دراساتصحيفة البعث

الزلزال السوري.. بيان فرنسي لرفع العقوبات

هيفاء علي

أكثر من أسبوع مضت على الزلزال المرعب والمدمر الذي ضرب سورية في مدينة اللاذقية وحلب وحماه وادلب وجبلة، مخلفاً خسائر وأضرارا مادية وبشرية كبيرة.

وعلى الرغم من حجم الدعم العربي الكبير والأجنبي المحدود، إلا أن الحديث عن الزلزال السوري في وسائل الإعلام الغربية الرسمية يكاد يكون غائباً، وليس هناك أي تغطية إعلامية له، بل هناك تغطية للزلزال في تركيا فقط. على سبيل المثال، عند تصفح المواقع الالكترونية لوسائل الاعلام الفرنسية الحكومية، لم نجد أي خبر أو تحليل للكارثة الطبيعية التي تعرضت لها سورية، حتى موقف الحكومة الفرنسية والأمريكية والألمانية كان مستغرباً، حيث اشترطت فرنسا وألمانيا لإرسال مساعداتها أن تتم عبر المنظمات غير الحكومية.

يا له من موقف ساخر يعكس قسوة نظام قائم على رفض الإنسان، ويعتبر نفسه مهد الانسانية، ففرنسا هذه كانت رأس الحربة في جوقة المتآمرين على سورية، وتتحمل مع حلفائها وأزلامها كامل المسؤولية عن الدمار الذي تعرضت له سورية على كافة الصعد، كما تتحمل مسؤولية سقوط عدد كبير من الشهداء، وتهجير المئات من السوريين، لأنهم هم من استقدموا وجندوا المرتزقة، وقاموا بتمويلهم، وتدريبهم وتسليحهم لتدمير الدولة السورية بكل مكوناتها، وعندما تحل الكارثة الطبيعية، يتمنعون في البداية عن المساعدة ومن ثم يقررون تقديم المساعدة ولكن بشروط!

وإذا كانت الحكومات الغربية بهذه الدرجة من القسوة والازدواجية، فهناك شخصيات غربية، فرنسية على وجه التحديد، حرة، رفضت هذه الإزدواجية، وطالبت حكوماتها بالقيام بواجبها الأخلاقي قبل كل شيء تجاه السوريين في مصابهم، وخير شاهد على ذلك قيام أربعة وزراء سابقين في فرنسا بإطلاق نداء في 7 شباط الجاري يدعون فيه فرنسا والاتحاد الأوروبي إلى رفع عاجل للعقوبات الاقتصادية الجائرة المفروضة على سورية.

وتم التوقيع على البيان من قبل المئات من الشخصيات من مختلف الخلفيات والجمعيات السياسية، وقد تم إطلاق النداء عقب الزلزال الذي ضرب سورية، وتسبب في سقوط آلاف الضحايا، وتشريد أكثر من خمسة ملايين سوري، وتم توجيهه الى القادة السياسيين والأوروبيين لحثهم على رفع العقوبات بشكل عاجل وفوري. ولقد جاء النداء على الشكل التالي:

“ضرب زلزال كبير سورية للتو، ما أضاف كارثة طبيعية مدمرة إلى المأساة الإنسانية التي يعيشها السوريون. وتستمر حصيلة القتلى في الإرتفاع في مدن حلب واللاذقية وحماة وإدلب.

نحن الموقعون على هذا النداء، ندعو فرنسا والاتحاد الأوروبي إلى الرفع العاجل والفوري للعقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية تماشياً مع التقرير الذي نشرته المقررة الخاصة للأمم المتحدة، السيدة ألينا دوهان، أستاذة القانون الدولي، في تشرين الثاني الماضي، والتي دقت ناقوس الخطر ضد العقوبات الاقتصادية وتأثيرها الكبير على وضع السكان. حيث لفتت إلى أنه اليوم، يعيش 90٪ من السوريين تحت خط الفقر، مع وصول محدود للغذاء والماء والكهرباء ووقود الطهي والتدفئة.

لقد ادعى برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة أن سورية على شفا مجاعة جماعية، ومنذ اثني عشر عاماً كانت سورية في قبضة حرب طاحنة لا نهاية لها. إن العقوبات “أحادية الجانب”، التي تؤثر بشدة على السكان المدنيين، تجعل الوضع اليوم لا يطاق بالنسبة لآلاف السوريين الذين يعيشون في ملاجئ مؤقتة. وبينما يتم الإعلان عن عاصفة في المنطقة، فإن القلق الإنساني البسيط يتطلب رفع العقوبات عن المواد الغذائية والطبية الأساسية بشكل فوري وعاجل. وبنفس الإلحاح لمساعدة السكان المتضررين، يُطلب أن تكون جميع المنظمات غير الحكومية والجمعيات المصرح لها أو التي يحتمل أن تعمل مع الصليب الأحمر واللجنة الدولية، مؤهلة للحصول على الأموال التي يجب أن تحشدها فرنسا والاتحاد الأوروبي”.

جدير بالذكر أنه من بين الموقعين على البيان، وزير الخارجية السابق رولان دوما، ونظيره السابق هيرفييه دو شارت، ووزير الداخلية والدفاع السابق بيار جوكس، والنائب السابق جيرار بابت، ودوني برومان الرئيس السابق لمنظمة أطباء بلا حدود، والسفير السابق ميشال رامبو، والشاعر أدونيس، والدكتور راسبين رئيس أكاديمية باريس للجيوبوليتيك، والنائبة الأوربية السابقة باتريسيا لالوند، وماجد نعمة.