ثقافةصحيفة البعث

العرض التركيبي أنت..! أنت..؟

قدمت الفنانة التشكيلية سامية النحاس عملاً جماعياً بعنوان “هل أنت أنت..؟” متعمدة إظهار الجانب الفني لدى الكثير من الأشخاص لتثبت أن الفن ليس حكراً على الفنانين فقط، وإنما هو شيء نملكه جميعاً.

وقد استخدمت الفن بمعالجة عدة مواضيع اجتماعية. وهذا ما لاحظناه بعملها السينوغرافي التفاعلي بمعرض الخريف السنوي الذي انتهت فعالياته مؤخراً في خان أسعد باشا، والذي عبرت به حسب قولها عن حياة كاملة مختصرة، وكان لمشاركتها حضور متميز، حيث استخدمت مساحة صغيرة وأقنعة مختلفة قسمت من خلالها الحياة إلى ثلاث مراحل، مرحلة المجتمع بكل اختلافاته ومرحلة الحقيقة المتخفية دائماً لنصل إلى المرحلة الثالثة وهي المواجهة مع الذات ولنسأل أنفسنا هل أنا أنا؟

وتحدثت النحاس عن عملها فقالت: “هذه الفكرة بدأتها في نيسان، حين أحضرت أقنعة وقدمتها إلى أشخاص مختلفين وطلبت منهم أن يرسموا القناع الذي يعبر عنهم، والأقنعة عبارة عن أشخاص نواجههم بكل أطيافهم واختلافاتهم، الصغير والكبير والمكلوم والسعيد والغني والفقير وغيرها”.

تشكلت لديها المرحلة الأولى من العمل بأقنعة ملونة وتعابير مختلفة لننتقل إلى الجانب المقابل وهو المرحلة الثانية التي عبرت بها عن الحقيقة بأقنعة بيضاء موزعة يتوسطها قناع كبير وسط خلفية سوداء قاتمة، لتستوقفنا مرآة تعكس الحقيقة كاملة، لنوجه لأنفسنا سؤالاً علينا أن نجيب عليه بصراحة: هل أنت أنت؟ كما تصدرت ثلاثة أقنعة المكان أيضاً وهي الدين والجنس والسياسة، التي اعتبرتها أكثر الأقنعة ارتداءً في كثير من الأحيان.

وعن المرحلة الثانية قالت: “سوف نخرج من هذا المجتمع لنواجه قناعاً حقيقياً لطالما حاولنا أن نخفيه وأن نعيش متجاهلين وجوده داخلنا رغم أنه ولد لدينا بالفطرة”.

وعن اختيارها للون الأسود في المرحلة الثانية بيّنت: “لم أختر اللون الأسود كدليل عن الكآبة فهو تضاد مع الأبيض لينطق جمالاً أخاذاً، فمع السواد تُخلق بيئة جميلة بجانب تلك الأقنعة البيضاء ونعبر عنها بجدلية ممتعة”.

وختمت بقولها: “اخترت الخروج من إطار التفرد باللوحة إلى إطار عمل جماعي لنقول إننا قادرون على عمل جماعي متجدد حديث نستطيع من خلاله تسليط الضوء على أفكارنا المختلفة ومزجها مع بعضها البعض لنشكل لوحة كاملة ننظر لها من بعيد”.

وأضافت: بالنسبة لي عرض أنت..! أنت.. المتمثل بالأقنعة هو نتاج تأمل هادئ للفضاء وعلاقته بالإنسان، وحوار مؤدب جميل بين الفراغ والشكل والفضاء وهو لغة جديدة للتواصل بيني وبين الأحداث الاجتماعية التي نعيش تفاصيلها.. هو لحظة مواجهة صادقة تثير التفكير بما هو حقيقي والحاجة الى التأقلم ضمن محيطنا المجتمعي والتفكير بجدوى ارتدائنا الاقنعة لإخفاء  عواطفنا ومسرحتها كضرورة فرضت علينا لنستمر في العيش والتعايش في هذا العالم المتغير.

إذا عالجنا ضجيج مخيلتنا وما نحمله من أعباء مثقلة بهموم الحياة بهذه الطرق الحضارية والجميلة فسنتمكن من تنظيف أرواحنا بالجمال، ففي معرض الخريف السنوي لوحات جميلة شُكلت بأيادي فنانين تشكيليين منهم الخريجون ومنهم الموهوبون، فما إن تدخل حتى يسيطر عليك الصمت في حرم الجمال والغموض وتضيع بين هذه المساحات الصغيرة منها والكبيرة، المرسومة منها والمنحوتة وتترك لمخيلتك حق الاستمتاع والتأمل، وشيئاً فشيئاً يراودك الهدوء وترمي بحمل همومك خارجاً.

ريم حسن