الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

كَثافة

 

عبد الكريم النّاعم

في زماننا، بين ( الفَضيلة) و(الفضيحة) رِقّة اللآّم، وليونتُها، وشرفُ استقامتها، وامتدادها نحْو الأعلى/ النّور، في الأولى، وَ..فحيحُ الحاء في (الفضيحة)، ثمّة مَن صار يتباهى بفضائحيّته،.  حين يُصبحُ الوطن هو أن تحصل على (المال)، فبشّر أبناء هذا الزّمن بسوء (المآل)

الأثرياء، عند البعض، لا يكذبون، لأنّ ما يقولونه مطليّ، عندهم، برنين الذّهب،/ إله الاحتكار.

أطلّ من نافذته، وتأمّل المشهد فقال: “نِمال متوحّشة تتعارك بشراسة.

أطلّ آخر من نافذة أخرى وقال: “قد يكون مشروعاً لعالم آخر”.

أطلّ بكامل سلاحه وقال: “صباح الأيام القادمة، أيتها المعارك المتواصلة؟.

كان النّاس، ذات زمن عشناه، يتحدّثون بإعجاب وإجلال عن المثقّفين الواعين، وعن ذوي الضمائر، و..الآن يتحدّثون كم ثمن سيارته، وكم (هبش) من مال، ويقفون له إذا جاء بإجلال!.

من أسوأ ما تنتجه الحروب، المشحونة بالدّجل الطائفيّ المذهبيّ، على كثرة مآسيها، وجود مَن ينظر للشخص من أيّ طائفة هو، لا كيف سلوكه!.

إنْ لم تكنْ مثلي، قتلتُك.. نفيْتك، رفضْتُك: شعار قابيليّ، إبليسيّ، عصْبويّ، لا يقبل الحوار، أو التحكيم،.. هذا الشعار يبرز في أزمنة الحرائق، والخراب، واستحرار القتل؟.

في أزمنة التّمهيد لاستدراج أزمنة القتل، يكون الحكم (للنصّ)، دون تمحيص، ودون دراية، بل سوقاً كما القطعان، وتصبح “ما ينفع الناس” نسياً منسيّاً!.

المحمّديّة الأصيلة ليستْ نسباً، ولا زعْم انتماء، فقد قال (ص): “سلمان منّا آل البيت”، وهو القادم من فارس، وكلّ من يستبيح قطرة دم، حرّمها الله، ليس من المحمّديّة في شيء.

المسافةُ شاسعة بين صمت العاجز، المُدّعي و.. صمت الممتلئ.

في آخر لحظة، حين تصل إلى نهاية شوط ما، وتُفاجئك النّتيجة، فلا تقلْ تأخّر الوقت، بل ابدأ وقتاً آخر.

أنْ تجد مَن يسمع، ويفهم، ويُقبل بحبّ، لا طمعاً، ولا خوفاُ، ولا مجاراة، فتلك من النّعم الخفيّة.

وقف يستعيد تتالي الأحداث، ويُراجع، ويقلب الأسباب والنّتائج، وفجأة أصابته حيرة، أتراه النّهر، أم الضفّة، أم سيرة النّهر؟!.

سأله: “ماذا يفعل هذه الأيام”؟.

أجابه: “أنتظر فقط”.

فقال له: “حتى انتظار الشيء الذي لا يجيء، خير من الفراغ”.

قال له: “ألم تكنْ العلمانيّة هي الشيء المتّفق عليه، بين مثقّفي هذا البلد”؟.

أجابه: “ما هذه العلمانيّة التي أنتجتْ العشائر، والطوائف، والمذاهب، فيهم”؟!.

قليلون هم الذين يتنبّهون إلى هذا التّناغم البديع بين أجسادنا والفصول، وربّما اعتبروا ذلك حالة من ردّ الفعل، ففي الشتاء تنكمش خلايانا بسبب تأثير البرد، وفي الربيع تتفتّح نفوسنا، بتشقّق البراعم، وتفتّح الأزاهير، وعلى هذا يمكن قياس بقيّة الفصول، وأنا لا أُنكر أنّ ثمّة شيئا من هذا، ولكنّه ليس الكلّ، إذ أنّ الرؤية السابقة هي التي سيطرت على روح المدنيّة الغربيّة، فأورثتْنا هذا الكمّ من التلوّث، بينما بعض الفلسفات الشرقيّة، ورؤاها الروحانيّة نظرت إلى الموضوع على أنّه كلّ واحد، وأنّ أيّ خلل في توازن هذا الكلّ سيترك آثاره التدميريّة، ووصلنا إلى حالة صار فيها إنقاذ هذا الكوكب مسؤوليّة حياتيّة أخلاقيّة.

aaalnaem@gmail.com