“التسويف” والوعود رأسمال المعنيين والمواطن ينتظر فرج أزمة النقل أصحاب السرافيس لهم شجون وهموم وتقاذف الكرات بين الريف والمدينة يزيد التعقيد
ما إن تبدأ الجامعات والمدارس باستقبال طلابها حتى تزداد مشكلة النقل تفاقماً مع الازدحام الكبير للموظفين المتوجهين يومياً إلى مؤسساتهم، ولاسيما أن مدن ومناطق ريف دمشق تشهد اكتظاظاً كبيراً للمواطنين في الصباح والمساء خلال أوقات الذروة، منتظرين الفرج بأن يأتي سرفيس أو باص يقلهم إلى مركز المدينة بغض النظر عن نوع الوسيلة أو التعرفة. في المقابل تشاركهم الجهات المعنية الانتظار، لكن انتظار الفرجة على الواقع المرير اليومي وغياب السرافيس عن الخطوط بسبب تعاقد أغلبها مع الروضات والمدارس وغيرها، ليبقى المواطنون ضحية الانتظار ومزاجية أصحاب السرافيس الباقية على الخطوط من حيث سوء المعاملة وتقاضي الزيادة عن التعرفة المحددة، حسب كلام المواطنين الذين شككوا بجدوى حديثهم للإعلام، ولاسيما أن الموضوع قديم جديد والحلول ترقيعية لم تأت أوكلها، إضافة إلى تصريحات المسؤولين من خلف نوافذ سياراتهم السوداء.
ويبيّن أحد مراقبي الخطوط أن نقص السرافيس وقلّة باصات النقل الداخلي الجماعي “العام والخاص” هما السبب الحقيقي في هذا الازدحام، ليؤكد سائقو خطوط ريف دمشق أن المشكلة الحقيقية تكمن في منع دخول حافلاتهم إلى مركز المدينة والاكتفاء بالوصول إلى موقف نهر عيشة وكراج السومرية، مما خلق حالة إرباك في العمل مع مزاجية النقل الجماعي الخاص، ولاسيما أن أغلب باصاته لا تقوم بالدور المنوط بها وذلك باختصار خطوطها اعتباراً من نصف الطريق من دون رقابة أو محاسبة!.
ولم يخفِ السائقون مزاجية بعض عناصر المرور في مخالفة السرافيس وحجزها، مما جعلهم يمتنعون عن العمل كون قيمة المخالفات والإصلاحات والمازوت تزيد عن حصة السائق، معتبرين أن المسؤولين يبحثون عن الحلقة الأضعف (السائقون والمواطن) في وقت تبدأ التصريحات الإعلامية من قبل الجهات المعنية وتنتهي “بالتسويف”، ولاسيما أنه سيتمّ تعزيز بعض المدن والمناطق في المحافظة بباصات للنقل الداخلي، وسيتم إصدار تعليمات ناظمة لضبط الخطوط والمتابعة اليومية لها، والتنسيق مع رؤساء لجان السير وفرع المرور والمعنيين في شركة النقل الداخلي لمعالجة الاختناقات وتأمين المواطنين، علماً أن عضو المكتب التنفيذي في ريف دمشق بسام قاسم بيّن مراراً وتكراراً أنه تمّ رفد مناطق المحافظة بـ62 باص نقل داخلي، مع انتظار باصات سيتمّ قريباً توزيعها على الخطوط، حيث إن العدد الفعلي العامل من السرافيس غير كافٍ، مطالباً الحكومة بتأمينها لسد النقص الذي سينتج عن عودة ميكروباصات الغوطة إلى خطوطها الأصلية، ولاسيما أن آلاف المواطنين عادوا إلى بلداتهم في الغوطة الشرقية مع استمرار العودة، وهذا يستلزم تأمين وسائط نقل كافية لبلدات الغوطة.
ولدى متابعة “البعث” لواقع النقل في ريف دمشق بيّنت دراسة في عام 2016 أن النقص المطلوب في المناطق ذات الاحتياج الفعلي 1606 سرافيس، وذلك وفق استبيان قيادة شرطة ريف دمشق خلال الربع الأول من العام المذكور، علماً أن عدد الميكروباصات المسجلة في مديرية النقل بالمحافظة 9923 ميكروباصاً، إضافة إلى 725 باصاً مع 2885 سرفيساً، وأن الموجود الفعلي من السرافيس حالياً 1789سرفيساً بنسبة 62%.
ويتساءل مراقبون: أين وصلت مساعي محافظة ريف دمشق لإحداث شركة النقل الداخلي في المحافظة، وذلك حسب وعود المعنيين منذ سنتين لتخفيف الأعباء وحلّ جزء كبير من مشكلة النقل؟، ليؤكد المراقبون أن الوعود كثيرة لكن العبرة بالتنفيذ، مشيرين إلى عدم وجود تخطيط سليم وقرارات ناجعة وحلول مناسبة، وخاصة التعنت الذي تتمسّك به محافظة دمشق بمنع دخول سرافيس ريف دمشق إلى مركز المدينة بحجة الازدحام، علماً أن الازدحام موجود مع دخول باصات النقل الداخلي العام والخاص. وبالعودة إلى تصريحات عضو المكتب التنفيذي في ريف دمشق السابقة، بيّن قاسم أنه تمّت مخاطبة المعنيين في دمشق من أجل السماح لسرافيس الريف بدخول المدينة والإكمال حتى نهاية الخط، مما يخفّف أعباء كبيرة على المواطن، كما يحدّ من أزمة النقل، إلا أن استجابة المعنيين في المدينة على كل الكتب كانت لا سلباً ولا إيجاباً!!.
وللوقوف على رأي المعنيين في دمشق وقبل انتهاء مدة المكتب التنفيذي الحالي وانتخاب مكتب جديد، عاد عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل هيثم ميداني وكرر تأكيده على حسم الموضوع بعدم إمكانية دخول سرافيس الريف إلى نهاية الخط في المدينة، ولاسيما أن هناك 70 خطاً في ريف دمشق، مما سيؤدي إلى ازدحام كبير في شوارع المدينة وخاصة بوجود اختناق مروري في دمشق، مبيناً أن هناك خطوطاً كثيرة في المراكز التبادلية تقوم بنقل المواطنين إلى مركز المدينة، إضافة إلى وجود باصات شركة النقل الداخلي وشركة الأوائل الخاصة، حيث يتمّ نقل المواطنين من مركز المدينة إلى مناطق الريف.
وعلى ذكر باصات شركة النقل الداخلي وشركة الأوائل الخاصة، يشير المواطنون إلى قلّة باصات شركة النقل الداخلي، وعدم التزام باصات النقل “الخاص” بنهاية الخط، إضافة إلى أعطالها الكثيرة ووضعها السيئ وما تخلفه من احتراق ودخان يضرّ بالبيئة وبصحة الركاب في ظل صمت الجهات المعنية عنها وعدم مخالفتها. في حين أوضح مدير شركة النقل الداخلي بدمشق المهندس سامر حداد أنه تمّ تكثيف عمل الباصات في أوقات الذروة، وذلك بإلغاء عملية التواتر المنظمة، حيث تمّ توجيه جميع مراقبي الخطوط بتأمين المواطنين في الصباح إلى مراكز عملهم وجامعاتهم، علماً أن الشركة تعمل بكامل طاقاتها وكوادرها في ظل هذه الظروف، لافتاً إلى أن عودة الأمن والأمان في أغلب مناطق المحافظة زاد من اكتظاظ المواطنين، حيث يتمّ توزيع الباصات على هذه المناطق ريثما يتمّ دعم الخطوط بباصات أخرى والتي ستساهم في حل وانفراج مشكلة النقل.
يُشار إلى أن الحكومة وضعت خطة إسعافية لإعادة تفعيل دور الشركة العامة للنقل الداخلي وحل المشكلات المتعلقة بشركات الاستثمار في قطاع النقل العام، وتفعيل دور الرقابة على أداء وسائط النقل الجماعي عبر الجهات المختصة ومشاركة نقابة عمال النقل البري في هذه الرقابة، ودراسة وضع تعرفة عادلة لأجور النقل تحقّق رضا المواطن من جهة والجدوى الاقتصادية لمالك وشاغل الآلية من جهة أخرى، بما يضمن استمراره في تقديم الخدمة، كذلك دراسة بعض التعديلات على الأنظمة المتعلقة بقطاع النقل ضمن المدن.
علي حسون