تقاليد النحت وإيقاع الحياة في الأيام التشكيلية السورية
تطرق الأيام التشكيلية السورية في ندواتها أبواباً مختلفة وتسلط الضوء على مفاصل مهمة في المشهد التشكيلي السوري وهي تستحق أن يسمعها جمهور أكثر عدداً –مما حضر- وربما أكثر تخصصاً في الشأن التشكيلي من أجل أن يكون الحوار غنياً وقائماً بين جميع الأطراف المعنية، وفي الندوة التي أقيمت في الأمس وأدارها الفنان أكسم طلاع تم التركيز على محورين الأول هو تقاليد النحت السوري، والثاني هو فريق إيقاع الحياة من خلال جو حواري تفاعلي.
النحت التدمري
وانطلاقاً من أهمية تدمر في التاريخ السوري والعمراني، بدأ الحديث الفنان د. فؤاد طوبال عن (تقاليد النحت السوري: النحت التدمري نموذجاً) إذ أوضح أن جمال تدمر وعظمتها جعلها هدفاً ومطمعاً للكثيرين منذ القدم، بالإضافة إلى الكثير من الأحداث الطبيعية كالهزات والزلازل التي أحدثت ضرراً في بعض الأوابد التدمرية بينما حافظ أغلبها على البقاء، ثم عرض طوبال خريطة لمدينة تدمر تظهر جمال الناحية المعمارية فيها والتي كانت مركزاً تجارياً هاماً، لافتاً إلى ذكاء التدمريين في مجال العمارة وتميزها بمعالم معمارية متميزة لم توجد في مكان آخر في العالم واحتواءها على أهم أوابد الشرق، وفيما يخص خصائص النحت التدمري تحضر العفوية والنظرة الجامدة والحجر الكلسي المحلي وطريقة معالجة الثياب والتفاصيل والوضعيات والشخوص، ثم تطرق إلى الأنواع الفنية والأعمال المبكرة للفن التدمري والتي كانت ذات أصول رافدية مشيراً إلى بعض الرموز التي كان لها دلالاتها الخاصة، كما تكلم عن النحت الجنائزي والنحت المجسم والتصوير التدمري وتماثيل الأطفال والنساء، مشدداً على عدم وجود تمثال للملكة زنوبيا إلا على العملة وأن الاعتقاد بأن تمثال أي امرأة يعود لزنوبيا هو خطأ شائع، ثم عدد بعض أسماء الباحثين الوطنيين في الفن التدمري والمتاحف الأساسية المحلية والعالمية التي تحتوي هذا الفن.
إيقاع الحياة
وكما أدخلوا لون الأمل إلى الشوارع السورية ودافعوا عن المدينة بأدواتهم فكانوا صوتاً للحياة، كذلك كان حضور “فريق إيقاع الحياة” كأعمالهم جميلاً ومميزاً ويفيض بالحياة والفرح، وقد أوضح مشرف الفريق الفنان موفق مخول بأن “إيقاع الحياة” هو فريق بسيط لكنه يملك الكثير من الحب والعطاء والمبادرة، وعندما كانت شوارع دمشق -في وقت الأزمة- مليئة بالحزن والخوف والرعب قررنا أن نقدم شيئاً لتغيير هذا الحزن، وأفضل طريقة هي استخدام صورة بصرية لخلق الفرح والأمل، وكنا نتمنى أن يرضي عملنا الجميع ولكن الثقافة للأسف تحتمل مزاجية أكثر من الرؤية الفكرية، وعلى الرغم من تعرضنا للانتقادات ولكن المحبين كانوا أكثر لذلك استمرينا في عملنا وحولنا جدرانا ميتة إلى لون وابتسامة وكان هدفنا ورسالتنا هي الأمل فنحن مجموعة متطوعين ومعلمين وعملنا مجاناً وتطوعاً ضمن مشهد وطني إنساني ولذلك يجب عدم النظر إلى العمل من جانب فني بل من جانب إنساني،مبيناً : هناك مجموعة من الأعمال التي قدمها الفريق على مستوى دمشق ضمن إمكانيات بسيطة فنحن حريصون على توظيف الفن التشكيلي في الشوارع وأن يصبح متاحاً للجميع وليس فقط للأغنياء، ومن هذه الأعمال لوحة في منطقة التجارة عام 2011، جدارية المزة التي دخلت موسوعة غينيس، عمل في ساحة شمدين، الشجرتين في منطقة جسر الرئيس، وأخر عمل هو في دار السلام، ومكتبة دمشق التربوية، والمكتبة التبادلية، ومتحف العلوم الذي يعتبر من أهم متاحف الوطن العربي، بالإضافة إلى مجموعة أعمال في باقي المحافظات.
مجموعة رسائل
ورأى عماد كسحوت مدير الفنون الجميلة بأن عمل ومبادرة فريق “إيقاع الحياة” له علاقة بالانتماء الذي هو أساس الحياة، لافتاً إلى أن عملهم يستحق التقدير والشكر وكل الدعم، كما أكدت رجاء وبي أحد أعضاء الفريق بأن عملنا لم يكن عبثيا بل فيه مجموعة رسائل وهي التأكيد على ثقافة فن الشارع وتجميله وهو نوع من الدفاع عن الوطن وكذلك باعتبارنا مجموعة معلمين ففيه محاكاة مع الطفل وتحريضه على خلق حالة جمالية وخلق روح التعاون والمشاركة، مؤكدة الحاجة إلى اللون في وقت الرماديات والحزن، فاللون مغناطيس يجذب الفرحة والأمل ولاسيما أن عملنا مقدم لجميع الناس وليس للنخبة، كذلك أوضحت صفاء وبي أن عملنا في الفريق هو من أنبل الأعمال فقد كان طوعياً، كما أننا عملنا في ظروف صعبة واستثنائية حيث لم يتم تقديم أي تسهيلات لنا، على الرغم من أننا بحاجة للدعم والاهتمام.
لوردا فوزي