محمد منذر زريق: المقاومة.. حب وجمال وحـياة
المقاومة فعل وانتماء بإمكانه أن يتجلى في كل التفاصيل ليزيدها بهاءً وجمالاً، فكيف إذا كان الفن الجميل مقاوماً ونبيلاً عندها ستحلق بنا اللوحات إلى سماء من مجد وخلود، ولأن “المقاومة خيارنا” الجميل والسامي، كان عنواناً للمعرض التشكيلي الجماعي الذي اختتم مؤخراً في دار الأوبرا، وقد أوضح منسق المعرض محمد منذر زريق مفهوم المقاومة ودورها في الفن إذ قال: نحن نحمل مفهوم المقاومة بكل ما يتضمن من حب وجمال وإصرار على الحياة، أي المقاومة بمعنى الإبداع والانفتاح الروحي والثقافي والفكري مقابل المشاريع الظلامية والتكفيرية التي تمثل القبح وإلغاء الآخرين.
ويرى زريق أن المقاومة والفن لن يفترقا، لأنهما الحياة والجمال في مواجهة الموت والقبح وهما معاً يشكلان جناحا الثقافة الأصيلة، وفيما يخص انسجام مضمون أعمال معرض “المقاومة خيارنا” مع عنوانه يقول: هذا يعود إلى تعريفنا للمقاومة وبالنسبة لنا نرى بأن الحياة بكرامة وحب وجمال هي بحد ذاتها المقاومة بأسمى أشكالها، وبالنسبة لفنانينا فقد اختلفت طرق تعبيرهم عنها، فالبعض عبر عنها بشكل مباشر وخاصة الفنانون العسكريون وبعض المشاركين، بينما استلهم البعض رموزاً دينية أو تاريخية أو صوفية أو من عالم الأساطير السورية أو بعض قصص ورموز وجمال دمشق، ومن ناحية أخرى ابتعد بعض الفنانين كثيراً عن تناول المقاومة من خلال رموز قريبة من مفهومها التقليدي، وقد أثبتت الأزمة السورية أن شعبنا أصيل وقوي ومتمسك بالحياة، وأثبت الفنانون أنهم مقاومون وصامدون، وبيّن أن المعايير التي اعتمدت في انتقاء الفنانين المشاركين تتعلق بفئتين، الفئة الأولى هي فنانون هواة من الجيش العربي السوري أو المقاومة أو عائلات الشهداء وهؤلاء مشاركتهم تكتسب أهميتها من صفاتهم الإنسانية والوطنية بغض النظر عن المستوى الفني، على الرغم من أنه قدم بعضهم أعمالاً متميزةً فنياً، وأما اختيار الفنانين المحترفين فقد تعمدنا أن يكونوا من أجيال مختلفة فمنهم المخضرمون وفيهم جيل الستينيات وجيل الشباب، مع مراعاة تمثيل أغلب المحافظات السورية إضافة إلى المشاركين من فلسطين ولبنان.
ويعتبر زريق أن اتحاد الفنانين التشكيليين ليس جهة معيارية لتحديد المشاركين بل هيئة يفترض أن تساعد الفنانين وترعى مصالحهم وتمثلهم، بغض النظر عن مستوياتهم الفنية التي يمكن أن يقيمها النقاد والدارسون للفن وكبار الفنانين، ونحن استشرنا مجموعة من كبار فنانينا إضافة إلى مديرية الفنون بوزارة الثقافة حتى استطعنا انتقاء هذا العدد الرائع من أهم فنانينا، وإن كنا نود لو كان معنا عدد أكبر لأن الساحة الفنية السورية مليئة بالفنانين الكبار المميزين.
نافذة هامة
وحول اعتبار البعض أن المعرض يدعو لفن إسلامي، يؤكد ممثل مركز الثقلين الخيري في سورية بأن العقل الذي يدير الجهات المنظمة للمعرض -أي المركز واتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية- عقل منفتح ويريد فناً جميلاً يجعل الحياة أفضل وهذا الفهم يلتقي مع الإسلام والمسيحية وكل الأديان والطوائف التي تريد للإنسان أن يعيش بحب وسعادة، وكل اللوحات التي شاركت في المعرض لا تتعارض مع رسائل المحبة والإنسانية التي يتفق عليها الجميع، والمهم بالنسبة لنا أن نقدم فناً حقيقياً إبداعياً يرقى بالحياة والإنسان، ودعا زريق إلى ضرورة رفع السوية الفنية والجمالية للمعارض الجماعية، لافتاً إلى أهميتها الكبيرة للفنان لأنها نافذة هامة له على جمهور أوسع، فتعدد الفنانين له دور بحضور جمهور من أصدقاء كل فنان مشارك، كما يخلق حالة من التنافس الصحي والجمالية الناتجة عن التنوع في الرؤى والأساليب، وأما بالنسبة للجهة الداعمة فتختلف الفائدة المحققة من المعرض الجماعي باختلاف الغاية منه، وبالنسبة لنا في مركز الثقلين الخيري واتحاد الإذاعات الإسلامية فغايتنا الأولى أن نقول بأن فنانينا كجزء من شعبنا الأصيل على اختلاف أجيالهم وانتماءاتهم ومدارسهم الفنية يوحدهم مفهومهم الحضاري الجميل للمقاومة، ويقدمون أرقى وأجمل ما لديهم لبلادنا والعالم، كما ويجد زريق بأن الفن التشكيلي في بلادنا لا يزال نخبوياً على عكس فنون أخرى وهذا يعود إلى غياب كبير للتربية الفنية وإن كانت وزارة التربية قد بدأت مشكورة بتعريف طلابنا على فنانينا التشكيليين وأعمالهم كخطوة على الطريق الصحيح، وبيّن أن هناك تقصيرا من جهات عديدة معنية بالفنانين، بالإضافة إلى تحمل بعض الفنانين جزءا من المسؤولية فهم يقدمون فنا بعيدا عن ثقافتنا وهمومنا.
لوردا فوزي