اقتصادصحيفة البعث

المكتب الاقتصادي المركزي يرصد الصدى لدى القواعد الشعبية  “استشراف رضى المواطن”  من مؤشرات ملتقى “الإصلاح الإداري مدخل للإصلاح الاقتصادي وإعادة البناء”

حين ركز وشدد السيد الرئيس بشار الأسد خلال اجتماعه الخميس الماضي بأعضاء الحكومة بعد تعديلها، على أن أي إصلاح يجب أن يكون المواطن منطلقه ومستقره، كان يدرك ببصره وبصيرته، أن رضى الأخير هو إحدى المؤشرات الرئيسة وأهمها، على نجاح أي عمل أو مشروع- تقوده الحكومة- بشكل عام، ومشروع الإصلاح الإداري خاصة، المترابط عضوياً بالإصلاح الاقتصادي. ولعل القيادة الحزبية بمكتبها الاقتصادي المركزي، ممثلة برئيسه الدكتور عمار السباعي عضو القيادة المركزية لحزب البعث، التقطت هذا التوجه، فعقدت لأجله ملتقى تحت عنوان “الإصلاح الإداري مدخل للإصلاح الاقتصادي وإعادة الإعمار”، ملتقى جمع ما بين القيادة الحزبية وقواعدها في فرع دمشق لحزب البعث، للاطلاع على ماهية العنوان المذكور وما تحته من مضامين، وبالوقت نفسه محاولة التلاقح الفكري حول تلك المضامين مع القواعد التي هي بالأصل تمثل شرائح اجتماعية متنوعة ومختلفة المستويات.

ولهذه المهمة استعان المكتب بعدد من الأكاديميين الاقتصاديين ممن يتقلدون مناصباً في وزارات الدولة، وهم من أعضاء الهيئة الاستشارية في المكتب الاقتصادي المركزي، والملفت كان غياب أصحاب المشروع الإصلاحي ونقصد وزيرة التنمية الإدارية أو من يمثلها على منصة الحوار..!. كما والملفت أن يختزل هكذا مشروع بعشرات من الدقائق، لكل محاضر عشرة منها..!.

سقط السقف..!

الدكتور السباعي افتتح الملتقى، مركزاً بعد التحفيز والتحميس للمشاركين، على أن لا سقف لطروحاتهم، ما دام الوطن الحل والمحل، ولأجل نهضته وعزته وتطوره وإكراماً للتضحيات العظيمة، لا يجب أن يخاف بعضنا من بعض ما دام الحق حكماً ووطناً، بل يجب أن نخاف على بعضنا البعض، منوّهاً بضرورة استمرار هذه اللقاءات لأن استدامة التواصل يولد الأفكار والرؤى والبرامج، لذلك كان رأى في المداخلات أهمية أكبر من المحاضرات التي سيلقيها رباعي مستشاري المكتب، والمحاور التي سيتناول كل واحد منهم إحداها؛ لكن هذا السقف اصطدم بتعقيب مدير الجلسة على مداخلة أحد المشاركين حين تناول معاناة المواطن في عدد من دوائر الدولة، إذ وصف بعض تعابير المشارك بالقاسية..!.

عرض واستعراض

الدكتور حيان سلمان معاون وزير الكهرباء الذي بدأ بالمحور الأول وهو”لماذا الإصلاح الإداري ومراحله ومناهجه” محدداً نقاط ثلاث يجب الانطلاق منها وهي: سورية المستقبل وإعادة الإعمار، ومتطلبات الإصلاح الإداري، ومخطط برامج الإصلاح، منوّهاً بأن إعجاز الإصلاح– كما وصفه – يجب أن يتحقق بأمرين بأقل زمن وأقل تكلفة، ولأجل ذلك حدد نقاط خمسة ننطلق منها نحو الأهداف المنشودة التي لا بد أن نسأل لأجلها أسئلة حادة وقاسية هي من السهل الممتنع، وأهمها زيادة الدخل المحلي الإجمالي وتحسين مستوى المعيشة، هذه وغيرها تحتاج إلى تسع خطوات لتنفيذها وتحقيقها، انطلاقاً من أن غاية الإصلاح الإداري رضى المواطن، لافتاً إلى أن 90% من حديث السيد رئيس الجمهورية للحكومة كان منصباً بشكل أو بآخر عن الفساد.

ليست بجديدة

أما فضل الله غرز الدين معاون رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي، فكان المحور الثاني من نصيبه وتمحور حول “مؤشرات الاقتصاد السوري والخسائر”، عارضاً عدد من الأرقام والنسب والمقارنات بين ما كان قبل الأزمة وبعد سنواتها، لافتاً إلى أننا نحتاج إلى مضاعفتها ليصل إلى ثلاثة أضعاف ما كان عليه كي نحقق النمو  المطلوب للتنمية، حيث كان 5% خلال سنوات ما قبل الأزمة وتراجع إلى 26% حتى عام 2014، بدء الانفراجات، منوّهاً بأن خسائرنا بلغت 5 تريليونات ليرة سورية، الأمر الذي أدى لتضرر القطاعات الاقتصادية وأكثرها كان التجاري، ما اضطر الحكومة للتعويض عبر زيادة الإنفاق، أما خسائرنا الاستثمارية فوصلت إلى 3 تريليونات ليرة. مشيراً إلى عدد من المؤشرات وتراجعها، ومنها البطالة والتعليم والتشغيل.

أكثر ضرورة

المحور الثالث والذي تناوله الدكتور عابد فضلية رئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية كان حول “رؤية إصلاح القطاع العام، خاصة الصناعي والتجاري”، بدأه بالتقسيم السياسي للدول، معتبراً سورية دولة تدخلية لدعمها الجانب الاجتماعي “اقتصاد السوق الاجتماعي”، مؤكداً أن دور الدولة حالياً أصبح أكثر ضرورة، وكذلك دور الحزب والأحزاب، وقسم فضلية المؤسسات والشركات إلى ثلاث فئات، الأولى يجب الاحتفاظ بها، والثانية الاحتفاظ بها ودعمها، والثالثة علينا دراسة بقائها أم إنهائها، وتحديداً تلك التي يمكن تحويلها لشركات مغفلة عامة، تكون ملكية الدولة فيها مع شريك خاص خبير، يُعطى للعاملين فيها أسهماً، وكذلك التحول للشركات المساهمة العامة ليستطيع المواطن ذو المدخرات المحدودة الاستثمار في سوق الأسهم بهدف تحسن مستوى معيشته، نظراً للأرباح التضخمية التي من شأنها إحداث التوازن مع الأسعار التضخمية.

 

حسابات

خاتمة المحاور كانت لمدير الحسابات القومية في المكتب المركزي للإحصاء شامل بدران، الذي أكد أنه لم يكن لدى الحكومة خطة للتنمية وللخروج من آثار الحرب، بل كان جل نشاطها ردود أفعال لإصلاح ما يخرب، وما يحتاجه المواطن، أما الآن فلديها خطة تتمثل بأربع نقاط: مرحلة الإغاثة والاستجابة ومرحلة التعافي ووقف التضخم، والثالثة الانتعاش، والرابعة والأخيرة الاستدامة والتنمية، وقد فصل بدران البرامج اللازمة لها، منوّهاً بأننا حالياً في مرحلة تخفيف التراجع.

هوة..!

بدورنا – إن أردنا التقويم لهذا الملتقى- نقول: إنه لا يخلو من الأهمية وأنه اتصف بالعرض والاستعراض، بين أكاديميين متخصصين قدموا ما يستطيعون مشكورين، لكن لم يستطيعوا أن يردموا الهوة المعرفية بينهم وبين القواعد، وهذا ما بدى في مجمل المداخلات التي لم تخل من بعض الأسئلة التي قاربت المفهوم الكلي لعملية الإصلاح بشقيها الإداري والاقتصادي، فقد كانت جزئيات المتلقين محرجة الطرح، وهذا بصريح العبارة مؤشر واضح على إشكالية في تلقي القواعد بشكل عام للمشروع الإصلاحي، الذي حظي من القيادة السياسية بكل الاهتمام والدعم، لكن روح القيادة  الإصلاحي – وعلى ما يبدو – يحتاج إلى أجسام وعقول قادرة..!.

قسيم دحدل

Qassim1965@gmail.com