دراساتصحيفة البعث

طعنة واشنطن لأردوغان

ترجمة: عناية ناصر
عن موقع غلوبال تايمز 12/8/2018
نشبت اضطرابات جديدة في العلاقات الأمريكية التركية بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر تغريدة على تويتر، أنه أجاز فرض رسوم جمركية أعلى على الواردات القادمة من تركيا. وقال: “ستصبح الرسوم على الألمنيوم 20٪ وعلى الصلب 50٪”، لأن الليرة التركية تنحدر “سريعاً نحو الأسفل مقابل الدولار القوي للغاية”. كما أوضح ترامب بشكل صريح أن “علاقاتنا مع تركيا ليست جيدة في الوقت الراهن”!.
انخفضت الليرة التركية بنسبة 18 في المائة، بعد تغريدة ترامب، وهو أكبر هبوط خلال يوم واحد منذ الأزمة المالية في البلاد في عام 2001. وادّعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشكل مشين أن تركيا كانت “هدفاً للحرب الاقتصادية”. وقال أيضاً: “نحن نخوض حرب الاستقلال والمستقبل هذه”.
تركيا هي حليف أساسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وكذلك الدولة الإسلامية الوحيدة في الناتو، وكونها دولة أوراسية عابرة للقارات، تسيطر تركيا على الممر الوحيد بين البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط. كما أنها الدولة الإسلامية الأكثر صناعية في الشرق الأوسط. لن يصدق أي خبير استراتيجي أن الولايات المتحدة لديها أي سبب للتخلي عن تركيا.
لكن العم سام، الذي ينادي الآن بسياسة “أمريكا أولاً”، قد غيّر نهجه السابق وطعن تركيا في ظهرها، الأمر الذي سيلحق الضرر بأنقرة.
لقد انهار نمط الحرب الباردة وتغيّرت قيمة الحلفاء، إذ تريد واشنطن الحفاظ على نظام تحالفها، إلا أنها ترغب أيضاً في نهب أموال الحلفاء التي كانت تساعدهم ذات يوم اقتصادياً. انحرفت واشنطن عن الإطار السابق لسياستها في الشرق الأوسط، ونتيجة لذلك، لم تعد الولايات المتحدة وتركيا في المسار نفسه حول الاعتراف المتبادل والمصالح المشتركة، وأصبح كلاهما متباعدين عن بعضهما البعض.
واشنطن المتغطرسة لا يمكنها إغفال دور تركيا في الشرق الأوسط، لكن يبدو أن البيت الأبيض الآن غير راغب في أن يكون رحيماً مع تركيا، حليفه الحاسم خلال الحرب الباردة، لهذا بدأ في جلد أنقرة.
في وقت ما كان “التحالف” بينهما يهدف إلى مواجهة التهديدات. لكن واشنطن عبّرت عدة مرات في الآونة الأخيرة أنها عندما توفر الحماية الأمنية ، يجب على حلفائها أن يدفعوا فاتورة ذلك. فعندما تطالب الولايات المتحدة حلفاءها بأثمان باهظة مقابل الحماية فعلى تلك الدول ألا تتذمر وتشتكي.
تخطّط الولايات المتحدة لبناء قوة فضائية، في محاولة لجعل البلاد قوية بما يكفي لقيادة العالم بأسره، عندها ليس أمام الحلفاء من خيار سوى التزلف إلى واشنطن.
إن صفعة رسوم ترامب الجمركية الموجهة ضد تركيا هي درس لأنقرة، وتحذير لحلفاء الولايات المتحدة الآخرين أنه لا ينبغي لأية دولة أن تضع مصالحها فوق مصالح الولايات المتحدة.
وبالنظر إلى الأنانية الإستراتيجية للولايات المتحدة وقسوتها وتحولها ضد حلفائها، فمن الخطورة بمكان الاعتماد كثيراً على اقتصاد هؤلاء الحلفاء أو أمنهم.
تركيا قريبة جغرافياً من أوروبا، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالغرب اقتصادياً وسياسياً. وفي الوقت نفسه، تعمل على تحسين العلاقات مع روسيا وإيران وتدعم مبادرة الحزام والطريق في الصين. كيف ستعدّل تركيا إستراتيجيتها في الساحة العالمية؟ لاشك أن ذلك سيكون له انعكاسات كبيرة على العالم.