ثقافةصحيفة البعث

مكرَّمة في ثقافي كفر سوسة .. رجاء الزين أسست للإعلام النسوي في سورية

تابعت ندوة “ذاكرة وطن” التي تقام عادة في مركز ثقافي كفر سوسة بإدارة الإعلامية إلهام سلطان تكريمَ إعلاميين سوريين كانت لهم بصمات واضحة ومميزة في مسيرة الإعلام السوري من خلال تكريم السيدة رجاء الزين بمشاركة المستشار رشيد موعد والإعلامي علي ليلا والسيدة سعاد بكور وعدد كبير من الإعلاميين والمهتمين، وأكد مدير ثقافة دمشق د. أيمن ياسين أنه وضمن خطة المديرية يجري العمل على تكريس ثقافة تكريم قاماتنا التي كان لها آثار واضحة وبصمات ناجحة في العمل الوطني.

نهج التكريم

وأكدت رجاء الزين أن تكريمها يعني لها الكثير لأنه يكرس نهج التكريم والاهتمام بالكوادر الإعلامية القديمة التي عملت في مختلف الظروف، خاصة وأنها تنتمي لجيل تعب كثيراً لأن مقومات النجاح حينها كانت محدودة في ظل غياب التكنولوجيا المتاحة اليوم بين أيدي الإعلاميين، مشيرة إلى أنها عملت في الإذاعة بعد تخرجها من كلية التربية بجامعة دمشق لرغبتها القوية في العمل الإذاعي، فعملت بروح الهواية وليس الاحتراف، ولإيمانها بأن العمل الإذاعي يتطلب ثقافة واسعة ولغة عربية سليمة تابعت دراستها في قسم اللغة العربية في الجامعة وعملت بالشكل الذي كانت تريده من خلال برامج اجتماعية وثقافية، ثم قررت أن تختص ببرامج معينة كبرامج الأسرة والمرأة، فقدمت برنامج “عالم الأسرة” الذي استمر طيلة 15 عاماً إلى جانب عملها في الاتحاد النسائي العام ورئاستها لتحرير مجلة “المرأة العربية”، وهي تأسف اليوم لأن معظم برامج الأسرة والمرأة تركّز على ما هو سطحي كالمكياج والأزياء والأبراج بعد أن غاب عنها العمق في طرح قضايا مهمة تمس الأسرة والمرأة، منوهة إلى أن الإعلام كلما كان مرتبطاً بالمجتمع نجح وتميز.

لم تبخل بالعطاء

أما الإعلامي علي ليلا رئيس القسم العبري في إذاعة دمشق فتحدث عن مسيرة الزين في منظمة الاتحاد النسائي والإعلام الذي مازالت تعمل فيه حتى الآن، مبيناً أنه من الضروري أن نقف وقفة محبة ووفاء وأن نرفع القبعة لهذه الإعلامية التي لم تبخل في يوم من الأيام بالعطاء والإسهام بكل ما يجود به الفكر الإعلامي لدفع مسيرته إلى الأمام فكانت مثلها كمثل كل السوريات يمددن حبال وخيوط العطاء، داعياً إلى متابعة مسيرتها لنكون تلاميذ مخلصين لهؤلاء الأساطين الإعلاميين الكبار لنسمو بإعلامنا، شاكراً كلَّ من كان له يد في تكريم رجاء الزين.

روحها ثابتة على العشرين

ووصفها المستشار رشيد موعد بأن روحها ثابتة على العشرين، وبصوتها المخملي انطلقت من إذاعة دمشق، فكنا نصغي إليها يوم لم يكن من وسيلة اتصال غير المذياع، فكانت بصوتها الرومانسي والهادئ تخاطبنا في زمن كان الجميع بحاجة لصوت يحمل في طياته أرق الكلمات وأغناها، مشيراً إلى أنها بدأت مشوارها الإعلامي الطويل يوم نجحت في مسابقة لانتقاء المذيعين عام 1961 فاختيرت من بين أكثر من 200 متسابق إلى جانب الإعلاميين نجاة الجم ومصطفى الشريف، فعمِلَت في إذاعة دمشق بمبناها الصغير في شارع النصر، ومن ثم في مبناها في ساحة الأمويين، حيث قدمت برنامج “نحن معك في مشكلتك” وهو برنامج اجتماعي ثقافي قانوني اقتصادي كانت تستقبل فيه آراء المستمعين والمواطنين وتناقش رأيهم سعياً لحل أية مشكلة تعترضهم، وقد لاقى هذا البرنامج الذي كان من إعدادها وتقديمها قبولاً في الأوساط الاجتماعية والثقافية، ومن ثم انطلقت بقوة إلى برنامج آخر في إذاعة دمشق هو “عالم الأسرة” الذي كانت تناقش فيه أموراً تربوية وصحية ومنزلية، واستمر هذا البرنامج طيلة 15 سنة، كما انضمت إلى أسرة تحرير الأخبار وإذاعتها من إذاعة دمشق، مذكراً موعد كذلك أن رجاء الزين تُعد من أقدم الرفيقات الحزبيات في حزب البعث العربي الاشتراكي، وقد خاضت في حرب تشرين التحريرية معركتها الإعلامية ولم تُغادر مقرَّ الإذاعة طيلة هذه الحرب حتى سقط صاروخ في حديقة الإذاعة وأصيب وجهها بأذى، وهذا برأيه يدل على دأبها ومواصلتها النضال عبر الإعلام، موضحاً موعد أن الزين درست في مدارس حمص كما دخلت كلية الطب التي سرعان ما انسحبت منها لأنها لم تتلاءم مع مبضع الجراح لطبيعتها الرومانسية والحساسة فدخلت كلية التربية عام 1965 وبعد تخرجها مباشرة عملت في الإذاعة، ومن ثم درست اللغة العربية لتعزز حضورها الإعلامي، منوهاً إلى أنها حضرت دورات تدريبية إعلامية في ألمانيا الشرقية ومصر والمجر ونشرت مقالات عدة في الصحف المحلية، كما تولت مهمة رئيسة قسم الأسرة في الإذاعة، وعملت في الأخبار وتقديم البرامج المتنوعة، وتولت إعداد وتقديم برنامج “عالم الأسرة” وهو برنامج تربوي اجتماعي اقتصادي صحي نفسي وثقافي، ومارست نشاطها في الاتحاد العام النسائي مع مواصلة الإشراف على برنامج “عالم الأسرة” في الإذاعة والتلفزيون واستضافتها لأهم الشخصيات النسائية التي دُعيت لزيارة سورية في تلك الفترة مثل فالنتينا تيرشكوفا وهي أول امرأة فضاء سوفييتية، بالإضافة إلى شخصيات نسائية من جميع الدول الصديقة.

مثال الجد والاجتهاد

وبيّنت السيدة سعاد بكور التي ترأست في فترة من الفترات الاتحاد النسائي العام أن الزين ابنة سورية الحضارة التي ما هانت ولا لانت ولا استسلمت، ولأنها ابنة سورية زرعت في وجدانها الوعي الوطني والقومي فبدأت العمل منذ تأسيس الاتحاد النسائي العام وكان عنوان حياتها الجد والاجتهاد في العمل الإعلامي، ساعية من خلاله إلى تقديم كل ما يعزز دورَ المرأة في جميع المجالات، فكان جلّ اهتمامها خدمة الوطن من خلال اهتمامها بقضايا الأسرة والمرأة، لذلك فهي تستحق التكريم لكل ما قدمته في مسيرتها الإعلامية من قِبل وطن ما زال يكرم أبناءه على الرغم من الجراح، وهذا التكريم دلالة على أن الجهات التي ساهمت فيه تقدر من يعمل من أبنائها الذين يعملون لخدمة الوطن، ومنهم الزين التي لم تقصر في جهدها فكانت مثلاً لكل إعلامية مخلصة في عملها.

تستحق التكريم

وفي مداخلة لها أكدت د.أمل دكاك أن رجاء الزين هي من أسست للإعلام النسوي في سورية ومن الرائدات الإعلاميات التي تستحق التكريم عن جدارة، إلى جانب رائدات أخريات، في حين بيَّنت الإعلامية سلوى الصاري أن أهم ما يميز مسيرة الزين في عملها حبها الكبير لما تقوم به، مشيراً كذلك المخرج الإذاعي حسن حناوي إلى أن الزين  مستمرة في عملها الإذاعي، وهذا يعني أنها ما زالت قادرة على العطاء وهي المرأة المكافحة التي تعبت كثيراً واجتهدت فكانت من الشخصيات النسائية التي تستحق التكريم لمسيرتها الإعلامية الطويلة.

أمينة عباس