المهندس خميس يترأس اجتماعاً (إنقاذياً) للسوق المصرفية.. دعم أصحاب القروض المتعثرة.. وتحريك الفوائد على الإيداعات.. ومهلة ثلاثة أشهر لمعالجة الإشكاليات
دمشق-فاتن شنان
وضعت الإشكاليات التي تعوق دوران عجلة العملية الاقتصادية بشقيها التمويلي المصرفي والاستثماري أمس على طاولة النقاش، بغية اجتراح الحلول المناسبة لها وتجاوزها، ليكون المصرف التجاري السوري وهيئة الاستثمار السورية، منصة للوقوف على أهم الإشكاليات التي تعوق عملية الإقراض في المصارف، ومن ثم تشريح الأسباب الحقيقية التي أدت إلى حالة الاختناق في المصارف وارتفاع نسبة السيولة فيها، حيث شكلت مشاركة رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس في صياغة الآفاق والحلول رفعاً لحرارة العمل وجرعة دعم شهد عليها مديرو المصارف العامة وحاكم مصرف سورية المركزي، الذين أكدوا دور بعض القرارات التي ساهمت بشكل كبير في إعاقة عملية التمويل كقرار رصيد المكوث وقانوني 26 و52، والعمل على إلغاء وتعديل التشريعات بهدف خلق قنوات استثمارية من شأنها النهوض بالواقع الاقتصادي والاستثماري.
قرارات عاجلة
ولأن المهندس خميس أبدى حرصاً على الاستماع إلى الهواجس والمشاكل تمهيداً لتدبيج حلول والخروج بقرارات ذات صفة الاستعجال، فإن الحدث كان مناسبة للتوصل إلى عدة قرارات هامة، تجلت بالاستمرار بدعم أصحاب القروض المتعثرة لجهة تسوية أوضاعهم، وضرورة التمييز بين المتعثر الحقيقي الذي سيتم منحه فرصة لمعالجة ملفه، والمتعثر “الكاذب” – حسب وصفه – الذي سيتم ملاحقته قضائياًَ بالإضافة إلى تقديم التسهيلات للإيداع والسحب بالقطع الأجنبي، كما تم إقرار التسوية المشجعة للمعالجة السليمة لمستجري القطع الأجنبي، إلى جانب قرار تحريك الفوائد على الإيداعات بما يحقق متطلبات السياسة النقدية، وفتح كوات للمصارف على المعابر الحدودية وتعميم التعليمات التنفيذية على السفارات، كما تم إقرار تشكيل لجنة للإيداع من قبل المغتربين لاستقبال الأموال من المودعين المغتربين، وحدد المهندس خميس مدة ثلاثة أشهر لمعالجة كافة الإشكاليات وتحسين مستوى الخدمات المصرفية المقدمة للمواطن، كما طالب باجتماع يوم الثلاثاء القادم لتفعيل دور ومسؤوليات مؤسسة ضمان مخاطر القروض.
شهادات
ومع ذلك فقد قدم حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور حازم قرفول، وصفة حلول تتمثل بإصدار تشريعات جديدة تنتاسب مع واقع العمل المصرفي، وتتضمن مزايا ومحفزات من شأنها توجيه الأموال إلى القطاع الاقتصادي، مؤكداً عزم المركزي على إصدار عدة قرارات في الفترة القادمة، منها إصدار شهادات إيداع بالقطع الأجنبي، ومنح قروض بأسعار فائدة مدروسة، إلى جانب خلق مجالات وتوظيفات جديدة للقطاع المصرفي، وإلغاء قرار رصيد المكوث، مؤكداً وجود معايير صارمة مطبقة في المصارف من شأنها ضبط العملية التمويلية، ولكن شابها الخلل في التطبيق خلال الفترة السابقة، في حين لفت مدير المصرف الصناعي الدكتور عمر سيدي إلى غياب المتابعة من قبل الجهات الرقابية، الأمر الذي أدى إلى تنامي ملف القروض المتعثرة، والذي بلغ 35 مليار ليرة منها 19 ملياراً هي فوائد تأخيرية، مبيناً عدم قدرة المصرف على تسوية ملفاته في ظل وجود القانون 26 الذي يحيل جزءاً كبيراً من التسويات إلى القضاء الذي طغى عدم تعاونه في فصلها، وطالب سيدي بأن تجرى التسويات في المصارف لتلافي تراكم الديون، وأشار في حديثه إلى إشكالية أخرى تواجه المصارف تمثلت بخضوعها لقانون المؤسسات، مطالباً بصدور قانون خاص بالمصارف العامة، وبدوره اقترح مدير المصرف العقاري الدكتور مدين علي ضرورة وجود رؤية تربط بين السياسة النقدية والخطة النقدية في الإقراض وبين الخطة الاقتصادية، مؤكداً على ضرورة زيادة رأس المال للمصارف لتمكينها من رفع قدرتها على الإقراض.
تشجيع
من جانبهما قدم وزيرا الاقتصاد والتجارة الخارجية والمالية عدداً من المقترحات لتفعيل عملية الإقراض أهمها تطبيق مبادئ الحوكمة التي تضمن الشفافية والرقابة، حيث لفت الدكتور سامر الخليل إلى خروج المصرف المركزي خلال الفترة السابقة من دوره الرقابي إلى دور تدخلي تمخض بعدد من القرارات كبلت عملية الإقراض، في حين شجع الدكتور مأمون حمدان المصارف على الإقراض، مبيناً أن الخوف من المحاسبة هي إشكالية تؤرق الإدارات الجديدة ولكنها تنتفي بالالتزام بالمعايير والضمانات المحددة، كما أشار إلى أن قانون رقم 2 لا يصلح للمصارف ويجب العمل على إصدار قانون خاص بها.
خطوات
في المحطة الثانية ليوم عمل الحكومة على صعيد المصارف والاستثمار تم مناقشة المعوقات التي تحول دون النهوض بالواقع الاستثماري في مقر هيئة الاستثمار السورية، حيث حاول المهندس خميس إشراك جميع أفراد الهيئة لإبداء آرائهم في رسم السياسات الاستثمارية في مغلفات مغلقة تسلم لمكتبه، كما طالب بعدد من الخطوات من شأنها تحديد معالم الواقع الاستثماري، كتحديد قاعدة بيانات ومعلومات استثمارية واضحة لتحديد ماهية الاستثمارات التي تحتاجها سورية وربطها بهيئة التخطيط الإقليمي، وتزويد هيئة الاستثمار السورية بها، والعمل على تعزيز تنمية الاستثمارات لجهة إحلال المستوردات وكافة المشاريع المتعلقة بالخدمات والبنية الكاملة، كما شدد على ضرورة تحديد الأرض ضمن الفرص الاستثمارية المقدمة، إلى جانب تقديم دليل استثماري يتضمن كافة المعلومات للعملية التنفيذية للاستثمار، وأكد على ضرورة إعداد ورقة عمل بالآلية التنفيذية وعرض كافة المشاكل المرتبطة بأداء الوزارات.
غياب
واستعرض مدير الهيئة مدين دياب آلية العمل في الهيئة والخارطة الاستثمارية، مؤكداً على أهم الإشكاليات التي تعوق عملية الاستثمار التي تمثلت بإغفال بعض الجهات لتسمية ممثليها في النافذة الواحدة، إلى جانب غياب التفويض والصلاحيات اللازمة من قبل الوزارات المعنية لممثليها في النافذة، مشدداً على ضرورة إتباع اللامركزية بغية الحصول على الموافقات والتراخيص اللازمة للمستثمر لتخفيض التكلفة والوقت، بالإضافة إلى تقديم البيانات الصحيحة التي تساعد المستثمر على اتخاذ قراره.