المعلم يلتقي المشاركين باجتماعات مجلس السلم العالمي: الدستور شأن سيادي وطني.. ولن نسمح لأحد بالتدخل فيه من حق الدولة السورية استرجاع سيادتها على كامل أراضيها
التقى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم، أمس، الوفود المشاركة في اجتماعات اللجنة التنفيذية لمجلس السلم العالمي واتحاد الشباب الديمقراطي العالمي، وتناول اللقاء آخر تطورات الأوضاع على الساحتين السورية والإقليمية والجهود المبذولة لإنهاء الأزمة الراهنة.
وأعرب الوزير المعلم عن تقديره لقرار اللجنة عقد مؤتمرها السنوي في دمشق تضامناً مع الشعب العربي السوري الصامد في وجه المؤامرة الكونية، وقال: “منذ سبع سنوات وسورية تتعرّض لمؤامرة تستهدف وجودها ووحدتها أرضاً وشعباً، وهي مؤامرة دموية بكل معنى الكلمة، ذهب ضحيتها الآلاف من أبناء شعبنا بين شهيد وجريح، عدا عن تدمير البنية التحتية للاقتصاد الوطني، واستهداف الجيش العربي السوري، الذي يشكّل الدرع الصامد في وجه إسرائيل والهيمنة الغربية”، وأضاف: “منذ أكثر من سبع سنوات ونحن في حرب حقيقية ضد الإرهاب، واليوم نستطيع أن نلمس تباشير النصر، رغم كل المحاولات الغربية والأمريكية الرامية إلى إطالة أمد الأزمة لسنوات عديدة”.
وأشار الوزير المعلم إلى أنه رغم توقيع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان على اتفاق لإقامة منطقة عازلة بحدود 15 إلى 20 كم في إدلب لا يزال الإرهابيون متواجدين بأسلحتهم الثقيلة في هذه المنطقة، وهذا مؤشّر على عدم رغبة تركيا بتنفيذ التزاماتها، وبالتالي ما زالت مدينة إدلب تحت سيطرة الإرهاب المدعوم من تركيا والغرب، ولفت إلى أن الولايات المتحدة الامريكية أنشأت في الشرق السوري ما يسمى “التحالف الدولي” الذي راح ضحيته آلاف السوريين المدنيين العزّل، والسبب أن الولايات المتحدة تحارب كل شيء في سورية عدا تنظيم “داعش” الإرهابي، بل على العكس تقوم برعايته بشكل سافر، مبيناً أن ما جرى لمدينة الرقة خلال العامين الماضيين دليل على ذلك، واليوم الدعم الأمريكي لتنظيم “داعش” مكّنه من الوصول إلى الحدود السورية العراقية مرة أخرى.
وتابع وزير الخارجية والمغتربين: إن الولايات المتحدة بذريعة دعمها للمواطنين السوريين الأكراد أقامت قواعد جوية وعسكرية في الشمال السوري، كما أوجدت قاعدة في منطقة التنف جنوب سورية بهدف رعاية فلول تنظيم “داعش”، وإعادة تأهيله لمحاربة الجيش العربي السوري، ومن هنا فإنهم يعملون على إطالة أمد الأزمة في سورية، مؤكداً أن الجيش العربي السوري وحلفاءه هم من يحاربون تنظيمي “داعش” وجبهة النصرة وبقية التنظيمات الإرهابية على الأراضي السورية، وأكد أن سورية تعمل بجد من أجل إيجاد حل سياسي للأزمة، وشاركت في كل الاجتماعات الدولية التي عقدت في جنيف وسوتشي وأستانا، وأخيراً في جهود تشكيل اللجنة الدستورية التي انبثقت فكرتها عن اجتماع سوتشي، الذي ضم شرائح من الشعب السوري، وشكّل حواراً سورياً-سورياً.
وبيّن المعلم أن المبعوث الأممي إلى سورية ستافان دي ميستورا حاول أن يقوم بتشكيل قائمة ممثلي المجتمع الأهلي في اللجنة المكوّنة من 50 اسماً، واضعاً نفسه والأمم المتحدة على قدم المساواة مع الدولة السورية، الأمر الذي رفضته سورية، وقلنا: “إن الدستور شأن سيادي وطني يجب أن يلبي طموحات الشعب السوري دون أي تدخل خارجي، وعند هذه النقطة توقّفت الأمور حالياً ريثما نصل إلى ترتيب هذه القائمة”، وأكد أن القرار فيما يتعلق بالحل السياسي للأزمة هو سوري-سوري، ولن نسمح لأحد بالتدخل في شأننا الوطني، مشيراً إلى أن الاجتماع الرباعي الذي عقد في أنقرة قبل يومين كان يهدف لإبراز الاهتمام بالموضوع السوري.
المشاركون: كفاح سورية كفاح بالنيابة عن جميع الشعوب
بدورهم أعرب رؤساء وممثلو الوفود المشاركة خلال مداخلاتهم عن تضامنهم وتضامن شعوبهم مع سورية شعباً وجيشاً وقيادة، منوّهين بصمودها الأسطوري في وجه محاولات الهيمنة الامبريالية والتدخل في شؤونها الداخلية، موجهين التحية للسيد الرئيس بشار الأسد الذي قاد سورية في مواجهة هذه المؤامرة، وأكدوا إيمانهم بالدفاع عن سورية وقضيتها العادلة في مختلف المحافل الدولية، ونقل حقيقة ما يجري فيها إلى أنحاء العالم، معتبرين أن سورية دفعت ثمن مواقفها ضد الصهيونية والامبريالية، وأن كفاح الشعب السوري وجيشه وقيادته يمثّل كفاحاً بالنيابة عن جميع الشعوب.
ورأى المشاركون أن الولايات المتحدة الأمريكية رأس الامبريالية العالمية وأداتها في ذلك الإرهاب، مؤكدين ثقتهم بنصر سورية النهائي.
وأشار عدد من المشاركين إلى أهمية عودة التنسيق العربي واستعادة العلاقات الدبلوماسية بين بلدانهم وسورية، معبّرين عن سرورهم بالتواجد في دمشق وشكرهم على حسن الضيافة.
المعلم: أوروبا لا تستطيع إلا أن تكون تابعاً لواشنطن
وفي معرض رده على الأسئلة والمداخلات أكد الوزير المعلم تضامن سورية مع قضايا الشعوب، ولاسيما في فنزويلا، التي تواجه، كما واجهت سورية، ممارسات عدو شرس هو الولايات المتحدة، التي تحاول باستمرار التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ولفت إلى أن هناك نضالات مشتركة تجمع بين سورية ومصر، وأن الأمة العربية لم تتدهور إلا بعد التباعد بين الشعبين السوري والمصري، مشيراً إلى وقوف الولايات المتحدة وراء كل الشرور التي أصابت العلاقات بين البلدين.
ورأى المعلم أنه على الرغم من القدرة الاقتصادية الهائلة لأوروبا إلا أنها لا تستطيع إلا أن تكون تابعاً للولايات المتحدة الأمريكية، فيما لا تُظهر اليوم القيم الإنسانية والأخلاقية، فمثلاً في جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي تحاول أوروبا والولايات المتحدة وتركيا معهم ابتزاز السعودية مقابل أموال وصفقات لطمس معالم هذه الجريمة ليظهر أنه حتى القيم تباع وتشترى، معتبراً أن أوروبا قارة مهمة جداً، والإرهاب على جدرانها، وعليها أن تظهر إرادة مستقلة في تعاطيها مع قضايا المنطقة وألا تعود للفكر الاستعماري السابق.
ولفت المعلم إلى عمق العلاقات مع الهند، وسعي سورية لتعزيزها، خاصة أن إنجازات الشعب الهندي في مختلف المجالات مشهود لها، ونريد الاستفادة منها.
وأكد المعلم أن سورية لم تنتظر حتى نهاية الأزمة، بل جعلت من مسألة عودة اللاجئين إلى بلداتهم وقراهم أولوية في العمل، وتسعى لإعادة تأهيل البنية التحتية في المدن والقرى التي يعودون إليها، من خلال مجتمعات صغيرة في الزراعة أو الصناعة الحرفية ليعيشوا عيشة كريمة، وبالتالي رغم تقصير المجتمع الدولي ووضع أوروبا والولايات المتحدة شروطاً لعودتهم، لكن عودة آلاف اللاجئين من لبنان بدأت منذ أشهر، ونحن سعداء بذلك، وأضاف: إن سورية على تنسيق تام مع الأصدقاء الروس فيما يخص إدلب، سواء من خلال الحرب أو المصالحة، مشيراً إلى تصريح الرئيس الروسي في أنقرة بأن الاتفاق مؤقّت، وأن من حق الدولة السورية استرجاع سيادتها على كامل أراضيها، بالتالي لن يطول الأمر.
ولفت المعلم إلى أن سورية ليست متسرّعة في برامج إعادة الإعمار حتى لا تسمح لمن تلطخت أيديهم بالدم السوري بالمشاركة، مبيناً أهمية دور القطاع العام في الاقتصاد الوطني، والسعي الدائم لتعزيزه وإصلاحه، وأنه برهن عن دوره خلال هذه الأزمة.
وأكد المعلم أن أسباب نصر سورية هو صمود الشعب والجيش والقيادة ودعم الحلفاء والأصدقاء، موجّهاًَ رسالة للشعب التركي الذي يحتفل اليوم بذكرى تأسيس جمهوريته، مفادها “ارجعوا إلى قيم الجمهورية التي أنشأها أتاتورك، وليس قيم الجمهورية التي يمارسها أردوغان”.
حضر اللقاء الدكتور فيصل المقداد نائب وزير الخارجية والمغتربين، والدكتور أيمن سوسان معاون الوزير، وأحمد عرنوس مستشار الوزير، ومحمد العمراني مدير إدارة المكتب الخاص في الوزارة، والدكتور أرشيد صياصنة رئيس مكتب العلاقات الخارجية في الاتحاد الوطني لطلبة سورية، والدكتور سمير مسعد ممثل سورية في مجلس السلم العالمي.
وكانت اجتماعات اللجنة التنفيذية لمجلس السلم العالمي بدأت يوم السبت الماضي، بمشاركة وفود من 40 دولة عربية وأجنبية، بدعوة من المجلس الوطني لحركة أنصار السلم في سورية، الذي يضطلع بمهامه حالياً الاتحاد الوطني لطلبة سورية، ويجري المشاركون خلالها لقاءات مع عدد من الفعاليات، وزيارات لأماكن سياحية وأثرية، إضافة إلى مهرجان مركزي في جامعة دمشق للتضامن مع سورية.
زيارة صرح الجندي المجهول
كما زارت الوفود المشاركة في الاجتماعات ضريح الجندي المجهول في جبل قاسيون، ووضع المشاركون إكليلاً من الورد عليه، وسجّلوا كلمة في سجل الزوار. واطلع الوفد خلال الزيارة على أقسام الصرح ومعروضاته وما يضمه من تحف تاريخية ذات رمزية تعبّر عن قدسية الشهداء وخلودهم في ذاكرة الوطن وأبنائه.
وأكد عدد من أعضاء الوفود أن سورية قدّمت الكثير من الشهداء في حربها ضد الإرهاب، مبينين أن زيارتهم إلى سورية تهدف إلى التضامن معها شعباً وجيشاً وقيادة.
وأشار عضو مجلس السلم اللبناني جمال صافية إلى أن سورية تميّزت على الدوام بدورها الوطني والعروبي ودفاعها عن القضايا العربية، ونتيجة هذا الدور شنت الامبريالية وحلفاؤها الرجعيون هذه الحرب للنيل من سورية ودورها العروبي والمقاوم بالمنطقة.
من جانبه عبّر عضو مجلس السلم الأردني سعد عاشور عن مشاعر الفخر والاعتزاز ببطولات الجيش العربي السوري، مؤكداً أن الجندي السوري المرابط على خطوط الدفاع عن الوطن يستحق التكريم والتبجيل.
يذكر أن مجلس السلم العالمي يتخذ من اليونان مقراً له، وهو منظمة غير حكومية ذات طابع اجتماعي شعبي تأسس عام 1950، ويضم ممثلين عن منظمات السلام في العالم، ومهمتها الدفاع عن السلام ومناهضة الحروب.