ماكرون يسعى جاهداً لكبح الاحتجاجات الشعبية
شبّهت وكالة “رويترز” في تقرير لها، أمس، الأحداث التي تشهدها فرنسا والاحتجاجات الشعبية المستمرة التي تقوم بها حركة “السترات الصفراء” تنديداً بسياسات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاقتصادية وغلاء المعيشة بأحداث الثورة الفرنسية عام 1789 ضد حكم الملك لويس السادس عشر الذي أغرق البلاد بالديون، وصرف أموال الشعب على البذخ، وحاول جني المزيد منها عبر فرض ضرائب باهظة. وقالت الوكالة في التقرير: “في عام 1789 استدعى ملك فرنسا لويس السادس عشر قيادات الطبقة الأرستقراطية ورجال الدين وبعض النافذين لبحث سبل سد العجز في مالية البلاد وكبح الاستياء الشعبي من ممارسات النظام الإقطاعي آنذاك والذي شكّل فيما بعد الشرارة التي أطلقت الثورة الفرنسية والتي استمرت أربع سنوات، وانتهت بإعدام الملك”.
وجاء في التقرير: “بعد مرور قرنين من الزمن يدعو ماكرون الذي كثيراً ما يواجه انتقادات بسبب تصرفاته التي تشبه تصرفات ملوك فرنسا السابقين إلى نقاش وطني لتهدئة محتجي السترات الصفراء الذين ينظمون احتجاجات منذ أكثر من شهرين في باريس هزت إدارته”.
ووفقاً للتقرير، سيطلق ماكرون مبادرة “الحوار الموسع” في الـ 15 من الشهر الجاري كما كان الحال خلال حكم الملك لويس السادس عشر ليسجل الفرنسيون شكاويهم في “دفاتر التظلمات” التي فتحها رؤساء البلدية في خمسة آلاف بلدية.
ويتوقع مسؤولون فشل الحوار الذي دعا إليه ماكرون، وقالوا: “لن يحدث تغيير على المسار الذي أعلنه ماكرون والذي يهدف إلى تحرير الاقتصاد ما يفرغ الحوار من مضمونه مسبقاً”.
وقال بنجامين غريفو المتحدث باسم الحكومة الفرنسية لقناة “بي إف إم” التلفزيونية: “الحوار ليس فرصة لكي يفرغ الناس إحباطاتهم ولا لكي نشكك فيما حققناه خلال الثمانية عشر شهراً المنصرمة، نحن لا نعيد الانتخابات من جديد”.
من جهته، قال المؤرخ ستيفان سيرو من جامعة سيرجي بونتواز لصحيفة: “إنه بوضع حدود للبنود التي سيجري بحثها يخاطر ماكرون بارتكاب الخطأ ذاته الذي حكم على الملكية بالفشل”.
وعلّق التقرير بالقول: “إيمانويل ماكرون مثل لويس السادس عشر الذي تلقى دفاتر التظلمات، ولكن لم يفهم شيئاً منها”.
ويبدي الكثير من المواطنين الفرنسيين إحباطهم من محاولة ماكرون الالتفاف على الاحتجاجات الشعبية، ووصل الأمر ببعضهم للقول: “كل ما نقوله مثل الغبار الذي يتناثر مع الريح، لا يستمع لنا أحد!”، مضيفين: “ليس هذا هو ما يريده المواطنون، كفى، الأمر يعود الآن إلى القادة للاستماع لما يقال في دفاتر التظلمات”.
ومن شأن المشاركة الضعيفة أن تقوّض التجربة، حيث أوضح استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “إيلاب” يوم الأربعاء أن 40 بالمئة فقط من المواطنين يعتزمون المشاركة في الحوار.
وتأتي محاولة ماكرون هذه بينما تستعد فرنسا لمزيد من الاحتجاجات في الشوارع، وهو ما يعني مزيداً من الضغوط على ماكرون الذي بات مطلب استقالته شائعاً وأحد الشعارات التي ترفعها حركة السترات الصفراء خلال مظاهراتها.