«القطبة الخفية» في مسألة المهجّرين السوريين
د. مهدي دخل الله
لعل مسألة عودة السوريين الذين غادروا هرباً من ويلات الإرهاب أضحت عنصراً مهماً في اللعبة الدولية والإقليمية الكبرى حول سورية.
عودة هؤلاء تراها بعض الدول المضيفة مادة للابتزاز السياسي أو المالي أو سرقة العقول:
1- ما تقوم به الدول الأوروبية من ربط العودة بما يسمونه «الحل السياسي» معناه اعتبار هؤلاء الهاربين من الإرهاب مادة سياسية لفرض حلول معينة على سورية، أي إن سلاح الإرهاب الذي لم يعد فاعلاً يُستبدل بسلاح الضغط «الإنساني» على دولة منتصرة..
إن «الحل السياسي» هنا حق يراد به باطل. الحق تطرحه سورية التي تريد لملمة جراحها وتعزيز وحدة شعبها، وهي في سبيل ذلك تقوم بما لم تقم به دولة من قبل، أي المصالحات والعفو وقبول الذين حملوا السلاح ضد شعبهم «من أجل حفنة من الدولارات» في صفوف الشعب نفسه مع كل ما يمكن أن تتحمله النفس الجريحة من تسامح وعفو. أما الباطل فهو محاولة الدول الأوروبية استغلال «المسألة الإنسانية» لهؤلاء المهجّرين من ديارهم لتحقيق غايات سياسية هي تدخل سافر في الشؤون الداخلية لبلد يتمتع بحساسية مفرطة تجاه التدخل في شؤونه.
2- الأخطر من هذا الابتزاز السياسي هو أن الدول الأوروبية تحاول الاستفادة القصوى من السوريين الموجودين على أرضها عبر عملية انتقاء للعقول والإمكانات المتميزة – وهي كثيرة جداً – من بين المهجّرين والاحتفاظ بها عبر عملية «سرقة عقول» ضخمة، ربما ليس لها سابق في التاريخ المعاصر. إن هذه الاستفادة من فرصة وجود مئات الآلاف من السوريين على الأرض الأوروبية تعد اعتداءً «إنسانياً» على الشعب السوري وعلى جوهر الكيان السوري الذي يتميز بحيوية أبنائه.
لكن هذا الوضع يطرح أمام الدولة السورية مهمة كبيرة، وهي أن تجد الأسس والحلول التنظيمية للاستفادة من العقول الوطنية المتميزة التي يتلهف عليها الأجانب بينما تكون في وطنها مهملة تماماً، حيث (لا كرامة لنبي في وطنه)..
3- أما الدول الصغيرة حولنا، فهي ترى في المهجّرين السوريين عندها «باب رزق». أموال ضخمة جداً حصل عليها لبنان والأردن من المنظمات الدولية والأمم المتحدة بذريعة وجود هؤلاء على أراضيهم، إضافة إلى ذلك حصل البلدان الشقيقان على مرابح هائلة من هجرة من نوع آخر. إنها هجرة السوريين «المليئين» مع أموالهم ومهنهم وخبراتهم التي دعموا بها اقتصاد البلدين المضيفين، أما تركيا فقد كانت استفادتها مضاعفة… تعويضات دولية وسرقة مصانع وأموال وتجنيس للعقول السورية النوعية..
mahdidakhlala@gmail.com