الاتحاد الأوروبي يصوت لمصلحة الصواريخ الأمريكية
ترجمة: البعث
عن ريزو انترناسيونال 11/1/2019
في قصر الأمم المتحدة الزجاجي في نيويورك، هناك منحوتة معدنية بعنوان “الشر المدفون من قبل الخير”، تمثّل سانت جورج الذي يخترق التنين برمحه، تمّ منحه من قبل الاتحاد السوفييتي عام 1990 للاحتفال بتوقيع معاهدة الوقود النووي المشعّ المنصوص عليها مع الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1987، والتي قضت على الصواريخ النووية قصيرة ومتوسطة المدى (ما بين 500 و5000 كيلومتر) ذات القاعدة الأرضية.
لكن الآن ها هو التنين النووي المنحوت يعود إلى الحياة “بفضل” إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى التي صوّتت، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ضد القرار الذي قدمته روسيا بشأن “حفظ معاهدة الحدّ من الأسلحة النووية وتنفيذها”، بأغلبية 46 صوتاً مقابل 43 وامتناع 78 عن التصويت.
إن الاتحاد الأوروبي -الذي تنضمّ 21 دولة من أعضائه الـ 27 إلى حلف شمال الأطلسي مع بريطانيا الخارجة منه- قد أصبح متجانساً في موقف حلف الناتو، وموحّد تماماً ومتوافق مع موقف الولايات المتحدة. إدارة أوباما أولاً، ومن ثم إدارة ترامب اتهمتا روسيا، من دون توفر أي دليل، باختبار صاروخ من الفئة المحظورة وأعلنتا عزمهما على الانسحاب من معاهدة الصواريخ النووية المتوسطة والقصيرة المدى.
وفي الوقت نفسه، أطلقتا برنامجاً لتركيب صواريخ نووية مرة أخرى في أوروبا ضد روسيا، والتي ستتمركز أيضاً في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ضد الصين.
وحذّر المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة من أن “هذه هي بداية سباق التسلح الكامل”.
بعبارة أخرى، حذّر من أنه إذا قامت الولايات المتحدة مرة أخرى بتركيب صواريخ نووية في أوروبا موجهة ضد روسيا، فسوف تقوم روسيا بتركيب صواريخ مماثلة على أراضيها موجهة ضد أهداف أمريكية في أوروبا.
أما مندوب الاتحاد الأوربي فقد تجاهل كل التهديدات الأمريكية لروسيا متهماً إياها بتقويض معاهدة الحدّ من الأسلحة النووية ومعلناً عن تصويت مخالف لجميع دول الاتحاد الأوربي، لأن القرار الذي قدمته روسيا ينحرف عن المسألة موضع النقاش. لذلك، أعطى الاتحاد الأوروبي الضوء الأخضر لإمكانية تركيب صواريخ نووية أمريكية جديدة في أوروبا وفي إيطاليا تحديداً.
إزاء قضية على هذا القدر من الأهمية، فإن حكومة كونتي، التي تنازلت كسابقاتها عن ممارسة السيادة الوطنية، انضمت إلى الاتحاد الأوروبي، الذي تحالف بدوره مع الناتو تحت إمرة الولايات المتحدة. ومن بين جميع الدوائر السياسية الإيطالية، لم يرتفع أي صوت يطلب من البرلمان أن يقرّر كيفية التصويت في الأمم المتحدة.
كما لم يطرح أي صوت في البرلمان لمطالبة إيطاليا بمراقبة معاهدة حظر الانتشار النووي، وإجبار الولايات المتحدة على سحب قنابلها النووية B61 من الأراضي الإيطالية الوطنية وعدم تركيبها اعتباراً من النصف الأول من عام 2020، مع الإشارة إلى أن الجيل الجديد من القنابل النووية B61-12 هو الأشد خطورة.
وهكذا مرة أخرى تنتهك الولايات المتحدة المبدأ الدستوري الأساسي القائل بأن “السيادة تخصّ الشعب”. وبينما يعمل الجهاز الإعلامي والسياسي الإيطالي للتعتيم على هذه القضايا ذات الأهمية الحيوية وإبقاء الإيطاليين غارقين في الظلام والجهل حولها، فهو ينتهك الحق في الإخبار والإخطار، بمعنى ليس فقط حرية الإعلام بل الحق في أن يكونوا على علم بكل شيء.
إما أن تفعل الحكومة الإيطالية ذلك الآن، أو لن يكون هناك وقت لاتخاذ القرار: فالصاروخ الباليستي المتوسط المدى يحتاج للوصول إلى هدفه وتدميره برأسه النووي، من 6 إلى 11 دقيقة فقط.