“لا أعلم”؟!
إجابة أحد الوزراء حول أسباب ارتفاع سعر الدولار والأسعار بعبارة “لا أعلم” ليست إلا واحدة من الهفوات الوزارية التي اعتدنا عليها وعلى نتائجها التي تسير بعكس ما تشتهيه الأماني، ورياح الدعم الموعودة، وهي في الوقت ذاته دليل واضح على أن القرارات المصنفة تحت بند تحسين الواقع المعيشي لم ترو حتى هذه اللحظة ظمأ الناس، بل على العكس أضافت حالة من القلق، أو بشكل أدق الهلع الذي ينتاب الشارع عند أية محاولة لتخفيض الأسعار، وملاحقة المخالفين، وغيرها من الأحاديث التي يلخصها الشارع السوري بـ “الجوفاء “التي لا يسمع إلا رنين صداها الإعلامي الصاخب، وطبعاً هذه الخلاصة ليس فيها أي تجن كونها مستنبطة من واقع الحياة، وحال الناس الذين يؤكدون على أن ارتفاع سعر الصرف كشف حالة من التخبط وغياب المصداقية نتيجة اتباع أسلوب التسويف، وسيطرة الارتجالية على غالبية القرارات التي تتطابق في سياستها وجدواها المعيشية مع ذاك المثل القائل: (اخدوا على البحر ورجعوا عطشان).
وما يلفت الانتباه أكثر الاستمرار في تبني النهج الاقتصادي والنقدي المتآكل نفسه من خلال تسييره على سكة المقارنات الخلبية، واقتراح الوصفات والخطوات العلاجية المستنسخة آلاف المرات، كاعتماد آلية مراقبة فعالة لمنع الاحتكار، والبحث عن الدور المفقود للهيئة العامة للمنافسة، ومنع الاحتكار، وإيجاد قاعدة بيانات ومرصد لرصد تطورات أسعار السلع الأساسية، والحد من تفرد بعض الأسماء بالتجارة الخارجية، وغيرها من المقترحات التي تثبت تعطل وشلل دور الجهات المعنية، وبدلاً من دعم القرارات الجريئة التي تخدم الواقع، وتآزر الحياة العامة، وتتخطى مرحلة التشخيص، نجدها تراوح في نقطة البداية.
ولا شك أننا لا نسعى لإدانة الاستراتيجية الاقتصادية بالضعف، والتقصير، وعدم القدرة على المواكبة المعيشية، بل نحاول تقديم المساعدة للشفاء من أحلام اليقظة، وستر عورة القرارات المفضوحة بسياسة “الضحك على اللحى”، والتي تقمعها وبشدة على سبيل المثال حالة التمرد المستوطنة في الأسواق التي لا يمكن لجمها مع استمرار الحلول المجتزأة، والغريب أنه حتى هذه اللحظة يتم تجاهل الأولويات كتخفيض أسعار المازوت لما له من دور في قلب المعادلة المعيشية لصالح الناس، وعلى جميع الأصعدة!.
ولن نغفل ذلك المثال الحي الذي يمكن اعتباره بنتائجه المأساوية مؤشراً هاماً على حالة التخبط التي كانت قاسية بتداعياتها على حياة المواطن، فما تمخض عن ارتفاع سعر الدولار داهم الجيوب الخاوية، واخترق التدرج الموعود في الانتقال نحو أجواء أكثر أماناً من جميع النواحي بالعديد من المخاطر التي تطعن بالكفاية المادية والمعيشية نتيجة سياسات التجريب التي طبقت وتطبق، وطغى ضجيج حلولها الإعلامية على حقيقة تجذر عجزها في قلب المعادلة المعيشية للمواطن.
بشير فرزان