كشفت مواقع الخلل بشقيه العلمي والإداري هل تبقى مداخلات المؤتمرات الطلابية مجرد “حكي” لا فائدة منه؟
دائماً وأبداً تضع المؤتمرات الطلابية النقاط على الحروف عندما تسلّط الضوء بشكل مباشر على مكامن الخلل والفساد العلمي بشقيه الإداري والعلمي، وتبرز أهمية هذه المحطات السنوية في أن كل شيء خلالها يوضع على الطاولة أمام المعنيين بشؤون التعليم العالي بالجامعات الحكومية، والخاصة، والمعاهد التقانية، ضمن أجواء من النقد البناء الذي يصل قمة مستوياته، “البعث” رصدت أجواء المؤتمرات عبر مداخلات الطلبة التي تمحورت حول عديد القضايا التي تمثّل همومهم ومشاكلهم المزمنة التي لم تلاق إلا الوعود المعسولة، فإلى متى تبقى المطالب معلّقة؟!.
ماذا في دمشق؟
طلبة جامعة دمشق في مختلف الكليات قالوا بالصوت العالي: “بيكفي وعود خلبية”، في إشارة منهم إلى الكلام الكثير، والفعل القليل، ففي مؤتمر الوحدة الطلابية لكلية العلوم السياسية، طالب المؤتمرون بالإسراع بتسليم البناء المخصص للكلية لتلافي المشاكل التي تعيق العملية التعليمية، وبرأي الطلبة فقد آن الأوان لتوصيف شهادة كلية العلوم السياسية توصيفاً حقيقياً، ولحظها في جميع المسابقات، خصوصاً في الإعلام والخارجية، لأنهم يعتبرون أنفسهم مظلومين، وتضيع عليهم الكثير من الفرص هم أحق بها من غيرهم!.
وفي كلية الحقوق، تساءل الطلبة: إلى متى تبقى إدارة الكلية مكتوفة اليدين أمام الظلم المفضوح لجهة انكماش فرص النجاح إلى حد “خرم الإبرة”؟!.
وفي مؤتمر المعهد التقاني الهندسي، انتقدت المداخلات بطء سير المعاملات الطلابية في قسم الشؤون، والديوان، والامتحانات، والمعاملة غير اللائقة للطلبة، ورغم الشكاوى، لكن لا يوجد من يحاسب!.
وكشفت المداخلات بالأمثلة والدلائل وجود بعض المشاكل مع الأساتذة، ونقص الكثير من مستلزمات المخابر، والقاعات، والمراسم.
وطالب طلبة معهد الاقتصاد المنزلي الثاني بإتاحة الفرصة لخريجات المعهد الأوائل بمتابعة دراستهن وتحصيلهن العلمي في كلية الفنون الجميلة لأنهن يملكن الموهبة والكفاءة لذلك.
منهج ومقرر محدد!
ليس الحال بأفضل في الجامعات الخاصة، فمؤتمر كلية الهندسة المعمارية في جامعة الرشيد الخاصة كشف العديد من الصعوبات والمشكلات التي تعترض سير العملية التعليمية في الكلية، حيث أشار الطلبة إلى نقص القاعات، ووجود عدد قليل من الأجهزة بالمخابر، وبخصوص الامتحان الوطني طالبوا بأن يكون هناك منهج محدد يتم الاعتماد عليه من الجامعة لطلاب الكلية.
وتساءلوا عن غياب مركز الخدمات بالجامعة، مشيرين إلى أنها مشكلة أساسية تمت الإشارة إليها في جميع المؤتمرات الطلابية لجميع الكليات بالجامعة، ولكن لا حياة لمن تنادي!.
مواد طبية منتهية الصلاحية!
كشف مؤتمر كلية طب الأسنان بجامعة الأندلس الخاصة بعض المشاكل المتعلقة بالأمور الخدمية والأكاديمية الموجودة في الكلية، وطالب المؤتمرون بإيجاد حل لها، كالمواد منتهية الصلاحية في مخابر العيادات، والشكوى من عدم توفر المعلومات الجديدة في الكتب الجامعية، ولجوء الطلبة إلى طباعة وشراء ملفات PDF من المكتبات بأسعار عالية!.
أجواء باردة في السويداء!
في عز هذه الأجواء الماطرة والباردة، شكا طلبة كلية الفنون الجميلة الثانية بالسويداء من سوء التدفئة التي تنعدم في القاعات، ومعاناتهم الطويلة مع البرد في ساعات الدوام الطويل، والحجة الدائمة عند المعنيين: “لا توجد محروقات”.
وطالب المؤتمرون بتعديل قرار مجلس التعليم العالي الذي ينص على تعيين الطالب الأول معيداً على دفعته، حيث يظلم هذا القرار الكثير من الطلبة الأوائل، ويحرمهم الفرصة لمتابعة تحصيلهم العلمي، وذلك بسبب نقص الأعداد في كلية الفنون، كما اشتكى البعض سوء المعاملة من بعض المدرّسين في الكلية، واستخدامهم الألفاظ البذيئة بشكل دائم!!.
الواجب بات عبئاً!!
وفي مؤتمر كلية الاقتصاد بجامعة البعث شددت المداخلات على ضرورة إحداث مبنى خاص بالكلية، والشكوى من المعاملة السيئة من قبل بعض موظفي شؤون الطلاب، وكأن الواجب عندهم أصبح عبئاً عليهم!.
أما مؤتمر كلية الهندسة المعمارية فكشف عن نقص الكراسي في المراسم، وعدم توفر مقرر علوم البيئة، وشكا الطلبة من تضارب في المعلومات بين الدكتور والمعيد في مقرر التصميم!.
وفي مؤتمر كلية الهندسة الكيميائية والبترولية ركزت المداخلات على الشكوى من نسب النجاح المتدنية عند بعض الدكاترة، والمعاملة السيئة، والوضع السيىء في السكن الجامعي، والنقص الكبير في عدد القاعات، حيث لا تتناسب مع العدد الكبير للطلاب!.
دكتور يتحدى الطلبة!
أثار مؤتمر كلية الهندسة الميكانيكية في جامعة حلب مشكلة تدني نسب النجاح في مواد الدكتور “ج.ط” الذي أصبح النجاح في مواده حلماً، وأكدت المداخلات أن المشكلة مستمرة منذ سنوات، وقد تم طرحها في أكثر من مؤتمر طلابي، لكن الجامعة لم تتخذ أي إجراء بحقه وسط استياء طلابي من هذه الحال!.
كما بيّنت مداخلات المؤتمرين في كلية الفنون التطبيقية في الجامعة ذاتها عدم وجود معايير معتمدة وواضحة لتصحيح المشاريع المقدمة من الطلاب خلال العام، والنقص الحاد في الكادر التدريسي، وعدم وجود آلات خياطة كافية تتناسب مع عدد الطلاب في قسم الأزياء، كما كشفت المداخلات عن عدم وجود البنى التحتية اللازمة في مقر الكلية!.
أنين معاهد حلب!
لم يكن غريباً أن يبوح طلبة المعاهد في حلب بكل هذه المشكلات والصعوبات أمام المعنيين بشؤونها، حيث ناقش المؤتمرون الوضع الراهن للمعاهد التقانية من حيث ضرورة تعديل اللائحة الداخلية كونها أصبحت قديمة، وغير منصفة، وغير منطقية!.. وطالب المؤتمرون بتطبيق القوانين التي تسري على زملائهم طلاب الكليات، وأشاروا بألم إلى مشكلة قلة نسبة الأوائل التي لا تحقق في بعض المعاهد العدد ذاته، ما يتسبب بعدم انتقالهم لإكمال دراستهم في الكليات، كما أشاروا إلى مشكلة تأخر صدور مفاضلة التعليم الموازي، وإجراءات التسجيل، ما يؤدي إلى تأخر المقبولين عن المحاضرات، وجلسات العملي، وعدم قدرتهم على تسليم المشاريع في الوقت المحدد مع طلاب التعليم العام!.
وكشفت المداخلات المعاناة من نقص أعضاء الهيئة التدريسية المختصة، والاعتماد على المحاضرين الخريجين حديثاً غير القادرين على إيصال المعلومات بشكل جيد، عدا عن عدم التزام المدرّسين بمواعيد المحاضرات، والجلسات، والغياب في بعض الأحيان.
كما تطرق الحضور إلى النقص الحاد في الأجهزة الاختصاصية، والحاسب في مخابر المعاهد، ومشكلة عدم استيعاب مباني بعض المعاهد، والقاعات، والمدرجات، وعدد الطلاب الكبير المداومين في المعهد، ما يؤدي لتقسيمهم إلى دفعات وزمر، وتشتيت الطلاب.
وطالب المؤتمرون بإحداث مسابقات توظيف اختصاصية للخريجين، وعدم دمجهم مع المسابقات العامة.
مطالب عاجلة لطلبة درعا
طلبة درعا طالبوا بضرورة الإسراع بترميم مبنيي كليتي العلوم والطب البيطري بعد أن تم تحريرهما، واستغربت المداخلات الحال السيىء للمخابر، مطالبين بتجهيزها وتطويرها، وبالأخص مخبر الحاسب.
كما طالبت المداخلات بإلغاء قرار تحويل الطالب المستنفد والمعاقب من قبول عام إلى مواز، وضرورة إحداث قسمي الفيزياء والكيمياء في كلية العلوم، بالإضافة إلى مطالب أخرى ضرورية بهدف الارتقاء بسوية العملية التعليمية والإدارية.
وسلّط مؤتمر كلية الآداب الثالثة الضوء على المشكلات التي تعاني منها الكلية منذ إحداثها دون أن يتغير فيها أي شيء، وشدد المؤتمرون على ضرورة الإسراع بترميم مبنى الكلية الموجود بمزيريب، وإلغاء قرار تعليق قسم اللغة الفرنسية، والنظر بوضع الطلاب المنقطعين والعائدين بموجب مرسوم، كما تكررت الشكوى من نقص الكادر التدريسي في أغلب كليات درعا!!.
إجابات غير مقنعة!
ناقش طلبة جامعة تشرين في مؤتمرات كليات: الصيدلة، والعلوم، والهندسة عدة قضايا تعليمية وإدارية، ففي كلية الصيدلة تمحورت المداخلات حول اقتراح إنشاء صيدلية افتراضية، وافتتاح الدكتوراه في قسم الصيدلة الصناعية، وزيادة تمويل الأبحاث التي يقوم بها طلاب الدراسات العليا كون التمويل الحالي قليلاً جداً.
أما في مؤتمر كلية العلوم فكشفت مداخلات الطلاب عدم وجود ماجستير لاختصاص الكيمياء الحيوية، وضعف تجهيزات مخابر: /الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، العلوم/، بالإضافة إلى الكشف عن عدم وجود كادر تدريسي كامل في قسم الإحصاء الرياضي.
وشكا الطلبة من عدم تشغيل أجهزة الصوت في المدرجات أثناء المحاضرات، ومن تأخر صدور قرارات التخرج، ورفع رسوم التسجيل!.
أما مطالب مؤتمر كلية الهندسة المعلوماتية فتساءلت عن الخدمات، أو التحسينات التي تقوم بها إدارة الكلية لإغناء الجانب العلمي، والشكوى من عدم وجود مخبر ضمن الكلية ليتسنى للطلاب التدرب على أجهزة الحاسب، وكشفوا عن وجود تعارض في المعلومات التي يقدمها دكتور المادة في الجانب النظري مع ما يقدمه الأستاذ في الجانب العملي، وطالبوا بزيادة عدد ساعات فتح مكتبة الكلية، والعمل على إحداث أخرى تتسع لعدد أكبر من الطلاب!.
وارتفع صوت الطلبة عالياً منتقداً تغاضي الجامعة عن تدني نسب النجاح في أكثر من كلية، والظلم الذي يتعرّضون له بهذا الخصوص، متسائلين عن عدم تسليم سلالم التصحيح قبل موعد الامتحان!!.
وكان لافتاً أن إجابات عميد كلية “الهمك” لم تكن مقنعة أثناء الردود على استفسارات الطلبة، ومحاولة الالتفاف عليها!.
هل تصل الرسائل؟
بعد تحريرها من رجس الإرهاب عادت الحياة إلى جامعة الفرات بدير الزور، ولكن للأسف يبدو أن المعنيين في الجامعة لا يدرون ماذا يجري في كلياتها، فهل يعقل أن ينتظروا حتى المؤتمرات ليعلموا ما فيها من مشكلات وصعوبات؟!.
ففي مؤتمر الوحدة الطلابية لكلية الآداب والعلوم الإنسانية، شكا الطلبة أمام المعنيين بشؤونها من عدم وجود كتاب مقرر لمادة اللغات الأجنبية في كافة الأقسام، بالرغم من اقتراب موعد امتحان الفصل الدراسي الأول!!.
كما حضرت الشكوى من الغياب المتكرر، وعدم التزام المحاضرين في قسم علم الاجتماع وغيره، وكأن الكلية آخر اهتماماتهم!!.
المؤتمرون طالبوا رئاسة الجامعة باتخاذ الإجراءات المناسبة بخصوص تأمين الكتاب الجامعي، و”تطنيش” بعض الأساتذة، بالإضافة إلى تأمين السكن الجامعي للطلاب الوافدين، وكذلك رفع نسب النجاح، وغيرها من المطالب والحقوق المشروعة المؤجلة، آملين تحقيقها في أقرب وقت.
ويبقى السؤال: إلى متى تبقى حقوق الطلبة المشروعة لطلبة الجامعات مؤجلة بداعي الحجج الواهية؟! وإلى متى تبقى مطالبهم ومقترحاتهم حبراً على ورق؟!.
غسان فطوم