دعم أم وهم…؟!
بحسب الموازنة العامة للعام 2019 -وتحديداً فيما ما يسمى بدعم المشتقات النفطية- هناك زيادة ملحوظة في الرقم المخصص لذلك، نسبتها 56%، أي بمقدار 154.5 مليار ليرة، على أساس أن ما كان مخصصاً العام الحالي -ومبلغه 275.5 مليار ليرة- ارتفع إلى 430 مليار ليرة.
أما بحساب قيمة الدعم بالدولار، فتصل نسبة الزيادة بالدعم في العام القادم إلى 79.4%، أي 989 مليون دولار، مقارنة بنحو 550 مليوناً هذا العام، والسبب كما يقول أهل وزارة النفط يرجع لتحسن الليرة أمام الدولار، حيث انخفض سعر صرف الأخير أمام ليرتنا، من 500 إلى 435 ليرة، بما نسبته 13%.
وعليه ووفقاً لمدير “المحروقات”، إن قيمة الدعم اليومي للمشتقات ستصل إلى 1.2 مليار ليرة في العام 2019، أما اللافت بقولة إنه في حال زيادة الاستهلاك فسيتم زيادة الدعم تبعاً لذلك، وأن نسبة الدعم يتم تحديدها بناء على أسعار المشتقات النفطية وبحسب الاستهلاك… فمن المعنيون بذلك..؟
الآن نأتي -وفي ضوء ما تقدم- للسؤال حول حقيقة الدعم أصلاً، وهل تلك النسب والمبالغ هي دعم مباشر، أم أن هناك جزءاً من الدعم يقتطع لأمور أخرى، تشغيلية أو لوجستية مثلاً..؟
أما سؤالنا الثاني فيتمحور حول عدالة توزيع الدعم وخاصة بالنسبة لشريحة الدخل المحدود من عاملين وموظفين ومن في حكمهم، وهنا نقارب الدعم، من زاوية مقدار التوازن ما بين الدخل الشهري وبالتالي السنوي، للموظف أو العامل في القطاع العام ونظيرهم في الخاص، وبين ثمن 200 ليرة مازوت على وجه الخصوص، والبالغ نحو 40 ألف ليرة سورية… هل هناك توازن..!؟
نقارب لأننا نعتقد أن الحديث في التوازن أصلاً، فيه الكثير والكبير من الخلل والإجحاف والظلم، وبرأينا أن الدعم يُعطى أو يُقدم لجزء من الاحتياج وليس لكل الاحتياجات، لكن واقع الدخل الهزيل جداً، حيث لم يعد الراتب الشهري لموظف في العام له خدمة لأكثر من 20 عاماً، يكفيه لأكثر من 10 أيام فقط، يؤكد أن مجمل الدخل بحد ذاته بحاجة لدعم حقيقي ومباشر، وليس لدعم التفافي بحسابات يفندها الواقع..!.
فهل الـ150 أو 155 ليرة التي يدعم بها لتر المازوت (على أساس أن تكلفة لتر المازوت تراوح بين 330 و335 ليرة ويباع للمواطن ولمعظم القطاعات كقطاع النقل والزراعة إضافة إلى الجمعيات الخيرية بـ180 ليرة)، هي فعلاً دعم وحقيقي..؟!
وأي دعم يمكن أن يصدق لمادة المازوت، والكل يعلم أن المواطن تحمل ويتحمل نتائج وانعكاسات زيادة أسعاره في بقية القطاعات بشكل أو بآخر..؟!
وكيف تريدونا أن نفهم أنه وعلى الرغم من تحرير وعودة العديد من المناطق المنتجة لنفطنا، عدم تخفيض سعر لتر المازوت على الأقل لقطاعات: المنزلي والنقل العام والزراعة..؟!
إن الدعم ولكي يكون حقيقياً يجب أن تكون كلفة المشتقات عموماً والمازوت خصوصاً حقيقية، بمعنى ألاَّ يكون هناك أي هدر أو فساد وغير ذلك، تزيد من كلفة اللتر..!.
ثم وليس آخراً نسأل: هل هناك مرة واحدة تم تخفيض أسعار المشتقات محلياً، حين تم انخفاضها في الأسواق العالمية، ونسأل من يربط السعر والتكلفة بالدعم، وبما هو عالمي..!؟ هذا ناهيكم عن أننا لم نخض في لعبة حساب سعر الصرف..!
أي دعم تتحدثون عنه، ويكاد الكثير من المواطنين لا يقدرون على تأمين ثمن 200 لتر مازوت (موسمياً)، ما كان أحد الأسباب لتراجع الطلب على هذه المادة، فهل هكذا يكون الدعم، أن نحرم من يستحقه، لصالح من لا يستحقه..؟!
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com