ظاهرة الأدوية المهربة حقيقة في الأسواق رغم الرقابة الصارمة.. نقيب الصيادلة: سورية خالية من الأصناف المزورة … و76 تريليون دولار قيمة الدواء المهرب عالمياً كل عام
لا يختلف اثنان على الجهود الحكومية الكبيرة المبذولة خلال سنوات الحرب في توفير الدواء والمحافظة على ضبط السوق الدوائية ضمن الإمكانيات المتاحة، ولاسيما في ظل الاستهداف المباشر للمعامل وسرقتها من قبل الإرهابيين وتدمير محتوياتها بقصد التخريب أو بهدف بيعها في دول مجاورة، حالها كحال آلاف المعامل والورشات الصناعية والتجارية التي تمّ نهبها دونما أي رادع، مما فتح الباب لبعض المتاجرين والسماسرة بالصيد في الماء العكر وإدخال الأدوية المهربة والمزورة على الأسواق مستغلين النقص الحاصل، إضافة إلى عدم ثقة بعض الأطباء بالمنتجات الدوائية المحلية، وذلك وفق ما أفاد به عدد من الصيادلة الذين أكدوا وجود الأدوية المهربة مع ازدياد الطلب عليها من المرضى وفقاً لوصفات الأطباء، إضافة إلى أن بعض الصيادلة لا يضعون الدواء المهرب في صيدلياتهم بل يقومون بإحضاره حسب طلب المرضى من خلال تجار معروفين. ومع اختلاف آراء من التقتهم “البعث” من الصيادلة حول نسبة توافر الأدوية في الأسواق، هناك من قلّل من نسبة توافر هذه الأدوية ليعطي 10% كنسبة تقريبية، في حين لم يخفِ آخرون وجود هذه الأدوية بنسبة 60% وذلك مقارنة بموجودات الصيدلية، علماً أن الأدوية المهربة تكون غالباً تحت الطاولة أو في الأدراج بشكل مخفيّ.
واعتبر بعض الصيادلة أن معظم الأدوية المهربة تتركز على أنواع مختلفة وخاصة المقويات وأدوية التنحيف والتي جلّها مزوّر ومعدوم الفاعلية، إضافة إلى أدوية المعدة كحبوب مكافحة الحموضة ذات نوعية معينة والتي تحوز على ثقة أغلب المرضى.
تشجيع المهرب
ولم تغفل عينة من الصيادلة دور بعض الأطباء في تشجيع التهريب عبر إصرارهم على وصف أدوية أجنبية غير مسموح بها، مما يجعل المرضى يبحثون عنها رغم وجود بديل عنها كمنتج وطني وبالتالي يقوم التجار بتهريبها لتلبية الحاجة، إلا أن نقيب صيادلة سورية الدكتور محمود الحسن اعتبر أن نسبة الأدوية المهربة في الأسواق ضئيلة جداً، ولاسيما أن عدد المعامل اليوم وصل إلى 89 معملاً منتجاً وعادت التغطية للسوق المحلية إلى 90% وبقيت الأدوية المحلية محافظة على جودتها العالية مع وجود الرقابة الصارمة لأنه لا تهاون في صناعة الدواء، علماً أن ما يُشاع عن نقص في الفعالية والجودة مجرد كلام وقلة خبرة، لافتاً إلى أن سورية وحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية من الدول التي لا تحتوي أدوية مزورة، وذلك بسبب الوعي الصحي للمواطن مع الرقابة الصارمة من قبل الجهات الوصائية، علماً أن تجارة الأدوية المزورة أصبحت من أقوى التجارة وأفسدها على مستوى العالم والتي تُقدّر قيمتها بـ 76 تريليون دولار سنوياً.
صفقات مشبوهة
وحول ما يقوم به بعض الأطباء بإبرام صفقات مع الصيادلة بكتابة الدواء المهرّب وسعره غالي الثمن على الرغم من أن فاعليته لا تختلف عن المنتج المحلي وحتى لو كتب الطبيب (دواء وطني) يقوم الصيدلاني بتبديله بآخر أجنبي لأن هامش الربح فيه أكبر، كالأدوية السرطانية، التي مازالت الدولة تستوردها، يكشف الحسن عن تراخيص جديدة لإنشاء معمل للأدوية السرطانية قريباً، وذلك مع الجهود المبذولة من الفريق الحكومي وخاصة وزارة الصحة ووزارة الإدارة المحلية، ولاسيما في تقديم كامل التسهيلات اللازمة لإحداث المعمل، مشيراً إلى أنه في حال دخل هذا المعمل الخدمة، فإنه سيغطي من 5 إلى 10 بالمئة من الأدوية النوعية، وبذلك نصل إلى نسبة تغطية للدواء تتجاوز الـ 90 بالمئة.
أفضل مخابر
وبيّن الحسن أن الصناعة الدوائية الوطنية بدأت بالإنتاج عام 1990 ووصلت إلى 22 معملاً دوائياً، وفي عام 2010 وصل عددها إلى 69 معملاً دوائياً منتجاً بتغطية للسوق المحلية 93% بأفضل شروط التصنيع الجيد وحائزة على شروط GMB العالمية وبرقابة صارمة من قبل مخبر الرقابة الدوائية في وزارة الصحة، حيث يعدّ من أفضل مخابر الرقابة عالمياً، موضحاً أن الدعم الحكومي والتسهيلات التي قُدّمت لنقل بعض المعامل إلى المناطق الآمنة وتعاون المعامل بين بعضها لإنتاج العديد من الزمر الدوائية للمعامل التي خربها الإرهاب، كان لها الأثر البالغ في صمود الصناعة الدوائية المحلية.
المواطن ضحية
ومع انتشار ظاهرة الأدوية المزوّرة تحت مسمّى الأدوية الأجنبية والترويج لها من قبل أطباء وصيادلة لجني ربح كبير، ليقع المواطن ضحية بين الصيدلاني والطبيب، ورغم كل التأكيدات من نقيب الصيادلة على الرقابة الصارمة والدوريات المشتركة مع وزارة الصحة والنقابة، يبقى السؤال من الصيادلة الملتزمين على هامش ظاهرة الأدوية المزورة: هل هناك رقابة على الشركات والموزعين، ولاسيما أن بعض الشركات تحمل أدوية على حساب أدوية أخرى مطلوبة وإجبار الصيدلاني على شرائها مقابل إعطائه ميزات دوائية؟!.
علي حسون