أخبارصحيفة البعث

ايطاليا تؤجج التوتر مع فرنسا بدعم صريح للاحتجاجات

 

رفضت قناة “بي. إف. إم” التلفزيونية الفرنسية تغطية مظاهرات “السترات الصفراء” احتجاجاً على اعتداءات على صحفييها من قبل المحتجين، حسبما أفادت “فرانس برس”، والتي ذكرت أن محتجين اعتدوا بالضرب على فريق من صحفيي القناة أثناء تغطيته لمظاهرة نظمتها حركة “السترات الصفراء” في مدينة روان، السبت الماض، إضافة إلى إصابة صحفي آخر جراء انفجار مفرقعة أثناء الاحتجاجات في شارع شانزليزيه وسط العاصمة باريس، والتي أوقفت الشرطة خلالها 345، وحبست 280 منهم.

وبدأت مظاهرات “السترات الصفراء” في فرنسا أواسط تشرين الثاني الماضي احتجاجاً على رفع أسعار وقود السيارات وزيادة الضرائب. وتحوّلت هذه المظاهرات إلى احتجاجات تخللتها اشتباكات بين عناصر الأمن والمحتجين وحوادث إحراق ونهب متاجر، وتتهم الحركة الاحتجاجية مؤسسات الدولة بفقدان الكفاءة في إدارة شؤون البلاد.

إلى ذلك أعلن نائب رئيس الوزراء الايطالي، لويجي دي مايو، دعم احتجاجات “السترات الصفراء” في فرنسا، مؤكداً استعداد حركة “الخمس نجوم” التي يتزعمها لدعم المحتجين. وقال السياسي الايطالي في بيان نشره موقع “الخمس نجوم”، “يا أيها السترات الصفراء، لا تستسلموا، ونحن في ايطاليا نتابع نضالكم منذ أول ظهوركم. إننا نعلم ما يغذي روحكم وسبب خروجكم إلى الشوارع من أجل إسماع صوتكم”، وأضاف: إن حركته السياسية مستعدة لدعم المحتجين الفرنسيين “إذا لزم الأمر”.

كما أعرب وزير الداخلية الايطالي، نائب رئيس الوزراء، ماتيو سالفيني، رئيس حزب الرابطة، عن دعمه لحق المواطنين الفرنسيين في التعبير عن احتجاجهم على أوضاعهم، مع أنه شدد على نبذه للعنف.

لكن دي مايو كان الأكثر حماسة، فبعد إدانته أعمال العنف عرض تقديم حركته المساعدة خصوصاً عبر منصّتها الالكترونية “روسو” من أجل “تنظيم أنشطة على الأرض” كما و”انتقاء مرشّحين” و”تحديد البرنامج الانتخابي” عبر نظام تصويت.

و”روسو” هي منصة تفاعلية على الانترنت تتيح للمنتسبين إلى حركة الخمس نجوم المشاركة في إعداد البرامج وصياغة التشريعات كما وانتقاء المرشّحين للانتخابات المحلية والوطنية، وهي المنصة التي تم بواسطتها انتقاء المرشّحة للانتخابات البلدية فيرجينا راغي من بين نحو عشرة مرشّحين مغمورين لتمثيل الحركة، لتفوز بعدها في انتخابات 2016 وتتولى رئاسة بلدية روما.

لكن المنصة تواجه انتقادات في ايطاليا بسبب قلة الشفافية، وخضوعها لشركة أنشأها أحد مؤسسي الحركة روبرتو كازاليغيو، منظّر الديموقراطية المباشرة المعادي للديموقراطية التمثيلية.

وكتب دي مايو “إنه نظام يلائم تحركاً أفقياً وعفوياً مثل تحرّككم وإذا أردتم استخدامه سيكون ذلك من دواعي سرورنا”، وتابع: إن “الحكومة الفرنسية كغيرها من الحكومات تسعى إلى تمثيل مصالح النخبة، أولئك الذين يتمتّعون بامتيازات أكثر من (تمثيل) مصالح الشعب”، وأضاف: إن “حكومة ماكرون ليست على مستوى التطلّعات، وتنتهج سياسات خطيرة ليس فقط بالنسبة للفرنسيين، ولكن أيضاً بالنسبة لأوروبا”.

وتابع دي مايو: “لقد توصّلنا في ايطاليا إلى قلب هذا التوجّه”، داعياً “السترات الصفراء” إلى القيام بالأمر نفسه.

وختم دي مايو، الذي بدأ حملته للانتخابات الأوروبية المقرّرة في أيار، “هناك أوروبا جديدة في طور الولادة هي أوروبا “السترات الصفراء” والحركات (القومية) والديموقراطية المباشرة. إنها معركة قاسية يمكننا أن نخوضها معاً”، داعياً السترات الصفراء” إلى “عدم الضعف”.

ومن شأن دعم الحكومة الايطالية للاحتجاجات في فرنسا أن تؤجج التوتر القائم أصلاً مع باريس ومع الاتحاد الأوروبي.

وفرنسا على خلاف عميق مع الحكومة الشعبوية في ايطاليا، وسبق لوزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء ماتيو سالفيني أن هاجم بشدّة الرئيس الفرنسي على خلفية أزمة اللجوء والهجرة غير الشرعية.

كما أن الحكومة الايطالية على خلاف عميق مع الاتحاد الأوروبي بسبب الموازنة وقضايا أخرى تتصدرها الهجرة.

وكان سالفيني قد اتهم فرنسا مراراً بالغطرسة، ونعت ماكرون بـ”الشرير بسبب الجدال الدائر بين روما وعدد من العواصم الأوروبية على خلفية استقبال المهاجرين القادمين إلى القارة الأوروبية.

وفي وقت سابق أدان ويل ماكرون أعمال العنف التي تشوب احتجاجات “السترات الصفراء” في البلاد، داعياً إلى بناء حوار بين السلطات والمتظاهرين.

وشارك في مسيرات السبت الماضي أكثر من 280 ألف متظاهر، ورافقت الاحتجاجات في العاصمة باريس وجميع أنحاء فرنسا اشتباكات بين المتظاهرين ورجال الأمن استخدمت خلالها الشرطة الهراوات والغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين.