عشوائيات نظامية..!
لم تحسم بعد مسألة تحسين المنظر العام للأبنية العقارية وتحديداً السكنية منها التي يتم إنشاؤها من قبل القطاع الخاص، ولاسيما تجار البناء، إذ ما زلنا نلحظ التشوهات العمرانية للكثير من المباني نتيجة تخاذل صاحب البناء عن إتمام عمليات الإكساء الخارجي وما يتطلبه من خدمات أساسية، دون أدنى تدخل من الوحدات الإدارية المعنية..!.
والأدهى أنه سرعان ما تتجاوب الوحدات الإدارية مع مساعي تجار البناء للحصول على تراخيص لأبنية جديد لحظة تصريف ما بجعبتهم من الوحدات السكنية في أبنية أخرى دون الاكتراث بإنجاز كامل خدماتها الأساسية، ما يشي بأن وراء الأكمة ما وراءها، خاصة إذا ما علمنا أن رخص بعض التجار تتميز بقدرتها على الانسياب بين أروقة الوحدات الإدارية..!.
نعتقد أنه من المتوجب في مثل هذه الحالة أن تدرك الوحدات الإدارية –طبعاً في حال عدم تواطؤها مع تجار البناء- هذا الأمر، وألا تعطي أي ترخيص لأي تاجر متخاذل ضمن نطاق المناطق المسؤولة عنها إلا إذا أتم مشاريعه السابقة على أكمل وجه، مع الإشارة هنا إلى حرص بعض التجار على إتمام مشاريعهم..!.
لقد أضحت ضواحينا السكنية متخمة بأبنية مشوهة بعيدة عن أسس وعناصر البناء الحديث، ما دفع البعض لنعتها بـ”عشوائيات نظامية”، وما يزيد طين هذا المشهد بِلة عدم تسوية أوضاع هذه المحاضر السكنية لجهة الحصول على أوراق ثبوتية نظامية مئة بالمئة، إذ إن هناك العديد منها لا يزال قيد الإفراز، ولا يحمل من يشتريها سند الملكية المعتمد، وإنما ثبوتيات من قبيل “حكم محكمة– وكالة بيع قطعي– وأحياناً عقد بيع”..!.
ولا نغفل في هذا السياق الدور السلبي للمكاتب العقارية المنفلتة من عقال الرقابة، وما تقوم به من عمليات تغرير لإيقاع الزبون الباحث عن منزل بشباك تحصيل حق تملك ما يشتريه..!. لما لا.. فهي تعمل بفضاء رحب ولا تخضع لأي قانون يضبط تصرفاتها..!.
واقع يضع وزارة الإدارة المحلية على محك المعالجة الفورية من الألف إلى الياء، ولاسيما أن ثمة توجه حكومي باعتماد معايير العمارة الخضراء، تماشياً مع متطلبات المرحلة الرامية إلى تحسين المشهد العقاري العام وتوفير الطاقة، وبالطبع لا يخفى على الوزارة أن الذراع التنفيذي المعني بالمعالجة هي البلديات المنتشرة على أصقاع الجغرافية السورية، فبمقدار صلاح رؤساء هذه البلديات، بمقدار تحقيق نتائج أفضل..!.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com