اقتصادصحيفة البعث

المهاجرون الجدد.. حاجة اقتصادية أميركية ماسّة

دخل الاقتصاد الأميركي في مرحلة اللابطالة في العديد من القطاعات التي لا تستطيع الآن إيجاد عمالة لتوظيفها، ما اعتبره اقتصاديون «تهديداً للنمو إذا لم يُفتح باب الهجرة، وقد انخفضت نسبة البطالة إلى أدنى من 4%، أي إلى أقل مستوى منذ بداية سبعينيات القرن الماضي. ففي العديد من القطاعات «تؤجل الاستثمارات والتوسعات لأسباب متعلقة بنقص العمالة على أنواعها الماهرة وغير الماهرة»، كما يؤكد الاقتصادي نيكولا لورين، في تحليل نشرته «ليزيكو» المالية والاقتصادية أن التوظيف سهل. وكان نيسان الماضي قد سجّل رقماً قياسياً من تلك العروض التي بلغت 6,7 ملايين عرض على المستوى الوطني العام. وانخفضت نسبة عدد العاطلين إلى عدد الوظائف الشاغرة إلى أحد أدنى مستوياتها التاريخية تحت 0,9%، ويقول محلل من «فاند سترات غلو بال أدفايزرز» إن الولايات المتحدة سينقصها 8,2 ملايين عامل وموظف خلال السنوات العشر المقبلة إذا استمر الوضع الاقتصادي نامياً باطراد، كما تشير المؤشرات الحالية، وإذا حصل ذلك سنشهد أكبر نقص عمالة تعاني منه الولايات المتحدة منذ 50 سنة.

وتكبر شيئاً فشيئاً قائمة القطاعات التي تعاني من هذا النقص وعلى نحو خطر في بعض الحالات. فالعديد من الولايات تطلب أطباء ومهندسين وممرضين وسائقي شاحنات وخدماً ونادلي مطاعم وعمالاً زراعيين، ولا تجد تلك الولايات ما يكفي لتلبية هذه القطاعات، فقطاع النقل البري يحتاج إلى 50 ألف سائق، علماً بأن الرقم سيرتفع إلى 90 ألفاً في السنوات المقبلة وفقاً لجمعية مالكي الشاحنات. كما يعاني قطاع الطاقة المزدهر نسبياً بفضل النفط الصخري من هذا النقص أيضاً، فقد تباطأ الإنتاج في حقول واقعة في ولايتي تكساس ونيو مكسيك لعدم توافر عمالة كافية في هذا القطاع الذي تعافى سريعاً بعد ارتفاع أسعار النفط الصخري  والمجموعات والشركات الكبيرة ليست بمأمن من هذا العجز العمالي. ومما فاقم هذا الواقع أن جيل مرحلة الازدهار، أي الذين دخلوا سوق العمل في السبعينيات، يواصلون تقاعدهم بكثافة، وفي السابق كان الإحلال يحل الأزمة العمرية والديمغرافية ويحصل بسهولة بفضل استقبال المهاجرين الجدد، حتى وصلت نسبة العاملين الأجانب في الولايات المتحدة الذين هم من مواليد بلدانهم الأصلية إلى أكثر من 17% من إجمالي القوة العاملة، وفقاً لإحصاءات صادرة عن وزارة العمل، وعددهم أكثر من 27 مليون شخص، ربعهم يعمل خلافاً للقوانين، أي إنهم من المهاجرين المخالفين لشروط الإقامة، لكنّ سوق العمل يستوعبهم، ففي بلد يعاني من زيادة شيخوخة سكانه، تبدو الحاجة إلى مهاجرين جدد أمراً بديهياً.