موسكو: الرهانات الأمريكية في أفغانستان قصيرة النظر
في إشارة واضحة إلى أن هناك عملاً ممنهجاً لاستثمار الإرهاب حول العالم، واستخدامه في تقويض الأمن والسلم الدوليين وزعزعة استقرار الدول خدمة لمصالح ضيّقة تتعلق بغرض الهيمنة، أعربت وزارة الخارجية الروسية عن استيائها من مقتل أعداد كبيرة من المدنيين في أفغانستان نتيجة الغارات الجوية التي ينفذها حلف شمال الأطلسي (ناتو)، واصفة رهان واشنطن على الحسم العسكري هناك بأنه سياسة قصيرة النظر، بينما أكد البيان الختامي لاجتماع طهران الأمني دعم الإجراءات المؤثّرة لإيران وروسيا في مواجهة التهديدات الإرهابية، بالإضافة إلى دعم السلام والاستقرار وتعزيز التنمية والإعمار في أفغانستان.
وقالت الخارجية الروسية: “نشعر بالاستياء من أن ضربات قوات الناتو الخاطئة أصبحت إلى حد بعيد جزءاً من الواقع اليومي في أفغانستان دون أن يتحمّل أحد المسؤولية عنها”، وأشار البيان إلى أن موسكو “تعتبر الوضع القائم ناجماً عن أخطاء فادحة ارتكبتها القيادة الأمريكية في أفغانستان ورهان البيت الأبيض الفاشل على حل مشكلات البلاد عن طريق استخدام القوة”.
ودعا البيان واشنطن إلى إعادة النظر في نهجها القصير النظر والانتقال إلى دعم الجهود الدبلوماسية الهادفة إلى إطلاق الحوار بين الأطراف الأفغانية، مطالباً في الوقت ذاته بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم ضد المدنيين الأفغان.
يذكر أن الولايات المتحدة غزت أفغانستان عام 2001 بالاشتراك مع حلفائها في حلف الناتو بذريعة محاربة تنظيم القاعدة الإرهابي، ما أدّى إلى انتشار الفوضى وسقوط عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين.
إلى ذلك، أكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني أن تعاون دول المنطقة يسهم في منع تمويل الإرهاب من القوى الخارجية، ويمنع استخدام وسائل الإرهاب كأداة لفرض الإرادة الأجنبية على الدول.
وأشار شمخاني، خلال لقائه في طهران دانغ جينغ واي مسؤول الأمن القومي الصيني، إلى أن ظاهرة الإرهاب تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، وقال: “إن المشاركة المستمرة والتعاون الوثيق مع دول المنطقة سيكونان عقبة أمام تمويل بعض الدول لهذه الظاهرة واستخدامها لفرض الإرادة الأجنبية”.
وندّد شمخاني بسياسة العقوبات غير القانونية التي يستخدمها نظام الهيمنة، مشدّداً على أن استمرار السياسات الخاطئة في فرض الإرادة على الدول المستقلة هو مسار محكوم بالفشل، وستكون نتائجه عكسية، ولفت إلى “المعايير المزدوجة” لبعض الدول في محاربة الإرهاب، موضحاً أن “استغلال الإرهاب ودعمه مالياً وسياسياً ولوجستياً، وترويج الأفكار التكفيرية، والتدخل في شؤون الدول بحجة محاربة الإرهاب هي من العلائم البارزة لاتخاذ المعايير المزدوجة”.
بدوره أكد جينغ واي ضرورة التعاون الثنائي والدولي لمكافحة الإرهاب، موضحاً أن إهمال متطلبات مواجهة الإرهاب بشكل جدي وشامل يجعل نطاق التهديد خارجاً عن السيطرة.
يذكر أن الاجتماع الأول لأمناء ومستشاري الأمن القومي في المنطقة عقد في طهران تحت مسمى “الحوار الأمني الإقليمي” بحضور ممثلين من إيران وروسيا والصين والهند وأفغانستان لبحث طرق مكافحة الإرهاب والتطرف والتهديدات الجديدة للإرهاب في منطقة غرب آسيا.
وفي البيان الختامي الصادر عن الاجتماع أكد المشاركون أن الإرهاب والمخدرات والجريمة المنظمة والتدخلات الأجنبية عرّضت الأمن القومي لدول المنطقة للخطر، وأن التطرّف والعنف يشكلان أهم العوامل المثيرة للإرهاب، داعين إلى مواجهتها في مختلف الجوانب.
إلى ذلك، قال أمين مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف: إن الإدارة الأمريكية حوّلت الإرهاب إلى أداة لتحقيق أهدافها، محذّراً من خطورة قيام الولايات المتحدة وبعض حلفائها بنقل الجماعات الإرهابية المهزومة من سورية والعراق إلى أفغانستان، وقال، خلال لقائه شمخاني: “إن الإدارة الأمريكية تسعى للحيلولة دون عودة الأمن والاستقرار إلى المنطقة”.
وكان باتروشيف حذّر الأربعاء من أن تزايد عدد إرهابيي تنظيم “داعش” الإرهابي في شمال أفغانستان يمثّل تهديداً لأمن بلدان منطقة آسيا الوسطى.