صناعتُنا.. والتّشاركية..!
لعلّ شفافيّة وزير الصّناعة تحت قبة البرلمان في عرض شجون الواقع الصّناعي؛ من صعوبات ومعوّقات الدّفع به قدماً نحو الأمام؛ أماطت اللّثام عن موقفٍ لا تُحسد عليه الوزارة؛ وأصابت النّواب بالإحباط؛ إذ كيف لوزارة أن تعيد تأهيل منشآتها الصّناعية التي يُقدّر حجم أضرارها ب 900 مليار ليرة؛ بموازنة لا تزيد على 30 مليار ليرة فقط؟
الأمر الذي عزّز العديد من الطّروحات التي تنطوي على: أن لا مفرّ من التّشاركية، (بعيداً عن بعبع الخصخصة)، بحيث تحافظ الدّولة على ملكيتها العامّة على غرار الكثير من الدّول الاشتراكيّة، وعلى رأسها النّموذج الصّيني..!
ولعلّ اللّباقة والأتاكيت يستدرجان ههنا مصطلح: “إعادة الهيكلة” في تبرير التّشاركية عوضاً عن دفن بعض شركاتنا العامّة المُستنزفة للموازنة العامّة هروباً من مصطلحات الخسارة ومرادفاتها؛ في ظلّ حضور غير خافٍ لآليات القياس كشاهد إثبات؛ ألف بائها: الاستبيان واستطلاعات الرّأي ورجع الصّدى. ومن ثمّ مناهج التّقييم الموضوعية القبلية والبعديّة المُعتمدة عالمياً في رسم وصناعة السّياسات الاقتصادية..!
تشاركيّةٌ بديلةٌ عن الدّفن، تستحضر باللّاوعي الإقرار بأنّنا لن نكتشف جديداً، إذا ما اعترفنا بحقيقة وجود تلك الشركات العامة الخاسرة؛ إنتاجية كانت أم إنشائية، بين ظهرانينا، وبأنّ خساراتها لم تتأتَ من سني الأزمة الثّماني؛ إذْ لطالما كانت ترفل بعباءة الخسارة أيام “اللّولو” بينما أضنانا- ولا يزال- انتظار الإعلان الرّسمي عن نعيها، على الرّغم من غزارة آليات القياس الرّسمية منها والنّقابية المُقرّة بخساراتها..! والحال أنّ إدارة هذا النّسق الخاسر من القطاع العام بكل ما حمل من عقابيل سلبيّة؛ لم يعُد وجوده ذا جدوى في ذلك الحيّز الملتبس من المسؤولية المباشرة منها، أو غير المباشرة، لكن نزداد خشيةً على ما تبقّى من شركاتٍ رابحةٍ لدينا، بينما ينتابنا الخوف ويعترينا القلق المشروع على مصير شركاتنا العامّة الحدّية، التي تضع قدماً في الجنّة وأخرى في النّار؛ من أن يصيبها فيروس أخواتها.!
رُبّ قائلٍ بالوقوف النّوعي والمتخصّص على العوامل الآيلة بتلك الشّركات الخاسرة إلى هذا الواقع المؤلم وما كبّدت- وتكبّد- الخزينة العامة من استنزاف، كلّنا في غنىً عن استمراره، وذلك من قبل لجان مشتركة تضمّ خبراء ومفتّشين من القطاعين العام والخاص، تستعرض الخطّ البيانيّ لأداء كلّ من هذه الشّركات على حدة، وتحدّد بدقة وموضوعيّة هذي الأسباب وتلكم العوامل، وإذا ما خلصت إلى ضرورة تغيير الآليّة أو الذّهنيّة بكلّ ارتساماتها، فليكن التّغيير، ولتكُن التّشاركية؛ ولنبتعد عن ملهاة البحث عن مشجب، أو الدّخول في مأساة جلد الذّات بكلّ ما تنطوي عليه من مشروعيّة؛ تفرضها جسامة الحدث، ولنجترح آليات الحفاظ على باقي شركاتنا درءًا لسوس الخسارة من أن ينخر جسدها، وصوناً لقطاعنا العام في المطلق؛ بما هو مظلّة أمانٍ واستقرار..!
أيمن علي
Aymanali66@hotmail.com