ماكرون وفلاديمير بوتين للبحث في العلاقات الفرنسية – الروسية، والبحث في النظام الدولي الجديد، خاصةً أن أوروبا بحاجة إلى إعادة هندسة من جديد، والأهم بناء الثقة مع روسيا، التي قال عنها ماكرون: إنها “أوروبية”.

واقترح ماكرون عقد قمة رباعية في الأسابيع المقبلة في إطار ما يسمى “صيغة نورماندي”، التي تضم فرنسا وألمانيا وروسيا وأوكرانيا، متوقّفاً عند المقترحات الجديدة التي قدّمها الرئيس الأوكراني، ويرى الجانب الفرنسي، أن الليونة التي أظهرتها أوكرانيا من شأنها تسهيل الحوار مع روسيا، لكن بوتين بدا متحفظاً إزاء ما جاء به الرئيس الأوكراني، لكنه لم يرفض مقترح باريس، والمشاركة في قمة من هذا النوع، التي رأى أن لا بديل عنها لإجراء محادثات حول أوكرانيا، ولا يمكن أن تحصل إلا بعد توافر الشروط الضرورية لنجاحها، وفق ما أكده ماكرون.

كثيرة لائحة الملفات التي بحثها الرئيسان والوقت المخصص لم يكن كافياً لتناولها في لقاء مغلق من 45 دقيقة ثم في عشاء عمل موسع. فقد تناولت، إضافة إلى الملفين السوري والأوكراني، ليبيا والملف الإيراني، واتفاقيات التسلّح وعسكرة الفضاء الخارجي والمناخ، إضافةً إلى موضوعي التسلّح. وفيما يخص النقطة الأخيرة، وعد بوتين بأن بلاده لن تكون البادئة في نشر أسلحة صاروخية جديدة، إلا أنها لن تمتنع عن ذلك في حال قامت واشنطن بذلك. كذلك، أبدى بوتين ازدراءه لقمة السبع، بقوله رداً على سؤال عما إذا كانت بلاده راغبة بالعودة إليها: إن هذه القمة “غير موجودة”، وإن هناك محافل أهم وأجدى مثل قمة العشرين أو مجموعة شنغهاي أو البريكس.

من جهته، أغلق الرئيس الروسي الباب أمام الدعوات الفرنسية والغربية والدولية لوضع حد للعمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش السوري وحلفاؤه بدعم من الطيران الروسي في منطقة إدلب، بتأكيده أن بلاده تدعم الجهود التي يقوم بها الجيش السوري من أجل وضع حد للتهديد الإرهابي في إدلب، مضيفاً: إن العمل ضد الإرهاب سوف يستمر، وجاء كلام فلاديمير بوتين رداً على الرئيس الفرنسي الذي عبّر عن القلق العميق إزاء الوضع في إدلب ومنطقتها.

القمة لم تأت بجديد بشأن الملفات التي نوقشت، إلا أن ذلك لا يقلل من أهميتها، إذ إن اللقاء وهو الرابع بين الرئيسين يأتي في لحظة دبلوماسية حرجة على المستوى العالمي مع توسع دائرة الحروب والنزاعات، وآخرها بين قوتين نوويتين الهند وباكستان، وإزاء عجز المؤسسات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة في التعامل الفاعل مع الأزمات القائمة، كما في اليمن وليبيا. والأهم من ذلك، أنها استبقت بأيام قليلة قمة مجموعة السبع في منتجع بياريتز الفرنسي التي ستتناول الملفات نفسها. وبالتالي، فإن لقاء ماكرون – بوتين جاء كمقدمة لها، وسيتمكن الرئيس الفرنسي من أن يكون وسيطاً بين الغرب وروسيا، وكانت مصادر فرنسية استبقت اللقاء بتأكيد أن الاختلافات مع موسكو لا يجب أن تعني الامتناع عن الحوار معها، إذ إنها جار كبير وشريك ضروري، وقد وصفها ماكرون بأنها شريك تاريخي.

وفي تعليقه على القمة، أشار وزير الخارجية الأسبق هوبير فيدرين إلى أن باريس بحاجة إلى إقامة علاقات متينة مع موسكو قبل أن يسبقها دونالد ترامب إلى ذلك، وحذّر السلطات الفرنسية بأنه في حال إعادة انتخاب ترامب سيقوم مرة أخرى بتوطيد العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة ولن يأخذ المصالح الأوروبية بعين الاعتبار، وأضاف فيدرين: إنه يجب على باريس تصحيح سياسة الغرب غير المتسقة إزاء موسكو والتي دفعتها للتوجه نحو بكين، مشيداً بأهمية القمة التي جمعت الرئيسين الروسي والفرنسي قبل وقت قصير من قمة مجموعة السبع في بياريتز في فرنسا.

فيما تحدثت صحيفة “لوبينون”  في افتتاحيتها، عن أن بوتين بات لاعباً دولياً لا مفر منه، والتحدث معه يعد اليوم ضرورة مطلقة بالنسبة لفرنسا وأوروبا، حيث إن روسيا تمتلك اليوم بعض المفاتيح للعديد من الصراعات العسكرية والاقتصادية في العالم.

هيفاء علي