للمعرض حكاية
لمعرض دمشق الدولي حكاية موغلة في القدم، ولا يمكن اختصارها ببضعة سطور.. كيف لا ومن مسرحه انطلق كبار الفنانين السوريين والعرب، ومنه شقّ مئات رجال الأعمال طريقهم نحو عالم المال والأعمال، وشكّل فرصة للشركات المحلية والعربية والأجنبية لعرض منتجاتها وتسويقها، وانتشار تلك الشركات فيما بعد في منطقتنا، ناهيك عن أنه حدث طالما ينتظره السوريون كل عام للاطلاع على آخر ما وصلت إليه التكنولوجيا، والأهم أن معظم المغتربين يحدّدون زيارتهم إلى أرض الوطن خلال أيام المعرض ليكون مكاناً للقاء الأهل والأصدقاء.
بالأمس، انطلقت فعاليات المعرض، بعد أن أنجزت التحضيرات كافة، وتمّ تجاوز السلبيات التي حدثت العام الماضي، وباتت أرضه جاهزة لاستقبال الزوار والشركات ورجال الأعمال، بدءاً بالنقل، مروراً بالفعاليات الفنية التي ستقام على هامشه، وانتهاء بالتغطية الإعلامية الشاملة لكل ما يجري، وهو ما يبعث برسائل عدة للداخل والخارج، إذ يؤكد أن سورية بدأت تسترد عافيتها بعد أن نفضت عنها غبار الإرهاب، وأن عجلة الاقتصاد يتسارع دورانها في معركة إعادة الإعمار، والتي تتطلب إضافة إلى جهود الدولة السورية أن يرى العالم الحقيقة بأم العين، مع المشاركة الكثيفة لـ 48 دولة، ونحو 1700 شركة محلية وعربية ودولية، تشغل 93 ألف متر مربع من مساحة المعرض، وهي المساحة الأكبر التي حققها المعرض منذ أولى دوراته في الخمسينيات.
ورغم أهميته كونه فرصة لعرض إمكانيات تلك الشركات والاطلاع على الفرص الاستثمارية، بعد التسهيلات التي منحتها الحكومة السورية، فإنه سيبيّن المشهد كاملاً، حيث إن المشاركين من الخارج سينقلون لبلادهم الصورة الصحيحة لما يحدث في سورية الآن، وما حدث خلال سنوات الحرب، والتي تمّ خلالها إيصال الرسالة مقلوبة ومشوهة إلى الرأي العام العالمي جراء التضليل الإعلامي الذي رافق الهجمة الكبرى، كما أن المشاركة الكثيفة للسوريين في أيام المعرض، والتي أذهلت العالم العام الماضي، حيث تجاوز عدد الزائرين المليونين، ويتوقع أن تكون أكبر هذا العام بعد أن أعاد الجيش العربي السوري الأمن والاستقرار إلى معظم الأراضي السورية، ستؤكد من جديد أن رهان الغرب على دق الأسافين في النسيج الوطني السوري، وبث التفرقة كان رهاناً خاسراً، فالشعب الضاربة حضارته في عمق التاريخ لن تنجح محاولات تقسيمه وتشتيته مهما كانت شراسة الهجمة، وأن هذا الشعب سيعيد بناء ما دمره الإرهاب، والاستفادة من خبرات الأصدقاء في مرحلة إعادة الإعمار.
وبالتالي فإن أيام المعرض العشرة ستكون حافلة بالنشاطات في مختلف المجالات، وهي تظاهرة وطنية بكل ما في الكلمة من معنى وعنوان عريض لانتصار سورية، وبدء التعافي للانطلاق نحو مرحلة إعادة الإعمار بخطا ثابتة رغم كل ظروف الحصار والعقوبات الاقتصادية أحادية الجانب الظالمة المفروضة على سورية، ومحاولات محور الحرب الاستثمار والابتزاز السياسي في هذه المرحلة لتعويض فشله في الميدان العسكري، والحصول على موطئ قدم في سورية، وهذا ما لم ولن يحدث، فالسوريون في الداخل وفي دول الاغتراب ومن ننتظر عودتهم من المهجّرين جراء الإرهاب، وبالتعاون مع الأصدقاء الذين وقفوا إلى جانبهم خلال السنوات الثماني الماضية، هم من سيعيدون لسورية ألقها المعهود، وخلال أيام المعرض سيوضع حجر الزاوية في معركة البناء والإعمار.
عماد سالم