أخبارصحيفة البعث

نقاط على حروف زيارة البشير

 

 

د. مهدي دخل الله

لا شك أن صدر دمشق اعتاد على استقبال كل من يريد خدمة قضايا الوطن والأمة، خاصة أن العلاقات بين الدول لها معاييرها التي تستند إلى المصالح والمواقف السياسية، وهي بذلك تختلف عن العلاقات بين الأفراد القائمة على العواطف، سلبها وإيجابها..
ولا شك أيضاً في أن زيارة الرئيس السوداني ليست منّة من أحد، إنما هي مظهر جديد من مظاهر انتصار سورية – وإن لم يكتمل بعد – ونور هذا الانتصار الذي سيراه حتى أولئك الذين مازالوا في طغيانهم يعمهون..
هذا الطغيان شاهدناه أمس الأول في مشهد مضحك – مبكٍ، وشر البلية ما يضحك ويبكي. واحة حقوق الإنسان والديمقراطية في المنطقة واسمها المملكة العربية السعودية تتقدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة – لجنة حقوق الإنسان – بمشروع قرار «يدين انتهاك حقوق الإنسان والديمقراطية في سورية؟؟..».. تصوروا!!..
لا يهمني في هذه العجالة موقف السعودية – الدولة الأسرة – إنما ما اهتم به موقف مندوب السودان في الجمعية العامة للأمم المتحدة، هل سيصوت مع المشروع السعودي أم ضده؟.. لا أستطيع التكهن الآن، لكني آمل أن يصوت ضد المشروع ليكون موقف السودان منسجماً مع النتائج الطيبة والمتوخاة من الزيارة.
الإشكالات بيننا وبين الأنظمة العربية لا تحل عبر الابتسامات، وكأن شيئاً لم يكن. نحن هنا لدينا دولة متحضرة، وتلعب دائماً مع الكبار الكبار.. والشعب العربي السوري العظيم… العظيم جداً جداً لا يمكن أن يقبل بعد هذه التضحيات كلها بمقولة: عفى الله عما مضى، ولا تؤاخذونا ياشباب لقد أخطأنا، فالسياسة لها معاييرها، وفي سورية دولة بارعة في استخدام هذه المعايير، ولن تفرط بنقطة دم واحدة من دماء أبنائها… وهي دماء غالية جداً.
هل المسألة تتعلق بدعوة سورية للعودة مظفرة إلى جامعة الدول العربية التي أضحت جسداً لاحراك به؟ هل يريدون من سورية أن تحيي عظام هذه الجامعة البائسة وهي رميم؟.. وفق ماذا؟.. ما هو الشيء الذي سيقدمه قتلة الجامعة لمنقذهم؟..
هل عودتنا إلى الجامعة تأتي بقرار شعبي يتطلب استفتاءً عاماً؟.. وهل يمكن أن تبقى الجامعة على نمطها القديم إذا عادت لها سورية؟.. ما هو مشروعنا لتحديث الجامعة إن كان من الممكن العودة إليها أصلاً؟.. كل هذه أسئلة مطروحة أمام دولتنا الوطنية ورأينا العام، فالشعب السوري لن يقبل أقل من موقف الكرامة والقيادة في مجموعة عربية أوصلتها بعض أنظمتها إلى ما تحت الحضيض..
نحن سوريون وطنيون، لكن العروبة جوهر هذه الوطنية، ولن نرضى بعد الآن لجوهرنا سياسات الترقيع والمسايرة. عليهم أن يستمعوا لنا.. فنحن نتميز عنهم وبينهم بنصر لم يصل إليه أحد في هذه المنطقة قبلنا….

mahdidakhlala@gmail.com