مع تحوله إلى حالة مرضية الخوف عند الأطفال.. حقيقة تتطلب حلولاً فورية.. وتعزيز الثقة بالنفس أولى الخطوات
يعاني 90% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و14 عاماً نوعاً واحداً من أنواع الخوف على الأقل، علماً أن معظم هذه المخاوف طبيعية جداً، وتتفاوت بحسب أعمارهم، فالأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين يوم واحد وعامين تكون مخاوفهم مرتبطة بالأصوات المرتفعة، أو الغرباء، أو الابتعاد عن الأبوين، أو الأشياء كبيرة الحجم، بينما يعاني الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و6 أعوام من مخاوف تتمثّل بالتخيلات مثل الأشباح، أو الوحوش، أو الخوف من الظلمة، والخوف من النوم لوحدهم، أما الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و16 عاماً فيعانون من مخاوف أكثر واقعية تتمثّل بالخوف من الامتحانات المدرسية، أو المرض، أو الموت، أو الكوارث الطبيعية، لكن هذه المخاوف يمكن معالجتها عبر عدة نصائح، وتعتمد على قدرة الأبوين للحد منها كالتحدث مع الطفل، وإقناعه بأن مخاوفه غير موجودة دون تأنيبه، أو توبيخه، أو الوقوف إلى جانب الطفل ومساعدته بكافة الطرق المتاحة للتغلب على مخاوفه، وتحفيز الطفل على القراءة والكتابة كي يبتعد عن التفكير بمخاوفه.
إدراك الخوف
قد يكون الخوف أمراً طبيعياً، وربما يكون بسبب التنشئة، لذلك حدد العلماء نوعين من الخوف، فهناك مخاوف فطرية، وهي تلك المخاوف التي ولدنا معها، ومخاوف مكتسبة، وهي التي نلتقطها على مر الزمن، والغالبية العظمى من المخاوف يتم تعلّمها واكتسابها، الطبيب النفسي أحمد موصلي يقول: إن بعض أنواع الخوف غالباً ما يتم تصنيفه على أنه فطري مثل الخوف من الظلام، أو الخوف من الأشياء الزاحفة، إلا أنه يتم الحصول عليهم بعد الولادة، حيث إن الخوف من السقوط، والخوف من الأصوات الصاخبة هما الوحيدان اللذان يثيران، بغض النظر عن العمر الذي يظهران فيه، استجابة الدوائر العصبية الفطرية للخوف لدينا، حيث إن الضوضاء العالية تجبرنا على الشعور بأننا سوف نتضرر، أما النوع الآخر من المخاوف فهو مكتسب بطرق مختلفة، ويرتبط تعلّم الخوف باللوزة العصبية، وهي جزء من الدماغ يشارك أيضاً في تجربة الخوف وإدراكه، ويبقى الخلاف ما بين المخاوف الفطرية والمكتسبة هو ما إذا كان لدى الأطفال خوف فطري أو مكتسب من العناكب والثعابين، وغيرها مما يسمى “بمخاوف الأجداد”، ويدعي بعض الباحثين بأن هذه المخاوف فطرية حقاً، بينما يرى البعض الآخر بأن البشر لديهم استعداد لتطوير المخاوف الموروثة، بما في ذلك العناكب، والثعابين، والارتفاعات، والأماكن المغلقة، والنار.
اضطراب القلق
الخوف يصيب الطفل كرد فعل مفهوم لتعرّض الطفل لتغيير ما أو حدث مؤثر، ومن الطبيعي أن يشعر الطفل بالخوف أو القلق من وقت لآخر، مثل بداية دخول الطفل للحضانة أو المدرسة، وكذلك الانتقال لمنزل جديد، وبحسب الدكتورة النفسية سهيلة رزق، فان هناك بعض الأطفال الذين يؤثر القلق على سلوكهم وأفكارهم بشكل يومي، سواء في الدراسة، أو المنزل، وحتى الحياة الاجتماعية، حيث يشعر هؤلاء الأطفال بالقلق من مواقف مختلفة،، وأمور عديدة، وليس تجاه موقف واحد، كما أن هؤلاء الأطفال يشعرون بالقلق والخوف معظم الوقت دون سبب محدد، وهذا هو القلق الذي يستدعي استشارة متخصص لوضع خطة مناسبة لعلاج الخوف عند الأطفال، أو ما يعرف باضطراب القلق في مرحلة الطفولة، وتضيف رزق: في أعراض القلق والخوف المرضي عند الأطفال يكون الطفل عصبياً، حاد المزاج، كثير البكاء، لديه صعوبة في النوم، ويستيقظ ليلاً بشكل كثير، ويعاني من كوابيس مزعجة، بالإضافة إلى التبول اللاإرادي، خصوصاً ليلاً، وقلة الثقة بالنفس، وعدم القدرة على مواجهة التحديات اليومية، وصعوبة في التركيز، وصعوبة في تناول الأكل، وتكرار نوبات الغضب، كما تكون لديه العديد من الأفكار السلبية، ودائماً ما يعتقد بحدوث أمور سيئة له، فيسعى إلى تجنب الأنشطة اليومية مثل مقابلة الأصدقاء، والخروج في الأماكن العامة، وكذلك الذهاب للمدرسة.
بناء الثقة
علاج الخوف عند الأطفال والقلق المرضي يحتاج إلى معرفة توقعات الطفل، ومن المهم أن تكون لدينا توقعاته نفسها، ويمكنك مساعدته على تحويل المهام الكبيرة إلى مهمات صغيرة نسبياً، كما يمكن إنجازها بنجاح، وتتابع رزق: يمكننا في البداية الذهاب مع الطفل إلى حفلة عيد ميلاد، والبقاء فيها طالما أنه متفاعل مع الآخرين، وفي المرة التالية يمكن أن نغادر الحفلة بعد نصف ساعة فقط من ذهابنا، ونترك الطفل ليحاول التعامل بمفرده، أما قلق الانفصال عند الطفل من ترك أمه فيعتمد في طرق علاجه على بناء شخصيته وثقته بنفسه، ومن الضروري أن تمدح طفلك عند مواجهته للتحديات، أو عند تجربة شيء جديد، وكذلك عند تصرفه بشجاعة في موقف ما، فبعض الأطفال يفضلون التشجيع بصوت عال، والبعض الآخر تكفيه الكلمات المشجعة، توجد الكثير من الأنشطة التي يمكنها أن تنمي روح التنافس لدى الطفل، ومن ثم تزيل الخوف لديه مثل الاشتراك في المعسكرات الصيفية، أو ممارسة الرياضة، والسماح له بالاعتماد على نفسه، ومن الأفضل ترك الطفل يؤدي المهام المطلوبة منه بنفسه، وليس القيام بها بدلاً عنه، لأنه على الرغم من أن ذلك يريح الطفل كثيراً في وقتها، إلا أن الرسالة التي تصل لطفلك أنه لا أحد يثق في قدراته لأداء مهامه بنفسه، ومن ثم يفقد الثقة بنفسه!.
ميادة حسن