ثقافةصحيفة البعث

دعوة بفتوى الضوء

 

قدر حتمي أم مصير محتوم على جبينك الموغل في صيرورة الأبد؟ فلتأخذ شهيقا عميقا من سرك وازفر ببطء بعد سبع عجاف أنينك/ أنيني، وتقبل محنتك ككل مصاب وكرب مر، أو أحاط خصرك أو لاعب زندك، وعالجه بالصبر وحده الطريق والأمل وردك ودربك، ودعنا بعد أن أصبحنا وأنت ضياء يرد غدره بفحوى سيف الحق وابتهالات الحياة نصرا وصورا، ودعنا ننطلق جسدا وروحا، بيتا بيتا، طريقا ونبضا، متكاملين لا منفصلين، متوحدين برباط إلوهيتك وهوائك القدوس في الارتقاء والنجاة من كل عتمة او ضيم، بممرات النور والوصول لك وبك لإعادة إعمار الهواء بعد اختراقه، لإعادة النفس للحناجر بعد اختناقه، لإعادة وميض الرجاء لكل عين. لذا، فلنلملم محطات الألم لبنة لبنة، نفسا يودع أوتار الجراح وتقاسيم الموت، يرمي بعيدا كل خرائط القدر والاقتدار على كل أسى مر، فكل ما اقتنيناه وإياك لك لم يكن سرابا، كان وشما في ذاكرتي ورسما من شهب الحنين لوجهك الزمردي التوق، وقوس قزح في غد الأماني ومرافئ الأعمار والأيام والعطر، وكم.. وكم، ففي ضوء النهار مسحنا جبين الكلمات ووطدنا أعمدة الربيع، رسمنا بحارا للحقيقة ومددنا أشهرا من صقيع، واغتلنا سفن الوهم بأنشودتك الصباح آية.. آية، سحرا.. سحرا، وصرخنا بسرنا أمام جلجلة المصاب مرارا حي على الأحياء فيك، وطوباك يا أرض، وهنيئا عميقا لكل أولئك المحاربين ولأرواحهم التي سقطت من سهام أمتنا، بجحود ونكران وفتوى وأمر.. دعنا ننطلق جسدا وروحا فليس لدينا بعد طريقا للرجوع أو مفرا، بعد أن أصبحنا بنادق ونيازك، رهنت جميعها مفاصل وقتها كي لا تسقط سنونوات البلاد وضحكات الأطفال ووداعة الحل في شرك وشر ما حصل، فإنقاذا من حمام الدم طيرنا مآقينا لتحتضن تفاصيلك الطهر من كل أذى أو تداع لقلاعك بعنجهية الحرب وفلسفة العهر، وأصبحنا عنفوانا يأبى خضوعا، شيمته التقوى سلاما وغفرانا لمن لحبه تنكر، وغدونا قناديل تأبى الرياح أن تطفئ اتقادها، نورا يفرش جنائن ويحمي بجناحيه دربك ودرب كل حر.
دعنا ننطلق إليك لا أكثر، ودعني أمزق زنزانة الأسى والقهر وأرنو لشعاع شمس من طهرك انبثقت، ولزهور بدماء أحرارك ارتوت، لوميض حقيقة تنادي وتنادي، تصرخ في كل المحافل ها أنا شغف الصابرين، نجاة الحالمين، هيام العاشقين للحق إن تكلم، ولقلم إن أبدع شعرا وتكلم، وللغناء إن تهجى أبجديتك الرحمة ولموازينك سلاما، مهما حاولت أو احتالت عليها النوائب أو صوبت نحوها نبال الغدر
قامة شامخة، سنديانة باسقة في وجه كل نذل، تأبى خضوعا وتنادي من صميمك صميمي.. تعالي أيتها السحب وانهمري في ربوعه خيرا ومطرا، واقرعوا يا أبنائي عاليا أجراس قلوبكم النقية بناقوس الحنان، فموسيقاك سلام ورنينك ارتعاد المآثر في حلق الشعراء والشعر، وأقيموا يا أحبتي قداسا لأمانيّ من كل شر، وتعمدوا بهوائي فقد تعافيت إليكم وارتفعت بكم ولكم، رفعة الأقحوان بندى الربيع إن حطت فراشات الحلم عليه وعانقه زهو عاشق وبقلبه قبل عنقه غمر خشوعا لقدسية اسمه، حينما يتلى كل أوان، أينما احتدمت في المجالس والمحافل تلاوته، تعلم الآدميون الحق بمكيال بلد يسمى سورية صار يسمى وطنا وضوءا.
تعال أيها البنيان عدة وعدادا، شهيدا.. شهيدا وشقائق نعمان وارجوانا، ونياشين تخرس طبول الحروب، تزرع الورد فوق فوهات البنادق، تعيد رسم الخنادق بلون الحب، وتنحر اعتمارا كل تقاسيم الحزن والخراب، تلغي سنوات السراب، تنمق الأفق بصدى القادم بيانا يجود على ألسنة كل قلب، وتخمد نيران الحرائق، تفتح آفاقا ومضائق، وينثر حبقا بدل الرصاص ويتألق غناء في كل محطة أو بيت، ويحيل معركتك إلى رقصة، يبتهج الفضاء، تغني الزنابق، وتفوح من العيون بريقها شريعة الخلاص، وانبعاثا من رحمك إلى رحم الحياة مجددا وولادة بعد حقبة الدموع وأسابيع الآلام في فم كل أم، ويرقص خصر الزمن وتعمر بيادرك نورا، ويجلو كل ظلم وظلام، ويتكاثر بإنجيل عهدك شعب عائد من صلبك إلى صلبك الحنان حبا ويزدهر.
دعنا إذا ننطلق إليك، إلى صيرورة الضوء، سلسبيل غناء، بدايته أنت ونهايته أنت، مرابعه قصائد، ومصيره مجد، ونصيبه حصة من قوافي عشق وشعر.
رشا الصالح