مع الأحداث ترامب.. وسياسة “اللا خطة”
ما من شك أن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى القاعدة العسكرية في العراق “عين الأسد” لها مدلولات كبيرة، وتحمل في طياتها رسائل كثيرة، وخاصة إلى المحور الذي أرغمه على الانسحاب من قاعدة التنف السورية القريبة من القاعدة العراقية الواقعة في صحراء الأنبار غرب العراق.
لكن عندما أُرغم ترامب على الانسحاب من سورية، سواء كان باتفاق غير معلن مع اللاعبين الإقليميين، أو لخلط الأوراق في المنطقة، كان الكل يعلم أن ترامب لن ينسحب مجاناً، وأنه لابد من أن يثبت قواعد اشتباك جديدة.
ومن هنا فإن زيارته إلى القاعدة العسكرية في العراق هي تأكيد على مناطق النفوذ في المنطقة، كما أنها تشير إلى تمسك الرئيس الأمريكي بالتواجد في الأراضي العراقية، وعدم سحب الجنود الأمريكيين، بعكس ما حدث في التنف السورية.
هذا التوجه ترجمه ترامب صراحة حين قال: “إنه ليس لديه خطط لسحب القوات الأمريكية من العراق”، ما يعني أن الرجل يوجّه رسائل مبطنة إلى دول إقليمية ودولية، خاصة أن الزيارة المفاجئة أتت في ظل تحرك أمريكي لمواجهة إيران، ومحاولة إبعادها عن منطقة الشرق الأوسط.
إن هذا التصرف الأميركي ليس إلا نوعاً من سياسة “الكاوبوي”، وهذه السياسة تؤكد أن “اللا خطة” التي يعتمدها ترامب في سياسته الخارجية هي خطته الحقيقية في الشرق الأوسط، وإن هذه التقلبات بشأن الانسحاب من سورية، والبقاء في العراق تدفع موسكو وطهران إلى الانتظار والترقب.
كما أن روسيا غير مقتنعة بقرار الانسحاب، حيث إن ترامب الذي انسحب من التنف بحجة أن بلاده تصرف أموالاً لا طائل منها، وأنها لن تنصب نفسها شرطياً على العالم، عاد وأطلق تهديدات بضرب سورية من العراق، أي إن الرجل يلمّح إلى أنه يمكن أن يعرقل الحل السياسي في سورية والذي بدأت ملامحه تظهر بالتدريج.
لكن وجوده في قاعدة “عين الأسد” التي كان يريد من خلالها إرسال رسائل مبطنة لتحقيق أشياء كثيرة، لن ينفع في هذه المرحلة، لأن الترميز بات سهل الفك، وهذا له أسباب كثيرة، أهمها التوافق السوري- الروسي- الإيراني، وإذا ما حاول ترامب اللعب في المنطقة واصطفافاتها القادمة، فإنه لاشك سيخرج من “عين الأسد” هو وجنوده كما خرج من التنف، لأن دروس القتال التي تعلمتها المقاومة في المنطقة من سورية، والنجاحات التي حققها الجيش العربي السوري ستكون ملهمة لإخراج أمريكا، ليس فقط من القاعدة العسكرية، بل من جميع الأراضي العراقية.
علي اليوسف