أخبارصحيفة البعث

فرنسا.. الإليزيه أمام الاختبار!!

 

أصبحت الاحتجاجات، التي تشهدها فرنسا منذ 17 تشرين الثاني الماضي، تعبيراً عن مظالم الشعب الفرنسي الطويلة نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة وتناقص القوة الشرائية فلم يعد بمقدورهم دفع ضرائب إضافية أكثر من ذلك، الأمر الذي اضطرهم للنزول إلى الشارع وتفجير الأوضاع.
لقد تحوّلت الاحتجاجات إلى أسوأ أحداث شغب في باريس حدثت خلال العقد الماضي، حيث قام المحتجون بإحراق السيارات وتخريب المتاجر، وتحطيم تمثال ماريان في متحف قوس النصر، الذي يعتبره الفرنسيون رمزاً مقدساً للجمهورية. وقد أدت أعمال الشغب في مدينة الأضواء حتى الآن إلى إصابة 113، من بينهم 23 من أفراد  الشرطة، واعتقال أكثر من 400 متظاهر.
الاحتجاجات التي شغلت عناوين الصحف الدولية لم تكن منظّمة من قبل النقابات أو الأحزاب السياسية، وإنما تمّ الحشد لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولم يكن أحد يتوقّع حدوثها قبل عام، مما أدى إلى نشر الفوضى في العاصمة الفرنسية.
الناخبون الفرنسيون علقوا آمالاً كبيرة على ماكرون، أصغر رئيس فرنسي، والذي وعدهم بحياة  أفضل. ولكن بعد مرور 18 شهراً ، شعر الفرنسيون المحبطون أن حياتهم لم تتحسّن، وأصبح ماكرون يواجه أكبر أزمة سياسية له. في الواقع مهّدت سياسات ماكرون الاقتصادية خلال فترة عام ونصف العام  الطريق للاحتجاجات، عندما قام في بداية عهده بخطوة قوبلت بانتقادات لاذعة على نطاق واسع بإزالة الضريبة عن ثروات الأغنياء، مما أدى لخسارة مالية فرنسا 3.2 مليار يورو.
وعلى الرغم من أنه كان من المفترض أن تحوّل الضريبة على الثروة إلى ضريبة على الثروة العقارية فقد اعتبرها البعض بأنها “هدية للأغنياء”.
في الوقت نفسه ، اقتطع ماكرون 5 يورو شهرياً من إعانة الإيجار للطلاب وذوي الدخل المحدود. وبذلك يرسل الزعيم الفرنسي رسالة من خلال الطريقة التي تحدث بها على أنه متغطرس وغير مبالٍ بمعاناة الفقراء.
صحيح أن لدى ماكرون رؤية حول مستقبل فرنسا البيئي، وهذا هو سبب زيادة الضرائب على الوقود لتمويل السياسات المستقبلية للتصدي لتغيّر المناخ، لكن الفرنسيين يريدون منه أن يتصدّى أولاً لمشكلة ارتفاع تكاليف المعيشة . ولا يتوقّف قلق ماكرون على الاحتجاجات فقط، بل إن هاجسه الأكبر كيفية تغطية النفقات المترتبة على استنفار جهاز الشرطة من ضباط وعناصر كي يتواجدوا بأعداد كبيرة في ساحات الاحتجاج، إضافة إلى تأثر الشركات والإضرار بمعالم باريس جراء الاحتجاجات.
كيفية إنهاء احتجاجات “السترات الصفراء” هو اختبار كبير لإدارة ماكرون، وخاصة مع اقتراب أعياد الميلاد . وفي آخر التطوّرات، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب عن إلغاء رفع ضريبة الوقود لتهدئة الاضطرابات.
لكن رد الحكومة الفرنسية جاء متأخراً جداً لأن المتظاهرين ما زالوا غير راضين، فمطالبهم لم تتحقّق لبدء حوار مع الحكومة، ولذلك أعلنوا أن الاحتجاجات الأسبوعية ستستمر، وأنهم ماضون في المطالبة برحيل ماكرون.
عناية ناصر