صحيفة البعثمحليات

4000 وكالة إلكترونية في ريف دمشق.. مصير السجلات العدلية المفقودة لا يزال غامضاً ولجان متخصصة لضمان حقوق المواطنين

 

دمشق– ريم ربيع
ثلاث دقائق فقط هي كل ما تحتاج إليه للحصول على أي وكالة عدلية بالاعتماد على برنامج الإصدار الإلكتروني المستحدث، ومن خلال المتابعة المباشرة يتبين أن الأمر لا يتجاوز تسجيل بيانات الهويات والتحقق من الباركود الخاص بها عبر القارئ الإلكتروني حتى يظهر النص “الجاهز مسبقاً” للوكالة، ليتم طباعتها على الورقة الأمنية المخصصة، ليحصل المواطن بالنهاية على الوثيقة التي كانت تتطلب ولازالت “حيث لم يطبق البرنامج الإلكتروني بعد” ساعات وربما أياماً تحت ضغط الازدحام واستغلال ضعاف النفوس لحاجة الناس، كمعقبي المعاملات وبعض المحامين الذين يطالبون بضعف الرسوم المحددة تحت مسمى “أتعاب”، عدا عن النصوص العشوائية غير المنظمة التي تتطلب من كاتب العدل وقتاً طويلاً ريثما يقرؤها بتمعن، ويشرحها لطرفي العقد بالتفصيل حتى يتأكد من موافقة كليهما على المضمون، ومع ذلك يظهر العديد والعديد من حالات الغش نظراً لسهولة تزوير الورق العادي واختلاف النصوص، في الوقت الذي لم يشهد فيه الإصدار الإلكتروني هذا التلاعب، حيث أكد معاون وزير العدل القاضي تيسير الصمادي أنه لم يرد أي حالة تزوير للأوراق الأمنية التي تصدر بها الوكالات الإلكترونية، مشيراً إلى أن البرنامج يعمل بشكل جيد، ويتم العمل الآن لربط العدليات في جميع المحافظات بعضها ببعض لتسهيل العمل وتبادل المعلومات. ورداً على الاستفسارات العديدة عن مصير السجلات المفقودة أو المخربة في المناطق التي كانت خارج سيطرة الدولة أوضح الصمادي أن لجاناً متخصصة تعمل بهدف إيجاد حلول مناسبة لإثبات حقوق المواطنين.
وأوضح كاتب العدل الثاني بدمشق محمد ربيع يوسف لنا أن البرنامج جاء كضرورة ملحة لمواكبة الحداثة والتطور، فلطالما انتظر كتاب العدل العمل بطريقة راقية ودقيقة مزودة بتجهيزات متطورة تسمح بصدور وثيقة أنيقة على ورق ذي مستوى جميل وآمن، وإمكانية الحصول على المعلومة بسرعة، والقيام بالإجراءات القانونية إلكترونياً بشكل دقيق وسريع يحافظ على سلامة الوكالات من التلف والضياع والتلاعب، مشيراً إلى أن سجلات دمشق في دوما البالغ عددها 4500 سجل ما تزال مفقودة بالكامل، إلا أنه وبحسب يوسف فنجاح هذه البرامج يتطلب معالجة المعوقات التي قد تصادفها وإدخال كافة التعديلات والتحديثات بشكل مستمر عبر مراقبة آلية العمل ومعرفة مواطن الخلل، فالبرامج الإلكترونية لا يمكن أن تكون شاملة لكافة المتطلبات، وإنما يلزمها الاستمرار بالتحديث، مضيفاً أن المبرمج يجب أن يكون على علم بالعلاقة الاجتماعية التي تربط كاتب العدل بالمراجعين، وما تفرضه هذه العلاقة من إجراءات تحتاج إلى صيغ قانونية جديدة، واصفاً مجرم التزوير “بالذكي” كونه يذهب إلى الدوائر الرسمية ويراقب آليات العمل فيها ويبحث عن الخلل والثغرات التي يمكن أن يدخل من خلالها.
كما أكد كاتب العدل أن الرسوم التي يتقاضاها هو وزملاؤه موحدة بالقرار 2394/ل بتاريخ 30/9/2014، والقانون 19 بتاريخ 31/7/2016 الخاص باستيفاء رسم الإصدار الإلكتروني، كما يوجد جدول يتضمن الرسوم والطوابع المتوجبة للوكالات يمكن لجميع المراجعين الاطلاع عليه لتجنب استغلالهم من أي شخص، حيث يبلغ رسم إصدار وكالة عامة أو خاصة 1000 ليرة، ووكالة بيع سيارة 1500 وأي صورة مصدقة 450 ليرة، ويلتزم كاتب العدل بالرسوم المحددة وفق ما وجه إليه وزير العدل في اجتماعه الأخير بكتاب عدل دمشق وريفها، الذي لفت لضرورة التقيد التام بالقوانين وإعطاء طابع جيد كون كاتب العدل على احتكاك مباشر مع كافة شرائح المجتمع، ومؤكدا محاسبة المقصرين وتحميلهم المسؤولية، وتوخي الحيطة والحذر، ولاسيما بعد ظروف الأزمة التي أفرزت زيادة وتخصصاً في الجرائم ونمو طبقة من ضعاف النفوس المستغلين لسفر بعض المواطنين بالتلاعب والتزوير، إلى جانب ضرورة توحيد العمل لدى كافة دوائر الكتاب بالعدل ونقل تجربة الإصدار الإلكتروني لكافة أنحاء القطر من حيث الإجراءات والرسوم المتوجبة والالتزام التام بتطبيق القانون.
وخلال زيارتنا لمحكمة ريف دمشق التي تجمع “مؤقتاً” تسعة كتاب عدل لكل من (دوما، كفر بطنا، ضاحية حرستا، ضاحية قدسيا، الحجر الأسود، ببيلا، المليحة، عربين، النشابية)، من أصل 25 كاتب عدل في ريف دمشق، التقينا كاتب عدل دوما فيصل علام الذي أبدى ارتياحه الكبير للعمل وفق البرنامج الإلكتروني بعد اختصار الكثير من الوقت والجهد منذ انطلاقه في 14/12/2017، حيث أُصدر بمعدل 4000 وكالة إلكترونية في الريف منذ بداية 2018. مشيراً إلى ضبط العمل بشكل كبير والحد من حالات التزوير، وتوفير الوقت الذي كان يستهلكه كاتب العدل لقراءة جميع الوكالات وتدقيقها، فضلاً عن سهولة البحث عن الوكالة بمجرد إدخال الأسماء وسرعة التعامل مع المراجعين المقدر عددهم بألف مراجع يومياً.
وأكد علام أنه تم استرجاع سجلات دوما البالغ عددها 1217 باستثناء 26 سجلاً ما زالت مفقودة، بينما فقدت جميع سجلات الحجر الأسود بعد إحراق المحكمة من قبل العصابات الإرهابية، وفي داريا خرب جزء كبير منها، في حين استُرجعت سجلات عربين وحرستا وكفر بطنا والمليحة وببيلا.
إلا أنه ورغم البداية الجيدة للإصدار الإلكتروني للوكالات أشار علام إلى بعض الثغرات التي يجدر حلها، كالربط مع الوزارات المختلفة لتسهيل تبادل المعلومات والتأكد من الأوراق المقدمة في وقت قصير، وربط العدليات بعضها ببعض، إضافة إلى عدم تعرف الحاسوب إلى الهويات العسكرية أو غير السورية أو بعض أنواع الوثائق الأخرى.