مقاربة بين مقتل فرد ومقتل مجتمع
ترجمة: البعث
عن موقع فيترانس توداي
أكد الدكتور نجم الأحمد الأستاذ في جامعة دمشق ووزير العدل السابق في مقال نشر على موقع “فيترانس توداي” بعنوان “مقاربة بين مقتل فرد ومقتل مجتمع” أن سورية خلال السنوات الثماني الماضية عانت من جرائم عجزَ التاريخ البشري عن تفسيرها، وأن ماجرى تجاوز حدود الإدراك من حيث ردود الفعل الدولية والإقليمية والمحلية.
لقد قام باحثون ومحلّلون سياسيون، يكتبون باسم الحرية والديمقراطية، بخلط الكلمات وقلب الحقيقة. وسورية التي اعتادت أن تكون الوجهة العالمية لأمنها، قالت عنها وسائل إعلام كثيرة إنها باتت وطناً للعنف ومكاناً لعصابات إرهابية مسلحة أخذت على عاتقها القيام بأي شيء تحت اسم الإسلام البريء. في الواقع هذه الجماعات المتطرفة قتلت النساء والأطفال والمسنين، واستهدفت المؤسّسات المدنية والعسكرية للدولة التي تسعى لوضع حدّ لهذا التطرف والإرهاب.
لقد تمّ دعم الإرهاب بشكل مباشر من قبل الدول التي أطلقت على نفسها اسم “قوات التحالف ضد الإرهاب”، في الواقع ما فعله هذه التحالف هو تقديم جميع المساعدات الممكنة لهذه العصابات، ونتيجة هذا الدعم تمّت إزالة مدن بأكملها، كما حدث في الرقة. كما تمّ تدمير المصانع والجسور والطرق. لقد دمّر التحالف المزعوم كل شيء يمكن تدميره باستثناء شيء واحد هو الإرهاب!.
لن نناقش الأمور من وجهة نظر أحادية، وسوف نتجنّب عواطفنا وسنعمل بموضوعية، مثلما سنلقي الضوء لدعم الاستنتاجات المنطقية، ولن نكرر ما قيل في هذا الصدد، نرغب بتوضيح بعض الجوانب التي بقيت غامضة في نظر الكثيرين.
لم يكن الكثير من المواطنين، في الماضي، يدركون أن ما يحدث في سورية كان يهدف إلى الإصلاح تحقيقاً لرغبة السوريين بمستقبل أفضل، هذا كان هدف كل مواطن سوري بغضّ النظر عن توجهه السياسي، وما إذا كان مؤيداً للحكومة أو معارضاً لها.
لكن للأسف، هذا ليس ما يحاول الإرهاب تحقيقه، في المقابل كل خطوة إصلاحية اتخذتها الدولة مثل: الدستور الجديد لعام 2012، مفاوضات سلمية حول السلطة والتعددية السياسية والحزبية، والعديد من الإصلاحات، إضافة إلى العديد من قرارات العفو التي تهدف إلى منح الفرصة للمتورطين في العودة إلى حضن الوطن، والتخلي عن العنف وممارسة حياتهم الطبيعية في المجتمع من أجل المساهمة في بنائه بدلاً من تدميرة وتخريبه.
من المفترض أنه في ضوء الإصلاحات المتتالية التي تقوم بها الحكومة، ينبغي أن تكون هناك حالة من الهدوء والاستقرار تسمح بتحقيق الإصلاح على أرض الواقع.
ومع ذلك، باتجاه كل خطوة إصلاحية كان الإرهاب ينمو، وهو أمر لا يثير الدهشة، لأن الإرهاب لا يمكن أن ينمو بوجود الضوء، والإرهاب يرتبط بالفوضى والعنف، وهنا ندرك ماتريده هذه العصابات. المنطق هو أن الإصلاح لايمكن هزيمته، ومن يفعل ذلك لايكمن إصلاحه بأي شكل من الأشكال، وكل ماسبق يأتي متماشياً مع ميل بعض البلدان إلى جعل مجلس الأمن يتخذ قرارات غير مسؤولة تزيد من الاضطرابات.
لم يترك الإرهاب تداعياته على الشرق الأوسط فقط، بل في العالم بأسره، أعني قتل جمال خاشقجي في اسطنبول.
نحن هنا لسنا في وارد تقييم سياسي أو اجتماعي للصحفي السعودي الذي قُتل، ورغم أننا لا نتفق مع معظم ماكتبه، ولكن هذا لايعني بأي حال من الأحوال تبرير القتل بالطريقة التي حدثت فيها بغض النظر عن الأسباب.
نحن نؤمن بأن حرية الرأي وحق التعبير متاحان للجميع، ولايمكن حرمان أي شخص من هذا الحق، كونه مكفولاً من قبل المجتمع الدولي وإعلان حقوق الإنسان.