اقتصادصحيفة البعث

خارج تغطية الجودة…!

لا يزال مفهوم الجودة غائباً عن أدبيات الاقتصاد الوطني، لاعتبارات تتعلق –أغلب الظن- باستسهال الإنتاج على مستوياته كافة من جهة، وبشبه انعدام ثقافة هذا المفهوم بقاموس المستهلك الغارق بمسؤولية تأمين احتياجاته الأساسية بأقل ثمن ممكن من جهة ثانية..!.

وفي الوقت الذي يمكن التغاضي وبمضض عن مفهوم الجودة بالنسبة للمواد الاستهلاكية غير الغذائية، لا يمكن بأي شكل من الأشكال قبول هذا الأمر على نظيراتها الغذائية، خاصة تلك المخصصة للأطفال “بسكويت – شيبس..إلخ” التي تسري بالأسواق كالنار في الهشيم، ما يستدعي المحاسبة الفورية لكل متورط مهما يكن..!

إذ سرعان ما يلحظ أي مستهلك كان، الفرق بين العديد من المواد الغذائية المنتجة محلياً وتلك المستوردة سواء من ناحية المذاق، أم ناحية التوضيب والتغليف وما يدون عليها من مواصفات دقيقة للمكونات الداخلة بالتصنيع، ليبدأ بالتفكير بمفهوم الجودة، لكن فرق السعر بينهما يحول دون إمكانية الإقبال على المستورد كونه الأجود، لصالح المحلي الأقل جودة..!.

وحتى على مستوى المستورد هناك تفاوت بالجودة أيضاً، فكثير من المستوردات ولاسيما الصينية منها، بعيدة كل البعد عن أدنى مفاهيم الجودة، لدرجة أنه ساد انطباع عام لدى الشارع السوري بأن الصناعة الصينية مجرد “أمبلاج خارجي” ليس إلا، في حين أنه يتم بحقيقة الأمر تصنيعها وفق رغبات مورديها من التجار، أي وفق معادلة “سلعة بسعر زهيد وبلا جودة”، علماً أن كثيراً من الصناعات الصينية –وهذا ليس من باب الدعاية- ممن تتمتع بواصفات عالية تتربع واجهات كبرى الأسواق العالمية..!.

وسبق لنا وأن عانينا بأحلك أيام الأزمة من سيل البضائع المستوردة الذي تدفق إلى أسواقنا حاملاً سلعاً أضحت تشكل عبئاً بيئياً يضاعف فاتورة الإعمار، إذ لم يخلُ بيت من البطاريات الرديئة، -وقبلها- من الشواحن سيئة الصيت، نتيجة الانصياع إلى نزعات التجار الربحية، وربما تواطؤهم مع بعض الجهات الحكومية لتمرير صفقات متمردة على المواصفات والمقاييس العالمية والمحلية، وكأن مأربهم تحويل بلدنا إلى مكب لأرذل الصناعات..!.

ونخلص بالنتيجة إلى أن المشكلة تكمن بثقافة الاستهلاك، المرتبطة بالضرورة بالدخل كمعيار جوهري يحدد ماهية هذا الاستهلاك، مع الإشارة هنا إلى السلع ذات الجودة العالية أجدى اقتصادياً حتى لو كانت أغلى ثمناً، “فالغالي سعره فيه”..!.

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com