ضجر من جدوى الحملات والضبوط وخبراء يطالبون بالجمعيات الأهلية كبديل “حماية المستهلك” تسقط في امتحان العيد وحال الأسواق تفضح التصريحات
سقطت وزارة “حماية المستهلك” في امتحان العيد عندما فشلت فشلاً ذريعاً في إرجاع الثقة المفقودة مع المواطن، حيث ذهبت تصريحات واستعدادات الوزارة التي نادت وتغنت بها من خلال وسائل الإعلام قبل أيام العيد وذلك وفق تأكيدات المعنيين على سلة كاملة من التحضيرات تتضمن إحكام وتشديد الرقابة التموينية ولاسيما مستلزمات العيد، إضافة إلى ضبط ومراقبة أسعار وجودة الألبسة ومطابقتها للمواصفات القياسية وتداول الفواتير بين حلقات الوساطة التجارية، ولأنه كما يقال “عند الامتحان يكرم المرء أو يهان” فقد أكدت الأيام الماضية الغياب التام لحماية المستهلك من الأسواق مع فلتان الأسعار الكبير رغم وجود عناصر الرقابة في بعض الأماكن -لغاية في نفس يعقوب كما يجمع المواطنون- وهم الذين يشاهدون بعض عناصر الرقابة يدخلون المحال التجارية ويقبضون “العيدية” ليعوضها التاجر من جيوب المستهلك، متهمين دوريات الرقابة بالانتقائية وتعامل الخيار والفقوس عبر غضّ الطرف عن الكثير منهم وعن العديد من المحال والمراكز التجارية، بل وصلت الازدواجية في أخذ وسحب العينات من المواد والسلع المشبوهة من دون إي إجراء، في الوقت الذي يوضح مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية حسام نصر الله أن دوريات الرقابة كانت في حالة استنفار كامل على مستوى المحافظات من خلال الجولات الميدانية المكثفة على مدار الساعة وضمن جدول مناوبات طوال أيام العيد، إضافة إلى تشديد الرقابة على عمل المخابز ومتابعة المواد مجهولة المصدر، على أن يتم موافاة الوزارة بتقارير يومية تتعلق بالضبوط، وهنا يشكك الخبير الاقتصادي الدكتور سنان علي ديب في مصداقية التصريحات السابقة، معتبراً أن الأسواق تضج بحالة فوضى عارمة نتيجة عجز وزارة “حماية المستهلك “ عن قمع ظاهرة فلتان الأسعار مع فساد بعض العاملين بها، مشدداً على ضرورة إجراء تغيير جذري على أدواتها الرقابية وآلياتها، وتحويل العقوبات لوسيلة للردع وفرض القانون وضبط موضوع الفوترة.
واتهم الدكتور ديب الوزارة بالتخلي عن مهامها الأساسية ولاسيما التدخل في السوق وحماية المستهلك وكسر الاحتكار مع التسعير الإداري العادل، لافتاً إلى أن الوزارة لم يبقَ من عملها إلا اسمها “حماية المستهلك” داعياً – في حال بقيت الوزارة مبتعدة عن مهامها الأساسية – إلى الاستغناء عنها كوزارة واستبدالها بجمعيات أهلية حقيقية تقوم بمقام عمل الوزارة.
وبين الدكتور ديب أن الأسعار لم تكن تناسب الأغلبية وضبطها روتيني يتعلق بالقوة الشرائية، علماً أن مهمة الوزارة لا يقتصر على ضبط الأسعار وإنما التدخل بالعرض بأسعار مناسبة تضغط على أسعار السوق. مؤكداً أن كل ما أعلن ويصرح به من قبل المعنيين في الوزارة يبقى كلاماً إعلامياً روتينياً ولاسيما أن أسعار المواد الغذائية والأساسية وإيجارات الفنادق السياحية والمطاعم والمقاهي المزاجية هي العنوان.. بشكل عام.
إلا أن نصر الله أكد أن حماة المستهلك موجودون على الأرض، ويقومون بدورهم على أكمل وجه من خلال التشديد على التزام الباعة بالأسعار وتداول الفواتير ومراقبة حركة انسياب السلع، منوهاً بدور المواطن في التعاون مع عناصر جهاز حماية المستهلك، ولاسيما في تنفيذ تطبيق “عين المواطن” الذي جعل المستهلك رديفاً حقيقياً للمراقبين في الأسواق، إضافة إلى مبدأ الرقابة الاستقصائية والجولات الميدانية على الأسواق ومتابعة وتقصي عمل عناصر جهاز حماية المستهلك.
ليأتي الرد على لسان المواطنين من خلال استبيان “البعث”، حيث اتفقت جميع الآراء على تسلل الملل إلى النفوس من غياب جدوى الحملات التموينية وموضة الضبوط، ولاسيما أن الأسواق تعاني فلتاناً كبيراً في الأسعار، حيث التغنّي بعدد الضبوط اليومية ليس إلا “تطبيلاً وتزميراً” من قبل حماية المستهلك، إضافة إلى تواطؤ بعض مراقبي التموين مع التجار، في ظل وجود تفاوت كبير في الأسعار من منطقة إلى أخرى ومن محل إلى آخر بشكل مزاجي، مع تحكم أصحاب المحال الذين يضربون عرض الحائط بكل القرارات والإجراءات التموينية القاصرة، التي لم تقنع المستهلك من خلال أجهزتها الرقابية، وخاصة في ظل الانتقادات وعدم الثقة، مع الدور الرقابي المفقود، ولاسيما وسط فوضى الأسواق وتناقضاتها وحالات الاحتكار وفلتان ظاهرة التلاعب في المواصفات واتساعها، وبيع الأغذية والمواد والسلع المغشوشة، لتكون دوريات حماية المستهلك هي الحاضر الغائب، كما وصفها بعض المواطنين الذين أكدوا أن تصريحات المعنيين لا تغني ولا تسمن من جوع في ظل عدم توفر النية والإرادة والبرنامج الواضح المنطلق من أخذ دور وزارة “حماية المستهلك” في ظل الأزمات، والمتمثّل بتدخل حقيقي عن طريق الاستجرار الذاتي أو مؤسسة التجارة الخارجية، وخاصة أن الظروف الاستثنائية تحتاج لإجراءات استثنائية تكون أكثر فاعلية وتأثيراً في مثل هذه الظروف. وطالب المواطنون بتشديد العقوبات على التجار الذين يتحكمون بالأسواق مستغلين فساد بعض دوريات الرقابة، ولاسيما أنه لم يعد يخيف أصحاب المحال تهديد المواطن بالشكوى لدوريات الرقابة وخاصة أن التجار يعرفون كيف يتصدون للشكاوى من خلال “المرهم الشافي“ كما وصفه أحد المواطنين.
ودعا المواطنون إلى تعميق التدخل الإيجابي وزيادته قدر المستطاع من قبل الحكومة عبر توفير السلع والمواد، وخاصة الأساسية لتخفيف الهوة بين الطلب والعرض وكسر الاحتكار واستقرار الأسعار.
علي حسون