“المقاومة توحّدنا وتنتصر” في مناهضة التطبيع
دمشق- ريناس إبراهيم:
“على هذه الأرض ما يستحق الحياة”.. كانت هذه العبارة مستهلّ الملتقى الوطني والقومي لـ”مناهضة التطبيع ومواجهة مشاريع تصفية الحقوق الفلسطينية”، الذي دعت إليه كل من اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني، ومؤسسة القدس الدولية فرع سورية، وفصائل المقاومة الفلسطينية، في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق، بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
وأشاد المشاركون في الملتقى بصمود الشعب الفلسطيني وتضحياته المتواصلة في سبيل التحرير، مؤكدين أن ثقافة العروبة والوعي الجمعي العربي ليس فيها عداء للآخرين، فقد عاش على الأرض العربية شعوب وأقوام وديانات مختلفة، فعداء الصهيونية جوهره صراع مع العدو الإسرائيلي وليس عداء لليهود، وشددوا على أن أي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية سيكون مآلها الفشل، داعين إلى البدء بتحديد خطوات استراتيجية للوقوف في وجه المخطط الصهيوأمريكي.
وأكد الدكتور خلف المفتاح، المدير العام لمؤسسة القدس الدولية، “أن القضية الفلسطينية أضحت قضية رأي عام عالمي، وما أبداه الشعب الفلسطيني من صمود كان السبب في ذلك، واستطاعت الانتصارات التي سجّلها محور المقاومة أن يغيّر خريطة العالم، ما يضعنا أمام مسؤولية تشكيل وعي لاستثمار تلك الانتصارات، وإجبار العدو على الانتقال من مرحلة الهجوم إلى مرحلة الدفاع عن حصونه الوهمية الواهنة”، مشدداً على أن انتصار سورية على الإرهاب يعتبر الرد الحاسم على كل محاولات تصفية القضية الفلسطينية وما يسمى “صفقة القرن”، وعلى أن حقوق الشعب الفلسطيني لا تسترد إلا بالمقاومة لأن الاستسلام والرضوخ تنازل عن حقوق أصيلة لا يجوز التفريط بها، مشيراً إلى أنه تجب إعادة النظر في مفردة “التطبيع” المتداولة، حيث إن الطبيعي في العلاقة مع الكيان الصهيوني هو المقاومة فقط.
وفي كلمة اللجنة الشعبية السورية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني، أشار الأستاذ علي قاسم، رئيس تحرير صحيفة الثورة، إلى أن هناك بارقة أمل بدأت تتراءى تباشيرها رغم السنوات العجاف التي مرّ بها محور المقاومة بموازاة مشروع التآمر والتطبيع، الذي يتمّ اليوم على رؤوس الأشهاد، وأن صمود الشعب الفلسطيني ألغى مقولة: إن “العين لا تقاوم المخرز”، مشدداً على أن صفقة القرن هي نتاج العلاقة غير الشرعية بين المال الخليجي والمصالح الصهيونية، وأن الاصطفاف اليوم لا يقبل أنصاف المواقف والخيارات والحلول، داعياً القوى والأحزاب والهيئات والفعاليات القومية العربية إلى تحمّل مسؤولياتها التاريخية بمواجهة المخططات الصهيوأمريكية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية، ولفت إلى أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، والذي يعتبر البوابة الفعلية لتصفية القضية، لم يكن ليتم لولا دعم نظام آل سعود، وأن الحرب على سورية كانت نتاج أفكار هدامة، روّج لها ذاك النظام أيضاً.
ورأى أن ما نحتاجه اليوم في ضوء الانعطافات التاريخية التي تمرّ بها القضية هو إجراء مراجعة حاسمة في خيارات مشروع المقاومة، وإعداد قاعدة بيانات، وتقييم عملي وموضوعي للأحداث، والعمل على لفظ المسميات والألقاب المجانية، وتفعيل الطاقات، لأن الحرب القادمة حرب مفتوحة في الزمان والمكان، مشيداً بالتحرّك الشعبي والشرارات التي توهّجت، وأعطت الأمل بإعادة توحيد الصف الفلسطيني والعربي في مواجهة مشروع التطبيع.
من جهته، أكد خالد عبد المجيد أمين سر تحالف قوى المقاومة الفلسطينية أن إقامة الملتقى في دمشق هو صفعة لكل من سارع إلى التطبيع مع كيان العدو، ولا سيما بعد جملة الانتصارات التي سطّرها الجيش العربي السوري، وتكاملت مع صمود الشعب وحكمة القائد، معاهداً باسم الشعب الفلسطيني أنه سيبقى وفياً للدماء السورية التي أهدرت ثمناً لدفاعها عن القضية المركزية، كما أشار إلى صفحات المقاومة المشرفة التي يكتبها الشعب الفلسطيني في غزة المحاصرة والقدس المحتلة والخان الأحمر ومسيرات العودة التي تطالب باستعادة الحقوق وتحرير كل التراب الفلسطيني، داعياً كل فصائل المقاومة إلى التجمّع حول خيار المقاومة والوحدة الوطنية الفلسطينية المبنية على أساس خيارات الشعب الفلسطيني ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
وعبر رسائل مسجّلة عبر اليوتيوب، وجّه كل من الشيخ سلمان عنتير، رئيس الفعاليات الوطنية الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، والمطران عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في الأراضي المحتلة، تحية فخر ومحبة إلى الشعب السوري، مؤكدين أن القدس ودمشق توءمان لا ينفصلان، وأن سورية انتصرت لأنها اختارت مبدأ المقاومة والسيادة، واجتازت حرباً كونية شنت عليها.
وشدد المطران حنا على “أنه في الوقت الذي تحاصر فيه غزة وأهلها نرى بعض الدول العربية، ولا سيما الخليجية، تستقبل شخصيات من كيان الاحتلال وممثليه، وأضحت بذلك جزءاً من هذا المشروع الهادف لتصفية القضية ومساهمة في تهويد القدس وتمرير المشاريع الاستعمارية”، فيما شدّد الشيخ عنتير على أن دفاع سورية عن حق الشعب الفلسطيني بالعودة ومحاربتها المخطط الصهيوني الهادف إلى تهويد القدس، عرضها لهذه الحرب الكونية الصهيوأمريكية، لافتين إلى أن انتصار سورية على الإرهاب تحقق بحكمة قائدها وبسالة جيشها ووعي شعبها، وهو انتصار لفلسطين يبشر بعهد جديد من الانتصارات لمحور المقاومة، وشددا على “أن المستعمرين لن ينجحوا في تمرير مشاريعهم لأن القضية الفلسطينية ستبقى القضية الجوهرية للشعوب العربية ومحور المقاومة”.
وفي الختام، أكد المشاركون بأن الخيار الأول والوحيد لمواجهة الخطر الصهيوني هو المقاومة، مطلقين شعار: “المقاومة توحّدنا وتنتصر”.
حضر الملتقى عدد من السفراء وممثلو البعثات الدبلوماسية في دمشق وقيادات وممثلو الفصائل الفلسطينية وفعاليات ثقافية وشعبية.