حصر القبول في اختصاص “معلم صف” بالفرع العلمي قرار صائب أم خاطئ؟!
لم يحظ قرار مجلس التعليم العالي الخاص بحصر القبول في اختصاص معلم صف في كليات التربية بحملة الشهادة الثانوية الفرع العلمي، اعتباراً من العام الدراسي القادم 2018-2019، بقبول ورضى ذوي الطلبة، وتحديداً ممن يدرسون في الفرع الأدبي، حيث اعتبروا القرار مجحفاً بحق شريحة كبيرة من الطلبة ترغب بممارسة مهنة التدريس، ليأتي هذا القرار ويبدد أحلامها، وكأن طلبة “الأدبي” من الدرجة الثانية؟!.
إشارات وعلامات استفهام وتعجب طغت على البيت السوري خلال الأيام القليلة الماضية من عمر القرار، وهم على بعد أسابيع من صدور معدلات المفاضلة العامة، فكيف تلقوا هذا القرار؟! وما هي وجهات نظرهم ومقترحاتهم؟!.
قرار ظالم!!
تتساءل مرح محمود، ناجحة في الثانوية العامة (أدبي): ماذا أبقت وزارة التعليم العالي للفرع الأدبي؟! لماذا هذه القسوة بالتعامل مع أحلام وطموحات الطلبة؟! هل استكثرت علينا هذا التخصص؟!.. نأمل أن تتراجع الوزارة عن قرارها لأنه يظلم شريحة كبيرة من الطلبة طموحها العمل في التدريس!.
واستغربت نيرمين حمود (أدبي) كيف تُقدم وزارة التعليم العالي، بالتنسيق مع وزارة التربية، على هكذا قرار وهي تعلم أنه لن يرضي طلبة الفرع الأدبي، وخاصة الفتيات اللواتي يحبذن العمل في مهنة التدريس، وأضافت: للأسف تلاشت أحلامنا التي رسمناها على الورق ونحن على بعد أيام من صدور معدلات المفاضلة العامة للعام الدراسي القادم؟!.
سخرية!!
سخر جورج سلوم، مدرّس في الحلقة الأولى، ممن يقولون إن خريج الثانوية الأدبية غير قادر على تعليم مواد مثل الرياضيات، والعلوم، وغيرها من المواد العلمية، مؤكداً أن التجربة في العديد من المدارس أثبتت نجاحهم وهم من خريجي اختصاص معلم صف في السنوات السابقة، متسائلاً: ما الذي حصل وجعل التعليم العالي تتخذ مثل هذا القرار؟!.
“حرام عليكم”، كلمتان لم تتردد سونيا الجمال في قولهما بحزن وألم، وهي تعبّر عن ضياع حلمها بدراسة اختصاص معلم صف كونها تحلم بأن تكون مدرّسة أسوة بوالدتها مدرّسة اللغة العربية، ودعت وزارتي التربية والتعليم العالي لتعويض طلبة الفرع الأدبي باختصاص جديد يحقق طموحاتهم بالتدريس.
وتؤكد ذلك ايلانا خليل بقولها: من يتهم خريجي “معلم صف” أنهم لا يعرفون تدريس الرياضيات وغيرها من مواد علمية هو بالتأكيد خاطئ، لأن الطالب في كلية التربية درس مواد: “رياضيات، هندسة، جبر، إحصاء، فيزياء، كيمياء”، مشيرة إلى أن أغلب مواد اختصاص معلم الصف يغلب عليها الطابع الأدبي من “فلسفة، وإرشاد نفسي، وعلم نفس”، فلماذا هذا الظلم؟!.
وقال ظافر عبود: تطوير العملية التعليمية في المدارس لا يكون بحرمان شريحة من الطلبة من دراسة اختصاص يعتمد على الرغبة أكثر من الدرجة، وبرأيه أن الوزارة لم تكن موفقة بهذا القرار، وكان بالإمكان تلطيفه بدلاً من الصيغة التي خرج بها، والتي لم تحظ بقبول الطلبة؟!.
تساؤلات مشروعة
وتساءل محمد حمدان، مدرّس لغة عربية: إذا حرم طلبة الفرع الأدبي من اختصاص معلم صف، فماذا بقي لهم؟ معتبراً القرار ظالماً بالرغم من علم وزارتي التربية والتعليم بتفوق طلبة الأدبي في المواد العلمية، متسائلاً: أين كانت خلال السنوات الماضية من عمر اعتماد اختصاص معلم صف، هل الآن تم اكتشاف أن الخريجين من حملة الثانوية الأدبية غير أكفاء للتدريس في المواد العلمية؟!.
وسألت نجوى دحدل: هل سيؤثر القرار على معلمات الصف اللواتي يمارسن عملهن حالياً في المدارس بعد خبرة عمل تمتد لسنوات؟!.. متمنية ألا يحدث ذلك، داعية إلى ضرورة إعادة تدريب وتأهيل الأساتذة ليكونوا أقدر على مواكبة تطور العملية التعليمية التي تتطور كل عام.
قرار إيجابي!!
على الطرف الآخر أيّد العديد من الطلبة والعاملين في الحقل التربوي القرار المذكور، معتبرين أن ذلك كان يجب أن يتم منذ إحداث الاختصاص حفاظاً على جودة العملية التربوية التي تعاني الكثير من المطبات!.
المدرّس هيثم سميا اعتبر القرار ممتازاً، وشكر الوزارة عليه، لأن ذلك من وجهة نظره سيعمل على تحسين الأداء في المدارس التي تشكو من ضعف المدرّسين، وخاصة في المواد العلمية كالرياضيات، والفيزياء.
بدورها رأت سهام ونوس أن القرار جيد، ويمكن أن يساهم في تحسين المخرجات، وتشير إلى أنها تعرف بعض الطالبات في الفرع الأدبي ممن يدرسن حالياً باختصاص “معلم صف” لديهن معاناة واضحة مع المواد العلمية، وإن نجحن فيها فغالباً ما يكون ذلك بمعدلات ضعيفة، وهذا برأيها ستكون له منعكسات سلبية على طلبة المدارس من خلال توفر مدرّسين على مستوى جيد.
ولفتت عبير سليمان إلى أن القرار يحتاج لدعم لجهة أن يواكب بتطوير وتحديث منهاج اختصاص معلم صف، وخاصة العلمي منه، لأن مدارسنا تعاني من ضعف في هذا الجانب، وأن يكون الجانب العملي في الكلية هو الغالب، وغير ذلك يكون القرار قد ظلم طلبة الفرع الأدبي.
توضيحات ومبررات
بالاتصال مع الدكتور رياض طيفور، معاون وزير التعليم العالي لشؤون الطلبة، للوقوف على مبررات اتخاذ القرار موضوع البحث، أكد أن القرار ليس وليد لحظته، بل جاء بعد دراسة معمقة، وبالتنسيق خطوة خطوة مع وزارة التربية، وبعد ورشة عمل مشتركة لجميع المعنيين بالتربية والتعليم، تم بنهايتها التوصل إلى هذا القرار الذي أعتبره إيجابياً ويصب في مصلحة المنظومة التعليمية على المديين القريب والبعيد.
وأضاف: الهدف من القرار هو تحسين مخرجات وجودة التعليم على كل الصعد، خاصة أن وزارة التربية أعلمتنا أن طالب الأدبي ليست لديه الإمكانات والأدوات اللازمة لمتابعة اختصاص معلم صف.
ولفت طيفور إلى أن القرار لن يكون لديه أي أثر لجهة ارتفاع أو انخفاض معدلات القبول باختصاص معلم صف، موضحاً أن النسبة التي كان يتم أخذها من طلبة الأدبي سيتم تعويضها بمكان آخر.
ويبقى أن نقول: إن المشكلة في قراراتنا، سواء في وزارتي التعليم العالي، والتربية، أو غيرها من الوزارات، في أنها غالباً ما تأتي متأخرة، ما يجعلها سلبية الأثر على شريحة ليست بالقليلة، كما حصل الآن في قرار “التعليم العالي”، نعتقد أنه كان بالإمكان أفضل مما كان لو تم إحداث اختصاص “معلم صف” وفق نظرة استراتيجية تدرك جيداً ماذا نحتاج ونريد في مدارسنا حاضراً ومستقبلاً!.
هامش
تتضمن القواعد الجديدة لاختصاص معلم صف أن يكون الطالب حاصلاً على 60 بالمئة على الأقل من درجة مادة الرياضيات، وكذلك 60 بالمئة على الأقل من مادة اللغة العربية في الشهادة الثانوية، إضافة إلى إجراء مقابلة شخصية في الكلية للتحقق من اللياقة الصحية والنفسية تتم من قبل لجان يؤلفها رئيس الجامعة في كليات التربية بعد صدور نتائج مفاضلة القبول الجامعي، ويكون النجاح فيها شرطاً للتسجيل.
ووفق قرار مجلس التعليم العالي تتم المقابلة خلال الفترة المحددة لتسجيل الطلاب المقبولين، ويقبل الطالب الذي لم ينجح في المقابلة في الرغبة التالية التي يحق له التسجيل فيها وفق بطاقة مفاضلته بعد إبراز وثيقة خطية من الكلية المعنية بأنه لم ينجح في المقابلة، ويعد مستنكفاً عن التسجيل في اختصاص معلم صف من لم يجر المقابلة الشخصية في الموعد المحدد لها، ولا يسوى وضعه وفق ما ذكر سابقاً.
غسان فطوم