التوسع في مشروع حصاد المياه أولوية لدعم التنمية الزراعية في المناطق الريفية والجبلية.. وتأمين مناهل مياه لحماية الغابات من الحرائق الحراجية
إذا كانت محركات التنمية في المناطق الريفية، ولاسيما الجبلية المرتفعة، من الأولويات المشغول عليها من خلال التركيز عليها كمناطق تنموية مستهدفة بالدعم بعد إدراك حاجتها الكبيرة لمقومات ومستلزمات واحتياجات تنميتها زراعياً، بالنظر للطبيعة التضاريسية لهذه المساحات الجبلية المتدرجة ما بين القمم المرتفعة إلى المنحدرات والسفوح، وما يتخللها من تضاريس وعرة، إضافة إلى توضعها في مناطق حراجية، فإنه رغم تعدد الأولويات المطروحة لتنمية هذه المناطق، ومنها مشروعات الاستصلاح والتشجير، وتقديم التمويل بالإقراض للمزارعين سكان هذه المناطق، وإطلاق مشروع الزراعات الأسرية الذي أنجز مرحلته الأولى في اللاذقية بمؤشرات متميزة، إلا أن الدعم الأكبر لهذه المناطق يكمن في إدارة مساقط المياه، ومشروع حصاد المياه بإقامة السدات المائية، وهذه- للإنصاف- أولوية مطروحة بقوة، دراسة وتخطيطاً، وبتنفيذ تدريجي منذ أكثر من عشر سنوات، ليغطي المشروع تباعاً هذه المناطق، ولكن ما تم تنفيذه منها قياساً على المأمول لايزال متوضعاً بالمقارنة مع الحاجة، ومقارنة بالمساحات والمواقع المستهدفة بمثل هذه المشروعات الضرورية للتنمية البيئية المستدامة، لاسيما أن لحصاد المياه أهمية قصوى في مناطق الغابات والحراج كمناهل مائية، وهذه واحدة من وظائفها التنموية العديدة، ولاسيما إذا ما أخذنا بالاهتمام ما يواجه الإنتاج الزراعي من صعوبات وتحديات من أهمها- بحسب ما تؤكده باستمرار مديرية زراعة اللاذقية- تقلّص الأراضي الزراعية نتيجة الزحف العمراني، وتأثر المناطق الجبلية بنقص المياه رغم الهطولات المطرية، وقلة عدد السدات المائية، وعدم تنفيذ حصاد المياه.
تحسين الإنتاج الزراعي
يؤكد المهندس منذر خيربك، مدير زراعة اللاذقية، على أهمية السدات المائية في دعم مشروع الزراعات الأسرية الذي يجري العمل عليه باهتمام وبشكل حثيث، وبدعم حكومي، لما للزراعات الأسرية من أهمية تنموية، وإنتاجية، واقتصادية، وأشار خيربك إلى أنه سيتم العمل على ربط هذا المشروع التنموي الهام بإقامة السدات المائية لتحقيق فعالية أكبر، وضرورة زيادة الدقة في الدراسات، وجمع البيانات للحصول على منح إنتاجية إضافية، وضرورة متابعة المشروع الحالي للزراعة الأسرية بزخم أكبر وعلى نطاق أوسع، ورفع دقة اختيار المستفيدين للوصول إلى الهدف الأساسي من المشروع، حيث تعوّل مديرية الزراعة على التنمية في المناطق الجبلية لتحسين واقع محاصيل المزارعين وإنتاجهم من خلال التنسيق مع الموارد المائية في اختيار المواقع الأكثر احتياجاً، حيث إن السدات المائية التي أصبحت من اختصاص وزارة الموارد المائية لاتزال في أولوية اهتمام مديرية الزراعة من حيث اختيار وتحديد مواقع السدات لجهة إسهامها في استقرار الإخوة الفلاحين، وتحسين إنتاجهم الزراعي في القرى الجبلية، ولاسيما في الأراضي الفقيرة بتربتها، وأشار خيربك إلى إنشاء سدتين مائيتين بالتعاون مع المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة الذي قدم معونة لإنشاء سدتين مائيتين على مستوى المحافظة في قرية بسمالخ بسعة 20 ألف م3، وسدة في قرية الزيتونة في البسيط بسعة 20 ألف متر مكعب، وأكد خيربك أن وزارة الزراعة تسعى جاهدة لزيادة عدد السدات المائية على مستوى المحافظة لما لهذه السدات من أهمية في التوسع برقعة الأراضي المستثمرة زراعياً، وزيادة الإنتاج الزراعي من خلال تحويل الزراعات من بعلية إلى مروية، والاستفادة من المياه في المواقع الحراجية، كما تساهم في تخفيض الهجرة باتجاه المدينة من الريف، وفي تشجيع السياحة البيئية والشعبية، وإدخال أصناف جديدة ومتنوعة للمناطق الزراعية، والتشجيع على نمو الثروة الحيوانية من خلال توفير المياه اللازمة، وزيادة إنتاجية المحاصيل العلفية، ونشر تربية الثروة السمكية، وتطوير وتنمية التنوع الحيوي.
مواقع مقترحة
وفي إطار المسعى التشاركي لتحقيق التوسع في مشروع حصاد المياه وإدارة مساقط المياه، فقد حددت مديرية زراعة اللاذقية، بالتعاون مع مديرية الموارد المائية، مواقع مقترحة لتنفيذ سدات مائية بهدف إدراجها في خطة التوسع المستقبلي بمشاريع السدات المائية ضمن خطة عمل تكاملية مع مديرية الموارد المائية لتغطية أوسع مناطق ممكنة بالسدات المائية للمساهمة في توفير الاحتياجات المائية والإروائية، وتهدف هذه السدات المائية المدروسة والمخططة والمنفّذة إلى التوسع بمشروع حصاد المياه في إطار خطة متكاملة لتلبية احتياجات المناطق الجبلية، وللتوسع في المساحات المستثمرة زراعياً ضمن خطة مدروسة علمياً يتم العمل لتنفيذها، وتغطي عدة مناطق في المحافظة من خلال إقامة سدات مائية في مواقع عديدة، حيث تم إنجاز الأعمال الطبوغرافية والجيولوجية، ويتم إعداد الأضابير التصميمية، كما تم إعداد الدراسات اللازمة لعدة سدات مائية.
التوسع في الرقعة الزراعية
وهنا يتجدد التأكيد على الأهمية التنموية والزراعية والاستثمارية لهذه السدات نظراً لإسهامها في التوسع برقعة الأراضي المستثمرة زراعياً، وزيادة الإنتاج الزراعي من خلال تحويل الزراعات من بعلية إلى مروية، والاستفادة من المياه في المواقع الجبلية، وتشجيع السياحة البيئية، وإدخال أصناف جديدة ومتنوعة للمناطق الزراعية، وتنمية الثروة الحيوانية، وتربية الثروة السمكية، وتطوير وتنمية التنوع الحيوي، كما تمكن هذه السدات من ري الغراس الزراعية والحراجية، وتأمين مصدر مائي لها، والاستفادة من المياه في المواقع التي تنتشر فيها الغابات الطبيعية، وتؤدي دوراً حيوياً في الحفاظ على مياه الأمطار، وتغذية المياه الجوفية.
مناهل مائية ضرورية
يؤكد المهندس باسم دوبا، رئيس دائرة الحراج في مديرية الزراعة، أن السدات المائية تشكّل مناهل مائية بالغة الأهمية في المناطق الحراجية، ومواقع الغابات الطبيعية نظراً لما توفره هذه السدات من مصادر حقيقية للحصول على الاحتياجات الضرورية المطلوبة من موارد المياه، واستخدامها في إخماد حرائق الحراج بزمن قياسي بعد توفرها في مواقع قريبة من موقع الحريق، وإسهامها في إحياء مساحات واسعة من الأراضي واستثمارها زراعياً، مبيّناً أن الحريق تسهل السيطرة عليه بسرعة عندما يتوافر الماء بالشروط المكانية والزمانية الضرورية الملائمة، وأشار إلى أهمية السدات المائية في الحفاظ على ثروتنا الحراجية، وجعلها بمنأى عن شبح الحرائق ومخاطرها، وإيجاد تنمية زراعية واعدة في المساحات غير المشمولة بشبكات وأقنية الري، بما يسهم في إعادة إحياء هذه المساحات التي تشكّل نسبة لابأس بها من أراضي محافظة اللاذقية في ظل وجود مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية القابلة للزراعة، ولما كانت معدلات الهطول عالية في هذه المناطق، فإن إقامة سدات مائية جبلية تجعلها مشروعات حيوية وهامة ومتكاملة.
إخماد الحرائق الحراجية
ولفت دوبا إلى أن السدات المائية تحقق التوسع في رقعة الأراضي المستثمرة زراعياً، وزيادة الإنتاج الزراعي من خلال تحويل الزراعات من بعلية إلى مروية، والاستفادة من المياه في المواقع الحراجية في حال نشوب الحرائق، واستخدامها في عمليات الإخماد والإطفاء، كما تساهم في تخفيض الهجرة باتجاه المدينة من الريف، وفي تشجيع السياحة البيئية والشعبية، وإدخال أصناف جديدة ومتنوعة للمناطق الزراعية، والتشجيع على نمو الثروة الحيوانية من خلال توفير المياه اللازمة، وزيادة إنتاجية المحاصيل العلفية، ونشر تربية الثروة السمكية، وتطوير وتنمية التنوع الحيوي، كما تمكن هذه السدات من ري الغراس الزراعية والحراجية، وتأمين مصدر مائي لها في الأوقات الحرجة، والاستفادة من المياه في المواقع التي تنتشر فيها الغابات الطبيعية، وتلعب دوراً حيوياً بالغ الأهمية من خلال الحفاظ على مياه الأمطار وعدم ضياعها، وتغذية المياه الجوفية، لاسيما أن الغطاء الحراجي في المحافظة ينتشر على مساحات واسعة من الغابات الصنوبرية، وهي ذات حساسية عالية للنار، ما يجعل من إقامة سدات ضرورة تنموية وزراعية وبيئية ملحة تمكن من مضاعفة الإنتاجية للعديد من المحاصيل، والاستفادة من هذه السدات في إخماد الحرائق، إضافة إلى تأهيل المواقع المحروقة لسقاية الغراس الحراجية الحديثة، وإدخال زراعات جديدة ومتنوعة مثل النباتات العطرية، والطبية، والزراعات العضوية، وزراعة نباتات الزينة، وأزهار القطف، وجميعها تلائم الظروف الخاصة بالحيازات الزراعية المحدودة والصغيرة، والتي هي سمة الملكية في محافظة اللاذقية.
مطالبة متكررة
وفي ضوء الأهمية التنموية لمشروع حصاد المياه فإن المطالبة بدعمه والتوسع به تتكرر وتتجدد، سواء في المؤتمرات الفلاحية، أو في اجتماعات مجلس المحافظة، ويكاد هذا المطلب لا يغيب عن أي لقاء يخص القطاع الزراعي والتنموي للحث على متابعة تنفيذ السدات المائية في المناطق المرتفعة والعطشى من أجل السقاية، واستغلال كميات الأمطار للتخزين، وحملت إجابات المعنيين طمأنات في هذا المجال عبر الإفصاح الدائم عن تنفيذ سدات مائية جديدة للتوسع بمشروع حصاد المياه في إطار خطة متكاملة لمديرية الموارد المائية، حيث إن تنفيذ مشروعات حصاد المياه يتم ضمن خطة مدروسة علمياً يتم العمل لتنفيذها، وتغطي عدة مناطق في المحافظة من خلال إقامة سدات مائية جديدة في موقعين في قرية بللورة على ساقية قابطشان، وثلاثة مواقع في منطقة القرداحة، أحدها على موقع نهر السفرقية، أما في منطقة الحفة فقد تم تحديد موقعين، أحدهما في قرية /بنعمو/، حيث تم إنجاز الأعمال الطبوغرافية والجيولوجية له، ويتم إعداد الإضبارة التصميمية، والآخر في قرية /بعمرين/، حيث تم الانتهاء من إعداد الإضبارة الفنية، وهي قيد التدقيق بالتوازي مع إعداد الدراسات اللازمة لسدة جبل الأربعين، كما تم استلام 6 سدات مائية من مديرية الزراعة بالمحافظة.
تشجيع السياحة البيئية
وتتم الإشارة المستمرة من المعنيين لإعطاء أولوية للسدات المائية لإسهامها في التوسع برقعة الأراضي المستثمرة زراعياً، وزيادة الإنتاج الزراعي، والاستفادة من المياه في المواقع الجبلية، وتشجيع السياحة البيئية، وإدخال أصناف جديدة ومتنوعة للمناطق الزراعية، وتنمية الثروة الحيوانية، وتربية الثروة السمكية، وتطوير وتنمية التنوع الحيوي، وتأمين مصدر مائي في المناطق الجبلية والحراجية، ولاسيما في الأوقات الحرجة، والاستفادة من المياه في المواقع التي تنتشر فيها الغابات الطبيعية، ناهيك عن المساهمة الفاعلة في الحفاظ على مياه الأمطار، وتغذية المياه الجوفية.
مروان حويجة