مشروع العودة!
وحدة البلد كانت ومازالت نقطة اتفاق بين جميع أبناء سورية الذين آمنوا بانتصارهم، رغم ضخامة التحديات، وشراسة المعركة التي تلوح بشائر النصر فيها في جميع الميادين، وهذا ما ترجمته وجسّدته العديد من الوقائع، وفي مقدمتها الانتصارات العسكرية، والإنجازات الاقتصادية، وإطلاق “مشروع “العودة” إلى القرى والبلدات التي خرج أهلها تحت تهديد الإرهاب، حيث يعود الأهالي إلى بيوتهم، وهذا ما يمثّل العودة إلى حياة الأمن والأمان وسيادة القانون التي تعد قاسماً مشتركاً بين جميع السوريين الذين تتوحد آمالهم وتطلعاتهم في باقة البلد والشعب الواحد.
ولكي نكون أكثر واقعية والتصاقاً بحياة الناس وواقعهم، علينا اليوم، ونحن نستقبل مرحلة جديدة وتاريخية في حياة بلدنا، أن نؤسس لعمل جماعي مؤسساتي متكامل يسهم في تغيير تفاصيل حياة الناس، ويزرع في أحشاء يومياتهم منظومة حياتية تسود فيها العدالة بكل معانيها واتجاهاتها، انطلاقاً من احترام الفرد، أياً يكن انتماؤه أو مستواه الفكري والطبقي الاجتماعي، وبصراحة أكثر، المواطن بحاجة لجرعة مضاعفة من الأمل، فواقعه المعيشي المأساوي الذي سقطت أبسط مقوماته تحت خطوط الفقر الدنيا يتطلب خطوات جادة من أجل تحسين مستواه المعيشي، وإعادته إلى خط الأمان الحياتي.
صحيح أن المحنة التي دخلت إلى البيوت السورية بقوة الإرهاب ضربت كل مقومات حياته، إلا أنها لم تستطع إيقاف عجلة الحياة السورية التي بقيت متمسكة بالأمل على مدار سبع سنوات، وها هي العائلات السورية تستعيد حياتها الطبيعية، وإن كان ذلك في حدوده الدنيا، وبأبسط مظاهره التي لا تخلو من ملامح الحزن والأسى، إلا أنه دليل واضح على إرادة الحياة الموجودة التي تشكّل جسراً للعبور إلى ضفة الأمان التي سنصل إليها بإذن الله في القريب العاجل.
وبهذه الأيام المكللة بالانتصارات يتطلع الكثير من السوريين الذين أجبرهم الإرهاب على النزوح من بيوتهم إلى تسريع إجراءات عودتهم إلى مناطقهم بعد أن أثقلت الهموم حياتهم، وزادت حياة النزوح من أعبائهم المعيشية، ومشكلاتهم الاجتماعية، خاصة أنه بدأت تظهر وبشكل واضح أعراض التفكك الأسري، والخلافات التي تزيد من تشتت الأسرة الواحدة نتيجة الفقر الذي يطعن بحالة الاستقرار المعيشي بطرق مختلفة، فهل تشهد الأيام القادمة عودة سريعة للناس، أم يبقى التباطؤ سيد الموقف، وبشكل ينعكس سلبياً على المجتمع، وحياة الناس بشكل عام؟!.
بشير فرزان