اقتصادصحيفة البعث

استحقاقات ما قبل المؤتمر..!

 

ثمة استحقاقات تفرض نفسها على أجندة الاستثمار الصناعي يتصدرها وضع خارطة استثمارية تلحظ مقومات كل منطقة على امتداد الجغرافيا السورية، وربطها ضمن سلسلة متكاملة من العناقيد الصناعية تفضي إلى تنمية حقيقية، لزيادة رقعة الصناعات التحويلية من جهة، والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الصناعات الغذائية ولو نسبياً على مستوى كل منطقة على الأقل، كالكونسرة في درعا، والألبان والأجبان في سهل الغاب، والعصائر في الساحل، والأقطان في منطقة الجزيرة.. إلخ من جهة أخرى.

وهذا يتطلب بالضرورة العمل على توطين التكنولوجيا كخيار لابد منه لتعزيز قاطرة النمو، وإذا ما تذرع البعض بالعقوبات وحيلولتها دون استيراد هذه التكنولوجيا، نعتقد أن خبراتنا المحلية قادرة على تطوير المتاح من هذه التكنولوجيا، وربما ابتكار أخرى جديدة تتواءم مع مقدراتنا الطبيعية، فمن يواضب على متابعة النسخ السنوية لمعرض الباسل للاختراع يدرك ما نصبو إليه، ومن يسبر أغوار ما يجود به باحثونا، ويفتش في أدراج مراكز البحوث العلمية لدينا الزاخرة بأبحاث علمية تنتظر من يستثمرها أصولاً، تتعزز قناعته بغنى بلادنا بطاقات مفعمة بأفكار كفيلة بخط مسار للتوطين التكنولوجيا ضمن إمكانياتنا المتاحة.

أمام هذا الواقع نحن أمام خيار إيجاد صيغة تعاون عملية بين الجامعات ومراكز الأبحاث والقطاع الصناعي العام والخاص، وإشراك الأخير في مجالس إدارة المؤسسات التعليمية والبحثية الوطنية، ليصار إلى اختيار البحوث والدراسات التي تلبي حاجة القطاع الصناعي، خاصة في ظل ما تشهده الصناعة السورية من منافسة شديدة، حيث كان القطاع العام الصناعي.

كما يجب إعادة النظر بالدور الاجتماعي المنوط بمؤسسات القطاع العام الصناعية، والذي بات يشكل عبئاً على سيرورة عملها انعكس سلباً على إنتاجها، نتيجة تحول كثير من العمال من مواقع الإنتاج إلى المواقع الإدارية..!

نعرض ما تقدم استباقاً للمؤتمر الصناعي الثالث المتوقع انعقاده الشهر القادم في محافظة حلب، وما يعول عليه من البحث في تحديات واقع الصناعة السورية، وتصويب مساراتها في هذه المرحلة، عسى أن يتمخض عنه توجيه حقيقي للمستثمرين باتجاهات تصب بتأمين الاحتياجات الفعلية لهذا القطاع، واستثمار الطاقات والمقومات الطبيعية والبشرية التي تزخر بها بلادنا..!

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com