أخبارصحيفة البعث

“العلاقة بين الثقافة والسياسة” في محاضرة بمكتبة الأسد

دمشق- سنان حسن:

قدم الرفيق مهدي دخل الله عضو القيادة القطرية للحزب، رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام في سابع أيام معرض الكتاب الدولي بنسخته الثلاثين المقام حالياً في مكتبة الأسد بدمشق، محاضرة بعنوان “بين الثقافة والسياسة”.
وأكد الرفيق دخل الله أن العلاقة بين الثقافة والسياسة هي علاقة إشكالية  بالضرورة ولم تحل حتى الآن وفيها وجهات نظر كثيرة، لكن بالتأكيد بين الثقافة والسياسة كفرعين ومكونين من مكونات البناء الفوقي في المجتمع نوع من التكامل، ولكن الأساس هو التناقض والتنافر بين الأمرين، أي أن العلاقة تكاملية وحدة الأضداد المتناقضات والمتنافرات، وغالباً ما تنتصر السياسة، حيث أنه عبر التاريخ كانت السياسة تنتصر على الثقافة رغم أن الثقافة قد تنتصر على المدى الطويل، لكن السياسة إجمالاً في كل مرحلة تنتصر، وتابع: سأطرح بعض الأسئلة ولكن الإجابة لن تكون قطعية وإنما بالتأكيد احتمالية وفيها من الخطأ بالقدر الذي فيها من الصواب، ثانياً أحاول أن أعرف السياسة والثقافة والنقطة الثالثة هو محاولة تحليل العلاقة بين الثقافة والسياسة.
وأضاف الرفيق دخل الله: إذا حاولنا أن نأخذ قصة رمزية للعلاقة بين الثقافة والسياسة تفسر المقولة التي قلتها أن السياسة تنتصر على الثقافة.. فهي قصة سقراط الذي كان يحارب ديمقراطية أثينا، بأوليفارشية الثقافة أو أرستقراطية الثقافة ، وقال إن المجتمع كالجسم ومن الضروري أن يحكم الجسم الرأس والعقل، أي أن تحكم الثقافة المجتمع ، وكان هذا بالنسبة لمجتمع أثينا أمراً صعباً، لذلك حوكم سقراط أي انتصرت السياسة على الثقافة، وحكم عليه بالإعدام لأنه ” يؤثر في جيل الشباب”، ثم هو خضع للسياسة ونفذ القانون بنفسه عندما تجرع السم قبل أن يعدموه، فسقراط أراد أن يكون “موالياً للسياسة وينفذ قرار القضاة، لكن في المحكمة قال لهم كلمة جد مهمة “: أنا ذاهب إلى الموت وأنتم ذاهبون إلى الحياة”، ثم وضع سؤالاً كبيراً: ترى مصير أي منا أفضل.. هذا ما لا يعرفه أحد” . أي أن الثقافة المقتولة أفضل من السياسة الحية، وهذا هو السؤال التاريخي.
وبين الرفيق دخل الله أن المشكلة الأساسية هي وجود عقدة نقص لدى السياسيين ولدى المثقفين – المثقفين دائماً أو العاملين في الثقافة، فالعاملون في الثقافة كلهم يريدون أن يصبحوا سياسيين، والسياسيون في كثير من الأحيان يريدون أن يكونوا عاملين في الثقافة أو مثقفين، لذلك فإنهم يتثاقفون أو يحاولون إظهار سياساتهم بأطر ثقافية أما المثقفون فغالباً ما يحاولون إظهار ثقافتهم وكأنها حلول سياسية للمجتمع.
وقال الرفيق دخل الله: إن السؤال الذي غالباً ما يطرح هو: هل السياسة ثقافة، أو هل مفهوم الثقافة يمكن أن يقبل السياسة؟ حتى أن هناك بعض النوع من التفكير بأن المفكرين أو بعض المفكرين يعتبرون أن السياسة مضادة للثقافة، ولهم مبررات ومسوغات بأن السياسة هي عكس الثقافة ، هل هذا الكلام المتطرف معقول أم لا؟ دائماً هناك في المسألة حلان، ثم هل العالم الذي نعيش فيه، عالم قائم على السياسة أم على الثقافة؟ أيضاً هناك صراع بين هذين المفهومين، هل السياسة هي التي تدير العالم أم الثقافة؟. على سبيل المثال كلنا نعيش في إطار نمط حياتي معين أساسه المركزية الأوروبية، أي كل ما يصدر عن أوروبا خير ، وكل ما يصدر عن الشعوب خارج أوروبا هو أنه شيء، بمعنى استثنائي ظرفي غير مهم، و ما هو عالمي يجب أن يكون أوروبياً. فهل نزعة المركزية الأوروبية ذات مضمون ثقافي أم ذات مضمون سياسي؟ هل العاملون في الثقافة الأوروبية منذ هيغل أو منذ توما الإكويني كانوا يحاولون البحث عن نمط الحياة في ثقافة أم في السياسة؟ هل الثقافة شرط الوجود أم السياسة؟ أم هل الثقافة شرط وجود والسياسة شرط الواقع ؟ والثقافة عندما تصبح واقعاً تصبح لا ثقافة.
وأضاف الرفيق دخل الله: إذا اعتبرنا أن المجتمع كلاً واحداً لأنها موجودة فهناك علاقة تركيبية بين الثقافة والسياسة، لأنه بشكل ما في مجتمع واحد، وفي تركيب واحد. إذن هناك علاقة جدلية “وحدة المتناقضات” وهذا يناقض التفكير التقليدي للمدرسة الفيثاغورثية، التي كانت تعتقد أن المفهوم الرياضي هو أساس الوجود. لكن المفهوم الجدلي الذي يعطي صورة أوضح للواقع يرفض المدرسة الفيثاغورثية، وفي إطار هذه الجدلية أريد أن أتحدث عن الثقافة والسياسة، ذلك أن دافع الثقافة إشباع غريزة المعرفة، أما دافع السياسة، فهو إشباع غريزة البقاء.
وهدف الثقافة البحث عن الحقيقة وهي لن تصل إلى الحقيقة أبداً، والسياسة هدفها البحث عن أفضل ترتيب للسلطة. وفي النسق أو البيئة التي يتموضع بها الجهد: الثقافة بيئتها تفاعلية تفاهمية إنسانية، بينما السياسة نسقها صراعي حتى لو تم الوصول إليها بالطرق السلمية فهي فرض إرادة على إرادة. وفي التكامل، فالثقافة منهجها تكاملي أفقياً وعامودياً، أم في السياسة فهي غير تكاملية.
بعد ذلك فتح باب النقاش والحوار حيث أجاب الرفيق دخل الله على أسئلة الحضور .
ثم قامت إدارة مكتبة الأسد الوطنية بتقديم درع تذكاري للرفيق دخل الله.