مساعٍ لدمج معاهد الإدارة العامة في أكاديمية واحدة
دمشق – ميس بركات
يبدو أن تجربة معاهد الإدارة العليا لم تلقَ الاهتمام والدعم الكافي حتى اليوم، ورغم مضي أكثر من عشرين عاماً على إحداث هذه المعاهد، إلّا أن مخرجاتها لا تزال تتعثر في أروقة الوزارات دون أدنى استفادة منها، لتذهب الملايين والجهود التي صُرفت عليها سدى، وربما من المهم أن تتوحد الجهود الناظمة لعمل تلك المعاهد في إدارة مركزية واحدة تنظم عملها، وهو ما تبدّى مؤخراً في مقترح يمثل سعي الحكومة لضم المعاهد الإدارية في أكاديمية واحدة أو جعلها تحت مظلة وزارة التنمية الإدارية والتي تبتعد كل البعد في توجهاتها عن البنية الهيكيلة لهذه المعاهد.
محمد كوسا “خبير إدارة عامة وخريج الدفعة الأولى للمعهد الوطني للإدارة العامة” أكد أن المعاهد الأربعة للإدارة العامة تعد من أسمى المعاهد وخُلقت كمؤسسات حقيقية لها مدارسها وتوجهاتها وتنتج مخرجات لها مهامها ووظيفتها في الإدارة العامة السورية، وكل معهد يقوم بتزويد الخريجين بمعارف تصب في مجال الإدارة العامة وهذه المعارف ليست مختلفة لكنها متمايزة عن بعضها وهذا التمايز أعطى تمايزاً لخريجي المعهد. ولكل مخرج من هذه المعاهد وظيفته في تطوير الإدارة ولا يمكن الاستغناء عن أي معهد من هذه المعاهد، وإذا كان المقصود من دمجها أو وضعها تحت جناح وزارة التنمية توحيد الجهود وتوحيد الرؤى في الاستفادة من مخرجاتها، فالأولى أن تحرر من قيود الروتين الإداري وأن تُمنح هامشاً للتنافس فيما بينها لتكون مخرجاتها ذات جودة، وأن وجود هذه المعاهد تحت وصاية إحدى الوزارات يمنعها من التسابق، في المقابل وجد وليد عجيب “خبير إدارة عامة” أنه من الأفضل أن تتبع هذه المعاهد مباشرة لأعلى هيكلية في الإدارة العامة وهي رئاسة مجلس الوزراء وأن توّحد المسارات بمجلس أعلى استراتيجي يختص ويتطلع بعملية التنمية الإدارية ويرسم استراتيجيتها ويحدد سياستها وينظم إجراءاتها، فمن الأفضل لمشروع الإصلاح الإداري أن تتعدد مصادر مدخلاته وخصوصاً من البشر المعرفي ومن تنوع الفكر الإداري لا أن نقوم بتقييدها بقانون إحدى الوزارات أياً كانت، وعلينا أن نستفيد من المخرجات ونوظفها في وزارة التنمية الإدارية لا أن نقوم بضم المعاهد والمؤسسات التي تقوم بإنتاج هذه المخرجات، وتحتاج الإدارة العامة اليوم المزيد من المعاهد الإدارية العليا وأن يُنظر لها كأكاديميات لها مشارب متنوعة في الإدارة.