موسكو وطهران: “اتفاق إدلب” خطوة مهمة للقضاء على بقايا الإرهابيين الخارجية: حصيلة مشاورات مكثفة وبتنسيق كامل بين سورية وروسيا
شكل اتفاق سوتشي حول محافظة إدلب انتصاراً لسورية وحلفائها فهو يوفر فرصة لإنهاء الوجود الإرهابي فيها في إطار اتفاقات تسوية تحقن دماء السوريين وتوقف الدمار كما حدث في مناطق أخرى، كما أن الاتفاق يفوت الفرصة على محور الحرب وعلى رأسه الولايات المتحدة والذي يحضّر سيناريوهات استفزازية كـ “الكيميائي” في إدلب لتكون ذريعة لشن عدوان جديد على سورية.
سورية رحبت بالاتفاق، وأكدت أنه كان حصيلة مشاورات مكثفة بينها وبين الاتحاد الروسي وبتنسيق كامل بين البلدين. فيما أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن أن سورية كانت ولا تزال ترحب بأي مبادرة تحقن دماء السوريين وتساهم في إعادة الأمن والأمان إلى أي بقعة ضربها الإرهاب وهي ماضية في حربها على الإرهاب حتى تحرير آخر شبر من أراضيها سواء بالعمليات العسكرية أو بالمصالحات المحلية.
وفيما أكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أن الاتفاق يؤكد المضي في محاربة الإرهاب في سورية، وأن السوريين هم من يقررون مستقبل بلدهم وفقاً للقرار الأممي 2254، وصف الكرملين الاتفاق بأنه اختراق مهم ويندرج في سياق الحلول الوسط الفعالة لمصلحة الهدف النهائي المتمثل بتسوية الأزمة في سورية بالوسائل السياسية والدبلوماسية. في حين اعتبرت إيران الاتفاق خطوة مهمة وأساسية في القضاء على بقايا الإرهابيين في سورية.
وفي التفاصيل، قال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية والمغتربين في تصريح أمس: إن الجمهورية العربية السورية ترحب بالاتفاق حول محافظة إدلب الذي أعلن عنه بالأمس في مدينة سوتشي الروسية وتؤكد بأن هذا الاتفاق كان حصيلة مشاورات مكثفة بين الجمهورية العربية السورية والاتحاد الروسي وبتنسيق كامل بين البلدين.
وأضاف المصدر: إن الجمهورية العربية السورية إذ تشدد على أنها كانت ولا تزال ترحب بأي مبادرة تحقن دماء السوريين وتساهم في إعادة الأمن والأمان إلى بقعة ضربها الإرهاب فإنها تؤكد على أنها ماضية في حربها ضد الإرهاب حتى تحرير آخر شبر من الأراضي السورية سواء بالعمليات العسكرية أو بالمصالحات المحلية التي أثبتت نجاعتها في حقن دماء السوريين وعودة الأمن والأمان إلى المناطق التي جرت بها مما ساهم أيضاً في البدء بعودة اللاجئين إلى ديارهم.
واختتم المصدر تصريحه بالقول: إن اتفاق إدلب الذي أعلن عنه بالأمس هو اتفاق مؤطر زمنياً بتواقيت محددة وهو جزء من الاتفاقيات السابقة حول مناطق خفض التصعيد التي نتجت عن مسار أستانا منذ بداية العام 2017 والتي انطلقت في أساسها من الالتزام بسيادة ووحدة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية وتحرير كل الأراضي السورية سواء من الإرهاب والإرهابيين أو من أي وجود عسكري أجنبي غير شرعي.
الجعفري: ماضون في الحرب على الإرهاب
إلى ذلك أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن أمس حول الوضع في سورية أن الحرب على سورية تم التخطيط لها منذ زمن بعيد وتم إعدادها وفبركتها بهدف واضح جداً يتمثل في عزل الحكومة السورية مستشهداً بكلام وزير خارجية فرنسا الأسبق رولان دوما الذي أدلى بحديث لمحطة فرنسية في حزيران 2013 وقال فيه في نهاية العام 2010 كنت في مهمة في بريطانيا أي قبل عامين من بدء الأعمال العدائية في سورية والتقيت مسؤولين بريطانيين أعلموني بأن هناك شيئاً ما يخطط لسورية وأن بريطانيا تعد وتهيئ مع شركاء آخرين لغزوها بواسطة جماعات من المتمردين وأن كل ما يحدث في المنطقة ومحيطها يتمحور حول العداء لـ “إسرائيل”، لقد قالها لي رئيس الحكومة الإسرائيلية نفسه، ونحن نحاول التعايش جنباً إلى جنب مع الدول المجاورة لكن الدولة التي ترفض ذلك سنستهدفها.
وبين الجعفري أن الجنرال الأمريكي لورنس ويلكرسون الذي كان يشغل منصب كبير مساعدي وزير الخارجية كولن باول ذكر في تصريحات لشبكة “ريا ل نيوز” البريطانية قبل أسبوع أن دعاة العدوان على سورية كانوا يبحثون عن أي ذريعة لتبرير عدوان محتمل ضدها وهي هدفهم الثاني بعد العراق للوصول إلى هدفهم النهائي المتمثل بمحاولة إسقاط إيران ثم أكد أن بلاده مع بريطانيا وفرنسا لا تملك أي دليل على أن الدولة السورية كانت استخدمت أسلحة كيميائية في أي وقت مضى بل إن مسؤولي الاستخبارات الأمريكية والموجود منهم عملاء داخل سورية بشكل غير شرعي لم يتمكنوا من إظهار أي دليل يؤكد صدق مزاعمهم بل على العكس تماماً فإن الأدلة تشير إلى أن التنظيمات الإرهابية هي من نفذ تلك الهجمات باستخدام أسلحة كيميائية.
وشدد الجعفري على أن هذه الحكومات أرادت هذه الحرب على سورية بهدف تغيير مواقفها وسياساتها وتغيير هويتها الوطنية والقومية خدمة لمشروع شرق أوسط جديد تقوم فيه دول وكيانات ضعيفة ومتناحرة على أسس دينية وطائفية وعرقية ومذهبية محاكاة لمشروع يهودية “إسرائيل” الصهيوني والقضاء على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.
وأشار الجعفري إلى أن العدوان الذي قامت به إسرائيل الليلة قبل الماضية على سورية يأتي استكمالاً لسياساتها العدوانية ومحاولاتها البائسة في تقديم دعم معنوي للجماعات الإرهابية بعد الهزائم المتلاحقة التي منيت بها أمام الجيش العربي السوري وتطهير الأراضي السورية منها ويأتي كذلك تكراراً لانتهاكاتها الاستفزازية المستمرة لاتفاق فصل القوات لعام 1974 وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ولا سيما القرار 350 لعام 1974.
وجدد الجعفري مطالبة سورية لمجلس الأمن بالاضطلاع بمسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين واتخاذ إجراءات حازمة وفورية لمساءلة “إسرائيل” عن إرهابها وعن جرائمها التي تشكل انتهاكاً فاضحاً لميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي. وأكد الجعفري أن الحرص على حياة السوريين يقتضي التعاون مع الحكومة السورية ودعم جهودها للقضاء على آفة الإرهاب بدلاً من تلاعب عقول مخابر الاستخبارات الغربية لتعويم هذا الإرهاب عبر الترويج لمصطلحات تضليلية له مثل “المعارضة السورية المسلحة المعتدلة” أو “المجموعات المسلحة من غير الدول” أو “دولة الخلافة الإسلامية” أو “المجموعات الجهادية”.
وتساءل الجعفري لماذا تستمر الحكومة الفرنسية بتقديم الغطاء السياسي للمجموعات الإرهابية في سورية رغم أن هذه المجموعات نفسها ارتكبت الهجوم على مسرح “باتاكلان” في باريس ورغم اعتراف السلطات الفرنسية بخطرها حيث أقر وزير الخارجية جان إيف لودريان الأسبوع الماضي خلال مقابلة مع محطة “بي اف ام تي في” أن هجوم الجيش السوري على محافظة إدلب قد تكون له تداعيات مباشرة على الأمن في أوروبا بسبب الخوف من تفرق آلاف الإرهابيين المنتشرين في تلك المنطقة وانتقالهم إلى أوروبا، وتابع: إن الخطر الأمني قائم ما دام هناك الكثير من الإرهابيين المنتمين إلى القاعدة يتمركزون في هذه المنطقة ويتراوح عددهم بين 10 آلاف و15 ألفاً وقد يشكلون خطراً على أمننا في المستقبل.
ولفت الجعفري إلى أن سورية زودت مجلس الأمن بمعلومات خطيرة نشرتها وسائل إعلام هولندية بشأن تورط الحكومة الهولندية في تقديم الدعم والتمويل والمساعدة اللوجستية لعدد من المجموعات الإرهابية في سورية رغم أن المدعي العام الهولندي صنف بعض هذه الجماعات كيانات إرهابية مرتبطة بالسلفية الجهادية متسائلاً: ألا يشكل تصرف الحكومة الهولندية هذا خرقاً لمسؤولياتها كعضو في مجلس الأمن عن صون السلم والأمن الدوليين.
وشدد الجعفري على أن سورية مستمرة في العمل الجاد لتحقيق الحل السياسي عبر حوار سوري-سوري بقيادة سورية دون تدخل خارجي على أن تتصدر مكافحة الإرهاب الأولوية في كل مراحل وتطورات العملية السياسية والسعي لعودة المهجرين السوريين إلى بيوتهم وإطلاق عملية إعادة الإعمار والتعافي وتحرير ما تبقى من أراضيها من الإرهابيين ومن كل قوة أجنبية محتلة وغير شرعية، لافتاً إلى أن الحكومة السورية أوفت بالتزاماتها فيما يخص لجنة مناقشة الدستور الحالي حيث قدمت أسماء ممثليها لهذه اللجنة.
وأعرب الجعفري عن تقدير سورية لموقفي روسيا وإيران الصديقتين على الجهود التي بذلها الرئيسان فلاديمير بوتين وحسن روحاني خلال قمة طهران الأخيرة وترحيبها بالاتفاق حول محافظة إدلب الذي أعلن عنه أمس في مدينة سوتشي الروسية وتأكيدها أن هذا الاتفاق كان حصيلة مشاورات مكثفة بين الجمهورية العربية السورية والاتحاد الروسي وبتنسيق كامل بين البلدين.
وجدد الجعفري التأكيد على أن سورية كانت ولا تزال ترحب بأي مبادرة تحقن دماء السوريين وتساهم في إعادة الأمن والأمان إلى أي بقعة ضربها الإرهاب وهي ماضية في حربها على الإرهاب حتى تحرير آخر شبر من أراضيها سواء بالعمليات العسكرية أو بالمصالحات المحلية التي أثبتت نجاعتها في حقن دماء السوريين وعودة الأمن والأمان إلى المناطق التي جرت فيها ما ساهم أيضا في البدء بعودة المهجرين إلى بلداتهم.
“الكرملين”: فرصة للتوصل إلى حلول دبلوماسية
إلى ذلك قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف: إن روسيا ستتعاون مع الحكومة السورية لتنفيذ المذكرة الخاصة باستقرار الوضع في منطقة تخفيف التوتر في إدلب والتي تمت في سوتشي، وأوضح أن المذكرة تؤكد مرة أخرى القدرة على التوصل إلى حل وسط وحلول فعالة لمصلحة التسوية السياسية والدبلوماسية في سورية.
بدوره أكد رئيس لجنة السياسة الإعلامية في مجلس الاتحاد الروسي ألكسي بوشكوف أن الاتفاق حول إدلب يقدم فرصة للتوصل إلى حلول دبلوماسية وسياسية للوضع في المحافظة، وأوضح بوشكوف أن الدولة السورية لا يمكنها القبول بأن تكون هذه المنطقة من أراضيها بؤرة إرهابية لأن ذلك غير طبيعي لذا كان اتفاق سوتشي حلاً مؤقتاً يمنح الفرصة للحلول الدبلوماسية والسياسية.
إيران: خطوة مهمة للقضاء على الإرهاب
وفي طهران، قال المتحدث باسم الوزارة بهرام قاسمي إن وقف العنف ونزيف الدماء مع تطهير المنطقة من أي إرهاب يعد من الأركان الأكثر أساسية ومبدئية في السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، مشيراً إلى أن اجتماع القمة بين إيران وروسيا وتركيا والاتفاق الحاصل حول كيفية حل وتسوية الوضع في إدلب يشكل خطوة مهمة وأساسية في القضاء على بقايا الإرهابيين في سورية.
وأعرب قاسمي عن أمله بأن تؤدي نتائج اجتماع سوتشي في إطار المسيرة الإيجابية والناجحة لعملية أستانا واستمراراً لاجتماع طهران دوراً مؤثراً في حل الأزمة في سورية وإنهاء وجود الإرهابيين فيها.