أي إعلام نريد؟!
مع إطلاق الحكومة حملتها لمكافحة الفساد على كل المستويات دون “تراخي أو تأجيل أو تجاهل أحد” على مبدأ “لا أحد فوق القانون”، يبرز هنا دور الإعلام الوطني ليكون شريكاً حقيقياً في الإشارة إلى مكامن الخلل والخفايا والكواليس وكشفها على حقيقتها لمساعدة أصحاب القرار في اتخاذ الإجراء المناسب.
هنا طبيعي أن نسأل: هل منظومتنا الإعلامية بشكلها الحالي قادرة على أداء هذا الدور الذي ينتظره المواطن على أحر من الجمر..؟!
مهما تعددت الإجابات واختلفت سواء بنعم أم لا، ثمة حقيقة واضحة لا يمكن تجاهلها هي إن أردنا لإعلامنا أن يكون الداعم الأساسي لحملة الحكومة التي لاقت قبولاً جماهيرياً، حقيقة مفادها أن إعلامنا كان ولا يزال غير قادر على الاقتراب من تخوم الفساد إلا ما ندر، “عالخفيف” نتيجة أسباب كثيرة من بينها الفهم غير الواضح لدور الإعلام كمرآة للمجتمع بسلبياته وإيجابياته!
للأسف أقيمت في سورية الكثير من ورشات العمل والندوات من بينها مؤتمر وطني للإعلام والمواطن، تحت شعارات كبيرة دعت جميعها لتطوير الخطاب الإعلامي السوري ليكون أكثر قرباً من المواطن، لكن ولا مرة وصلنا إلى التطبيق العملي لما تم طرحه من كلام نظري على مدار ساعات طويلة!!
في حملة مكافحة الفساد نحتاج لإعلام من نوع خاص يخافه الفاسدون، هو الإعلام الاستقصائي الذي يمثل جرس إنذار لمواجهة الخطر، ونجزم أن الخطوة الأهم في نجاح حملة الحكومة هي بفتح أبواب المؤسسات والمنشآت أمامه من أجل كسر حاجز الصمت والإشارة بوضوح إلى حالات الفساد ونبش الأسرار المغمورة بالغرف المغلقة، ونعتقد أن لدينا كفاءات صحفية وإعلامية قادرة على إنجاز تحقيقات استقصائية، والدليل فوز العديد من الصحفيين السوريين بمراكز متقدمة في مسابقات إقليمية وعالمية في هذا النوع من الإعلام.
بالمختصر، إجراءات الحكومة في بتر الفساد على كافة الجبهات تحتاج إلى بناء إعلام وطني قوي وفعال يتمتع بكامل الصلاحيات التي تمكنه من الإضاءة على كل الملفات وفتحها أمام الرأي العام المحلي بالتنسيق مع الأجهزة المختصة، بشرط عدم حجب المعلومات وتأمين الضمانات والحماية والدعم بكافة أشكاله للزملاء الصحفيين الذين يتصدون لمواضيع الفساد، فالتحقيق الاستقصائي يحتاج لجهد غير عادي يلزمه راحة ذهنية ومادية بعيداً عن أي ضغوط قد تؤخر إنجازه أو عدم نشره!!
غسان فطوم
ghassanftom@gmail.com