أسامة دياب.. الرماد المخصب في صالة كيالي
يتابع الفنان أسامة دياب مسيرته التشكيلية بإصراره على الحضور بلوحته وتقديمها في المعارض الجماعية والفردية على حد سواء، مثله مثل أغلب فناني جيله المشغولين بالتفاعل الاجتماعي وقنوات تواصلها والمشاركة الثقافية، أكثر مما يهتمون بمشاغل اللوحة ذاتها من حيث البحث التقني ومعالجة الفكرة والذهاب نحو إنتاج الدهشة وأدوات التأثير والإبداع، ويبدو أن هناك فرقا في الدرجة عند أسامة دياب قد حققه في هذا المعرض وبدا واضحا في جوانب معينة تفّوق بها وتجاوز بعض من ملامح معرضه السابق الذي أقامه في المكان نفسه، إلا أن عناصر العمل الفني بقيت تراوح مكانها حتى في العناوين: “رماد ملون– رماد مخصب”. وحسبي أن هذه المقولات لا تتجاوز مقولة الأدب البسيط الذي يستخدمه البعض في استهلال معارضهم وعناوينها، مما يوقعهم في مطب الاستجداء والتبريرية هذا إن لم يكن واقع اللوحة المنجزة محققة لمقولة الفنان الكاملة والواثقة بخبرتها وسطوتها بوعي مختلف وأخاذ، وتتضح معالم هذا الوعي والجدية في هذا المعرض وفي مسيرة هذا الفنان المجتهد والخلوق، فقد تشكل المرأة العنصر الأثير للفنان، فلا تكاد تخلو لوحته من توفر هذا الموديل الذي يحمل باقة الورد أو الكتاب وترنو إلى سمكة تسبح في صمت المكان الذي يوشحه بعض الصباغات القوية والتمشيحات اللونية الشجاعة من فئة مغايرة لعائلة الألوان التي تؤلف العمل،هذه الجرأة المحببة تنتمي إلى طبيعة وظيفية من المعالجات التي توقع صاحبها في التبسيط المحاذي لصيغة الإعلان أو البوستر الذي يسعى للاستحواذ المباشر على عين المتلقي لوقت قد لا يطول ولا يستدعي استجلاب روح التفاعل بين المتلقي واللوحة، ويغيّب متعة التجوال البصري فيها، هذه البيانية المباشرة من الاستعراض في مقولة الفنان تفقدها خاصية المتعة والتشوف، وإن توفرت تجعلها قصيرة لا تترك أثرها بعد مغادرة اللوحة، وتنسى لأن هناك الكثير مما يشبهها ربما في لوحة مجاورة أو في تجربة أخرى مجاورة أيضا..خاصة وأن “مدينتنا الجميلة كل شيء فيها قريب لبعضه”، وهذا ما يوقع الكثير من الفنانين في تجاور الفكرة وأحيانا تطابقها،وميزة أسامة دياب هي تلك النبرة العالية في اللون والتكوين النبيل المتماسك بالخط والقليل من العناصر والمشتقات من الألوان المتكاملة.
يحسب لهذا المعرض قيمة خاصة في برنامج الصالة التشكيلي لهذا العام، فقد أنقذَ غيابَها عن مواكبة الجدية التي حققتها في الأعوام السابقة، فمن خلال خمس وعشرين لوحة في هذا المعرض يكون دياب هو البادئ لنشاط موعود تواكبه الندوة الموازية التي يحضرها الفنان بلغته وشخصه المحبب لأصدقائه وزملائه الفنانين، حيث يتوج هذا المعرض بالمودة المعهودة بين أهل الجمال في بيتهم واتحادهم العتيد وفي “صالة اتحاد الفنانين– فرع دمشق” .
أكسم طلاع