بطاقة “عبقرينو”؟!
لم يتقبل الفريق الحكومي الحاضر في مجلس الاتحاد العام لنقابات العمال وصف البطاقة الذكية بعبارة (الغبية)، وطالب بتخفيف الوصف إلى حدود “عدم الجدوى” دون أن يمتلك ما يعزز موقفه الاعتراضي وامتعاضه الذي بالمقابل لم يرق للحاضرين الذين تهامسوا بإشارات استفهامية عديدة عن حقيقة العائدية التي ستحققها خاصة مع تعثر خطواتها الأولى وغياب المنهجية في المنح والتطبيق.
ولاشك أن الملاحظات التي تتالى حول آلية عمل هذه البطاقة لا تكشف عيوب هذا الاختراع الغامض فقط، بل تقلل من نسبة ذكائه وتطعن في مقوماته ومؤشرات حضوره في هذه البطاقة التي ستمنح المواطن مخصصات عبارة عن ٦٠ ليتراً أسبوعياً غير قابلة للتدوير في حال عدم الاستهلاك ويمنع تعبئة كمية أكبر من المخصصات ولو بسعر أعلى، بمعنى إذا استهلك المواطن أقل من هذه الكمية بالأسبوع ليس بإمكانه ترك مخصصاته الباقية للأسبوع القادم ويسقط حقه في الاستفادة منها وبشكل يفتح باب بيع الفائض الأسبوعي من المخصصات لعمال الكازيات، أو العمل على تعبئتها ب “بيدونات” لقاء مبالغ إضافية.. وفي حال كانت كمية الاستهلاك أكبر من المخصصات سيكون هناك بازار جديد لاستغلال الناس لتأمين المحروقات بأسعار مضاعفة، أي إنه منفذ جديد للفساد سيؤمن تدفق أرقام عالية من الأموال إلى جيوب أصحاب النفوس الضعيفة.
ومن المآخذ على البطاقة محدودية عملها بمعنى أن استخدامها ضمن المحافظة الواحدة فقط والتعبئة خارج الحدود الإدارية يحتاج إلى الحصول على ” كارد” من الكازية بالمحافظة التي يتم الوجود فيها لتعبئة 40 ليتراً. وهنا المواطن أمام خيارين أحلاهما مر، إما اللجوء إلى الأساليب الملتوية كمنح عامل الكازية إكرامية، وإما الشراء بضعف السعر، علماً أن الكمية المخصصة للمواطن بالبطاقة لا تباع بسعر مدعوم كما تم الترويج له، بل بسعر ٢٢٥ ليرة لليتر، وطبعاً العبقرية التي تفتقت بها العقول المدبرة والمخططة لهذا الموضوع لم تتوقف عند هذا الحد بل تجاوزت إبداعات أي عبقرية عرفناها، فبطاقة المازوت الذكية تحرم العازب المقيم في محافظة غير محافظته من حقه في الحصول عليها والاستفادة منها، هذا عدا عن البدء بتطبيق عمل البطاقة دون تأمين كافة المستلزمات والتجهيزات اللازمة من الشركة المنفذة، والتي بدورها تثير الكثير من التساؤلات خاصة إنها لم تتوانَ في اقتناص أي قرش من جيب المواطن، فحتى الاستعلام عن رصيد البطاقة يتم عبر اتصال مأجور.!
ولاشك أن هذا الاختراع الذي يعاني ما يعانيه من شبكات النت أيضاً أعادنا إلى أيام الطفولة وذلك البرنامج الكرتوني (سيد عبقرينو) واختراعاته العجيبة الغريبة التي كانت خارجة عن المألوف وغير قابلة للتنفيذ بل بنتائج عكسية، إلا أنها في النهاية ستدرج ضمن تصنيف اختراع كما هي الحال في البطاقة الذكية التي نجحت إلى الآن في تحريك مخيلة المواطن ودغدغت جيوبه المصابة بشتى أنواع الثقوب الصغيرة والكبيرة..!
بشير فرزان