المعلم: “اتفاق إدلب” خطوة لتحرير أرياف حلب ومنبج وشرق الفرات الجيش يتقدّم في عمق تلول الصفا.. وجاسم تحتفل بالعودة إلى الحياة الطبيعية
واصلت قواتنا الباسلة أمس عملياتها العسكرية في عمق الجروف الصخرية بمنطقة تلول الصفا آخر معاقل إرهابيي داعش بعمق بادية السويداء الشرقية، وكبدتهم خسائر بالعتاد والأفراد، فيما تجمّع المئات من أهالي مدينة جاسم في ساحة المدينة الرئيسية حاملين الإعلام الوطنية وصور السيد الرئيس بشار الأسد، مؤكدين عودة الحياة الطبيعية بفضل تضحيات الجيش، فيما أوصلت منظمة الهلال الأحمر العربي السوري قافلة مساعدات إنسانية مؤلفة من 20 شاحنة محملة مواد إغاثية غذائية إلى الأهالي العائدين إلى ريف دير الزور.
في السياسة أكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم أن سورية تكتب حالياً الفصل الأخير في محاربة الإرهاب والذي يشمل تحرير إدلب وأرياف حلب الشمالية الشرقية وصولاً إلى منبج وشرق الفرات. في حين شدد مندوب الجمهورية العربية السورية الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف السفير حسام الدين آلا على أن الاحتلال والإرهاب والإجراءات الاقتصادية القسرية الأحادية، ومحاولات العبث باستقرار الدول، وتقويض مؤسساتها الوطنية لإضعاف الحكومات ومحاولة إسقاطها باتت سمة مشتركة وسبباً رئيسياً للعديد من الأزمات الإنسانية ولحركة النزوح القسري التي شهدتها بعض الدول.
وفي التفاصيل، نفذت وحدات الجيش بالتعاون مع القوات الرديفة رمايات مدفعية على نقاط تحصن ومحاور تسلل إرهابيي داعش بعمق الجروف الصخرية شديدة الوعورة في تلول الصفا، في حين طالت صليات صاروخية كهوفاً ومغاور يستخدمها الإرهابيون كمقرات ومستودعات للذخيرة أدت إلى إيقاع خسائر في صفوفهم.
وبيّن مراسل “سانا” أن وحدات الجيش تتخذ نقاطاً محصنة جديدة، وتنفذ أعمال التثبيت في المساحات التي سيطرت عليها في عمق الجروف البازلتية على اتجاه تلول الصفا، في حين تتعامل مع القناصين الإرهابيين برمايات مناسبة ينفذها رماة مهرة في صفوف الجيش خبروا تضاريس المنطقة.
وفي حمص واصل عناصر الهندسة في الجهات المختصة تمشيط المزارع والبساتين في منطقة حي الوعر غربي مدينة حمص، وعثروا في منطقة ديك الجن على كمية من الذخائر وقذائف المدفعية من مخلفات التنظيمات الإرهابية التي كانت تستخدمها للاعتداء على المدنيين في أحياء المدينة والقرى المجاورة لها.
وأعلنت مدينة حمص خالية من الإرهاب في أيار عام 2017 بعد إخلاء حي الوعر من المظاهر المسلحة تنفيذاً لبنود المصالحة التي تم التوصل إليها في آذار من العام ذاته، وعادت جميع مؤسسات الدولة، وسويت أوضاع المئات بموجب مرسوم العفو، فيما عاد إلى الحي عشرات الأشخاص من عائلات المسلحين من المخيمات التي خرجوا إليها في جرابلس وإدلب، حيث لم يجدوا هناك غير التشرد والضياع والأوضاع الإنسانية والصحية السيئة.
أهالي جاسم يحيّون بطولات الجيش
في الأثناء، حيّا أهالي مدينة جاسم بريف درعا الشمالي بطولات الجيش العربي السوري وتضحياته التي أثمرت عن إعادة الأمن والاستقرار إلى عموم محافظة درعا بعد إنهاء الوجود الإرهابي فيها.
وأشار الأهالي خلال تجمع ضم المئات في ساحة الشاعر أبي تمام الطائي وسط المدينة حاملين الإعلام الوطنية وصور السيد الرئيس بشار الأسد إلى تضحيات الجيش العربي السوري الذي أعاد الأمن والاستقرار والخدمات والمؤسسات الحكومية إلى مدينة جاسم التي عانت لسنوات من الإرهاب.
ولفت رئيس مجلس المدينة عبد الرحمن الحلقي إلى أنه منذ اليوم الأول لدخول الجيش العربي السوري بدأت جميع الخدمات تعود تدريجياً إلى المدينة، حيث تم افتتاح المخبز الآلي، وتفعيل عمل كل الدوائر الحكومية، وتوزيع المحروقات لصالح التدفئة وفق بيانات دفتر العائلة، إضافة إلى إعداد وتنظيم الكشوف والضبوط اللازمة تمهيداً لتعويض المواطنين الذين تضررت منازلهم بفعل التنظيمات الإرهابية.
ونوّه مختار مدينة جاسم محمد الغياض في تصريح مماثل ببطولات الجيش العربي السوري الذي أعاد الألق والحياة الطبيعية لأهالي المدينة بالتوازي مع حالة التعافي التي تشهدها جميع المرافق العامة وتأمين المتطلبات والمستلزمات الخدمية.
وبيّن مضر الزعبي، أحد مواطني مدينة جاسم، أن واقع المدارس والتعليم تحسن بعد دخول الجيش وإحلال الأمن والاستقرار، داعياً إلى تجهيز المدارس المهنية بكل مستلزمات العمل.
وشهد ريف درعا منذ إعلان الجيش العربي السوري تحرير جميع قراه وبلداته من الإرهاب عودة الحياة إلى طبيعتها ونشاطاً ملحوظاً لفعالياتها الاقتصادية التجارية المحلية وإقبالاً كبيراً من الناس على ممارسة حياتهم بعد تأمين الجهات الحكومية مستلزماتهم الضرورية.
المعلم: سورية تكتب الفصل الأخير في مكافحة الإرهاب
سياسياً، قال المعلم في مقابلة مع قناة الميادين بثت ليلة أمس: لمست تغييراً إيجابياً في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثالثة والسبعين عن الدورة السابقة، وهذا مؤشر على أن هناك دولاً عديدة أيقنت أن سورية ستكتب الفصل الأخير في مكافحة الإرهاب موضحاً أن هذا الفصل يتضمن تحرير محافظة إدلب، ولذلك عبّرت سورية عن الأمل بأن يتم تنفيذ اتفاق سوتشي ليكون خطوة نحو تحرير إدلب، والمرحلة الثانية تحرير أرياف حلب الشمالية الشرقية وصولاً إلى منبج، والخطوة الثالثة تحرير شرق الفرات.
وبيّن المعلم أن اتفاق سوتشي حول إدلب جرى بين الجانبين الروسي والتركي، وقبله كان هناك تنسيق سوري روسي حول هذا الموضوع، وقال: نعتقد أن تركيا قادرة على تنفيذ ما يتعلق بها من التزامات، لأنها تعرف بالاسم كل إرهابي موجود في إدلب، وكلهم يخضعون لتعليمات جهاز المخابرات التركي، ومن هنا أقول: إن تركيا قادرة على تنفيذ ما تعهدت به وإلا لما كانت وقّعت هذه الوثيقة، لكن إذا لم ينفذ الاتفاق لأسباب ما، فلكل حادث حديث، وأوضح المعلم أن الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري بمساعدة الحلفاء والأصدقاء في تحرير أكثر من 90 بالمئة من الأراضي السورية من الإرهاب أزعجت أعداء سورية، ولهذا شنوا عدوانهم الأخير على اللاذقية بهدف إطالة أمد الأزمة خدمة لإسرائيل.
وبشأن الاعتداءات الإسرائيلية على سورية بيّن المعلم أنه في كل عدوان كانت وسائط دفاعنا الجوي تتصدى بفعالية للصواريخ الإسرائيلية، وتسقط أكثر من ثلثيها، لافتاً إلى أنه بعد حصول سورية على منظومة “إس 300” الصاروخية من روسيا فإن سماء سورية ستكون محمية من أي عدوان إسرائيلي أو غيره، وجدد المعلم التأكيد على أن العلاقات السورية الإيرانية ليست للمساومة، وأن وجود مستشارين إيرانيين في سورية جاء بطلب من حكومتها، وأن مسألة بقائهم هو قرار سوري مرتبط بانتهاء العمليات ضد الإرهاب.
وشدد المعلم على أن وجود القوات الأمريكية في التنف غير شرعي، وأن واشنطن كانت تحارب كل شيء في سورية إلا الإرهاب، حيث لا تزال تحمي إرهابيي داعش في جيب على الحدود مع العراق، ودمرت مدينة الرقة بذريعة تحريرها من إرهابيي التنظيم الذين قامت بنقلهم لاحقاً إلى ريف دير الزور.
وأشار المعلم إلى أنه ليس كل من يعيش شرق الفرات من السوريين الأكراد هو مع الولايات المتحدة، وهناك مجموعات وأحزاب كردية كبيرة ترفض هذا التوجه لدى بعض المجموعات باتجاه الولايات المتحدة، وترغب بالانضمام إلى الدولة السورية، مؤكداً أنه في نهاية المطاف لا تستطيع واشنطن أن تستمر بحماية هذا التوجه لدى هذه المجموعات بشأن “الانفصال” أو تثبيت وقائع محددة على الأراضي السورية، فالأكراد جزء من المواطنين السوريين وجزء من الوطن، والمستقبل فقط هو الذي يؤكد أن عودتهم إلى حضن الدولة السورية أساسية وعليهم أن يستفيدوا ويقرؤوا ويستوعبوا تجاربهم السابقة.
وشدد المعلم على أنه لا مكان لمن تآمر على سورية في عملية إعادة الإعمار وليس مرحّباً به، والأولوية ستكون للدول الصديقة التي ساندت سورية في حربها على الإرهاب، لافتاً إلى أن عدم ترك الرئيس الأمريكي أموالاً لدى بعض الدول التي يبتزها لا يعني أن برامج إعادة الإعمار في سورية ستتوقف، بل بالعكس ستستمر، فكثير من المناطق التي جرى تحريرها أعادت الدولة السورية بإمكانياتها الذاتية إعمارها، فإمكانيات السوريين في الداخل والخارج كبيرة وخبرتهم طويلة، ونحن ندعو كل أصحاب الخبرة أيضاً إلى الإسهام في برامج إعادة الإعمار.
إلى ذلك جدد المعلم دعوة المهجرين السوريين للعودة إلى وطنهم، وقال: نرحّب، وندعو كل مهجر سوري في الخارج إلى العودة لوطنه والمساهمة في عملية إعادة الإعمار، معرباً عن الأسف، لأن الغرب ما زال يمنعهم من العودة عبر سياسات التخويف التي يتبعها معهم والتي لا أساس لها من الصحة.
آلا: الإرهاب سبب أساسي في الأزمات الإنسانية
من جانبه قال مندوب الجمهورية العربية السورية الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف السفير حسام الدين آلا في بيان ألقاه أمس أمام الدورة التاسعة والستين للجنة التنفيذية لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في جنيف: إن التعامل مع المصاعب والتحديات المتصلة بالنزوح القسري وبقدر ما يستوجب تحفيز القدرات والموارد المالية والبشرية للاستجابة للاحتياجات الإنسانية الطارئة ولمتطلبات حماية النازحين قسراً، إلا أن مواجهة الأسباب الجذرية التي أوجدت مظاهر النزوح القسري هي السبيل الأمثل لوقف المعاناة وإتاحة الظروف المناسبة لعودة الناس إلى بلدانهم ومناطق سكنهم، ومع اختلاف الظروف المؤدية للنزوح من منطقة إلى أخرى فإن محاولات العبث باستقرار الدول، وتقويض مؤسساتها الوطنية لإضعاف الحكومات، ومحاولة إسقاطها باتت سمة مشتركة وسبباً رئيسياً للعديد من الأزمات الإنسانية ولحركة النزوح القسري التي شهدتها بعض الدول، لكن هذا الجانب يغيب عن تقارير المنظمات الدولية لأسباب ليست بخافية على أحد، وتابع آلا: وفي منطقتنا لا يزال الاحتلال الأجنبي والإرهاب والإجراءات القسرية الأحادية عوامل أساسية مؤدية للأزمات الإنسانية التي تشهدها المنطقة، ولا يزال الاحتلال الإسرائيلي السبب الرئيسي في مأساة النزوح القسري لملايين اللاجئين الفلسطينيين بمن فيهم أكثر من نصف مليون لاجئ فلسطيني يقيمون على الأرض السورية منذ 70 عاماً إلى جانب نزوح ما يزيد على نصف مليون مواطن من الجولان السوري المحتل منذ عام 1967، وفي الجمهورية العربية السورية شكّل الإرهاب المدعوم من الخارج وتوظيفه كأداة لمحاربة الدولة السورية والإجراءات القسرية الأحادية التي فرضتها بعض الدول على الشعب السوري عوامل رئيسية أجبرت السوريين في العديد من المناطق على النزوح القسري داخل سورية وخارجها.
وقال السفير آلا: تشدد سورية على أن إلغاء التدابير القسرية الأحادية التي تطال كل القطاعات الحيوية لتأمين ظروف ملائمة لعودة اللاجئين إلى مناطقهم وإعادة تأهيلها وتوفير الخدمات فيها هو أحد متطلبات تسهيل عودة اللاجئين، وتعبّر عن أسفها من استمرار تجاهل التأثيرات السلبية للإجراءات القسرية الأحادية على الحقوق الأساسية للسوريين وعلى فرص توفير متطلباتهم الأساسية وتجاهل تأثيراتها التي تحد من قدرة الوكالات الإنسانية العاملة في سورية على القيام بعملها.
وقال السفير آلا: إن الإنجازات التي حققتها القوات المسلحة السورية في القضاء على الإرهاب، ونجاح المصالحات المحلية في حقن الدماء، وتجنّب الدمار جعل الوضع على الأرض أكثر أمناً واستقراراً في الكثير من المناطق السورية، ومكّن سكانها من العودة إلى بيوتهم التي هجروا منها بفعل الإرهاب، وأضاف: بالتوازي مع عمل الحكومة على إعادة تأهيل المناطق المحررة من الإرهاب، وإعادة الحياة إلى طبيعتها باتت الأرضية مهيأة للعودة الطوعية للمهجرين السوريين إلى وطنهم، وقد دعت الحكومة السورية مواطنيها الذين اضطرتهم الحرب والاعتداءات الإرهابية لمغادرة البلاد للعودة إلى بلدهم، وتم لهذا الغرض تشكيل هيئة تنسيق حكومية لتسهيل وتبسيط إجراءات عودة المهجرين إلى مناطقهم الأصلية، وتمكينهم من العيش بشكل طبيعي من جديد.
وختم السفير آلا بيانه بالقول: نتطلع إلى قيام المفوضية بالخروج بمبادرات إيجابية تبني على الحقائق المتعلقة بعودة الأمن والاستقرار إلى المناطق المحررة من الإرهاب، وإلى مساهمتها الفاعلة في التعريف بالجهود المبذولة لإعادة الحياة الطبيعية في تلك المناطق بما يعكس ما شهده المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي بنفسه خلال زيارته الأخيرة إلى سورية نهاية شهر آب الماضي.