“دور الأحزاب والمنظمات في النهوض بالمجتمع”: الاشتغال على القضايا المطلبية
دمشق- عمر المقداد:
دعا المشاركون في ندوة “دور الأحزاب والمنظمات الشعبية والنقابات المهنية في النهوض بالمجتمع العربي السوري”، التي نظمتها مجلة الفكر السياسي الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب، إلى الاشتغال على القضايا المطلبية للجماهير والالتصاق بها والتعبير عن مصالحها.
وأكد المشاركون من قيادات أحزاب ومنظمات واتحادات وأكاديميين وباحثين في الندوة أن دور الأحزاب والمنظمات بات أكثر أهمية اليوم بعد الانتصار الكبير الذي حققته سورية في حرب السنوات الثمانية ضد التكفير والإرهاب، وبهدف زيادة تماسك المجتمع ومنع اختراقه.
وقال الدكتور نضال الصالح رئيس اتحاد الكتاب العرب في بداية الندوة: إن الثقافة فاعل حقيقي في البناء وإعادة البناء، وأن الكل معنيون بهذه القضية، لأننا شركاء في بناء سورية، وأضاف: إن الحديث عن دور الأحزاب والمنظمات والنقابات في البناء هو حديث عن دور مركزي لشرائح واسعة من المجتمع السوري، مبيناً أن الأحزاب والمنظمات لم تتوقّف عن أداء هذا الدور منذ عقود وحتى اليوم، وأنها كانت حاضرة لتؤديه مع انطلاق الرصاصة الأولى في العدوان على سورية، وبالتوازي بين جانبين لمعركتنا، هما معركة تطهير سورية من الإرهاب، ومعركة البناء، ولفت إلى أن دور الأحزاب والمنظمات يتعاظم عند الحديث عن الوعي وإعادة تشكيل العقل ولا سيما أن الأيديولوجيا تستهدف العقل.
بدوره، مدير الندوة جابر سلمان، رئيس تحرير مجلة الفكر السياسي، اعتبر أن عنوان الندوة مهم جداً في هذا المرحلة، وأن هناك العديد من الأسئلة التي يثيرها هذا الموضوع، من بينها أسئلة تتناول نظرة الأحزاب لحالة الوعي في المجتمع وكيف بمكن الاشتغال عليها وسد الثغرات التي أصيبت بها، وما الذي يمكن أن تفعله المنظمات والنقابات في هذا المجال.
وقدّم حنين نمر، الأمين العام للحزب الشيوعي السوري الموحّد، ورقة عمل تناولت إحاطة واسعة بعلاقة الأحزاب بالجماهير والظاهرة الحزبية في العالم، واعتبر أن الموضوع مهم جداً ويستدعي أن نتحدث بصراحة ومكاشفة وأن نحدد أين نجحنا وأين أخفقنا، بهدف بلورة مسار واضح نسير عليه في إعادة تشكيل الوعي، من أجل سورية التي لا يمكن إلا أن تكون تقدمية، وأضاف: إن أوضاعنا الداخلية في سورية لا يمكن فصلها عن الوضع الدولي العام، ولا حتى عن الصراع المحتدم داخل المنطقة، أو عن طبيعة التحديات التي تواجه الدول النامية، وسورية واحدة منها، ونبّه إلى أهمية عنوان الندوة التي يمثّل قضية أساسية وهي الصراع ضد التخلف والتبعية، مبيناً أن دول العالم تباينت في أوضاعها الداخلية ما بين دول لحقت بالركب الرأسمالي وأخرى الاشتراكي وثالثة وقفت حائرة “بين بين” وسألت نفسها ما هو خط سيرها الاجتماعي الذي يهدف إلى إنجاز التنمية المطلوبة، موضحاً أن إدارة أمورنا الداخلية تتطلب التقارب الوطني بشكل أوسع، وأن نخضع كل قضايانا للنقاش الحر المفتوح وأن نكون واقعيين تحليلها وعرض الحلول الملائمة لها.
ونبّه جمال القادري رئيس اتحاد نقابات العمال إلى أن الحديث عن أي قضية لا ينعزل عن سياقها التاريخي، وأننا حين نناقش دور الأحزاب والمنظمات والاتحادات خلال سنوات الحرب ، فلابد أن ننبه إلى أن لها تاريخاً طويلاً سابقاً في النضال من أجل مصالح الناس، وأضاف: إن النجاح الاقتصادي الذي حققته الدولة في سورية لصالح مكاسب السوريين في كل المناطق وعلى مستوى كل الشرائح وفّر استقراراً اجتماعياً واقتصادياً للسوريين، وأن الأحزاب، وخاصة حزب البعث، وكذلك المنظمات والاتحادات استمدت مشروعيتها من تمثيلها لمصالح الجماهير، وخاصة العمال والفلاحين، واعتبر أن أسباب العدوان تعود إلى التآمر الخارجي على دور سورية ومكانتها في قضايا المنطقة، وفي مقدّمتها القضية الفلسطينية، والرد على الغزو الأمريكي للعراق وصيانة وحدة لبنان، وهو تآمر لم يتوقّف منذ الاستقلال وحتى اليوم، وأوضح أن طرح سؤال الندوة لجهة “هل لعبت الأحزاب والمنظمات والاتحادات دورها في تأطير المجتمع، وما هو المطلوب منها؟” يستوجب أن نتجه نحو تبني الأحزاب والمنظمات والاتحادات برامج اجتماعية وليس أهدافاً سياسية فقط.
ولفت الدكتور علي دياب، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الكتاب العرب، رئيس تحرير مجلة التراث الصادرة عن الاتحاد، إلى أن دور الأحزاب السياسية والمنظمات الشعبية والاتحادات المهنية كان دوراً لافتاً منذ ثورة آذار ومع قيام الحركة التصحيحية واستمر في مسار تصاعدي، وأوضح أن كل شرائح المجتمع كانت تشارك مشاركة فعلية في عملية إدارة الدولة وصنع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وخاصة العمال والفلاحين، مبيناً أن تلك الفترة شهدت تقدّم النضال السياسي على القضية المطلبية، لافتاً إلى أهمية دور المنظمات والاتحادات في رفد الأحزاب بالقيادات السياسية الحزبية وتعمل على تنمية المجتمع وتقدّمه ليصبح كتلة واحدة متراصة يصعب اختراقه.
ودعا الرفيق الدكتور بسام أبو عبد الله، مدير مدرسة الإعداد الحزبي المركزية، إلى أخذ العبرة والدروس المستفادة من تجربة الأحزاب السياسية، بما فيها حزب البعث، في الدولة والمجتمع، وخاصة في ضوء العولمة والتغييرات الاجتماعية والاقتصادية في سورية، وأكد ضرورة استقطاب جيل الشباب للانتساب إلى الأحزاب السياسية، وعدم تركهم فريسة للتكفير الإرهابي، واعتبر أن الأولوية الأولى اليوم هو الالتصاق بقضايا الناس والتعبير عنها وتقديم الحلول المناسبة لها.
ووجدت ميس كريدي، المتحدّث الرسمي باسم الجبهة الديمقراطية المعارضة، أن هناك عدة تساؤلات مهمة ينبغي الإجابة عنها، وهي تساؤلات تتطلّب مسؤولية وطنية، لأن عمل الأحزاب والمنظمات والنقابات في زمن الحرب يختلف عنه في زمن السلم، موضحة أنه لابد من التوقّف عند مسؤوليتنا الوطنية وعند عامل التدخل الخارجي في أوضاعنا الداخلية، وأن نعرف بدقة ما هي المنظمات والنقابات، والتي نرى أنها حلقات تواصل شعبي تتصل بالأحزاب السياسية، بحيث تقوم الأحزاب السياسية بالاتصال بالحكومة، أي أن أداء المنظمات والنقابات أداء محوري لا غنى عنه لإنجاح دور الدولة وتأمين قوتها وحصانتها.
حضر الندوة عدد من قيادات الأحزاب الوطنية والمنظمات والنقابات وباحثون ومهتمون بالشأن الحزبي والنقابي.