الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

الأدب المقارن العربي والفارسي في بلاد الشام وإفريقيا

 

 

انطلقت أمس في كلية الآداب بدمشق أعمال المؤتمر الدولي الرابع للأدب المقارن العربي والفارسي في بلاد الشام وإفريقيا، والذي تقيمه جامعة دمشق بالتعاون مع جامعة فردوسي في مشهد والمستشاريّة الثقافيّة الإيرانيّة في دمشق ويمتد على مدى يومين، وقد افتتح د. محمد ماهر قباقيبي رئيس جامعة دمشق المؤتمر فقال: إذا كان الحرص على التعليم الأولي أو الابتدائي واجباً وضرورة، فإن العناية بالتعليم العالي مدعاة أكثر ضرورة، لأن هذه المرحلة تؤهل الأدباء والعلماء والمفكرين وغيرهم، لذلك تحرص الأمم على إنشاء الجامعات والاهتمام بالبحث العلمي والأكاديمي لفضله في بناء الحضارة، وما أحوجنا في هذه الظروف التي تمرّ بها بلادنا إلى ترسيخ القيم الإنسانية التي يشتهر بها أدبنا عامة والانفتاح على آداب الآخرين، ويشكل الأدب المقارن أهم الحواضن الإنسانية لبناء هذا المشروع، فالتقارب والتمازج بين الشعوب شرط لا يتمّ إلّا من خلال التفاعل بين الشعوب لخلق أدب أكثر جمالاً وكمالاً وقوة في المجتمعات. وتحدث المستشار الثقافي لسفارة الجمهورية الإسلاميّة الإيرانية السيد أبو الفضل صالحي نيا، عن أهميّة اختصاص الأدب المقارن في الأدبين العربي والفارسي، فهما من أكثر لغات العالم الحيّة وأكثرها اندماجاً وتداخلاً مع بعضهما. وبدأ هذا التنامي بين اللغتين بعد اختيار الحرف العربي لكتابة اللغة العربيّة، فانتقلت المفردات والمصطلحات من العربية إلى الفارسية، وبالمقابل خدم علماء اللغة الإيرانيون اللغة العربية بوضع القواعد والنحو، ودرسوها علميّاً، وقد مهد هذا الترابط اللغوي لحركة تبادل ثقافي وعلمي ونشط الترجمة بين الأدبين.
ولفتت رئيسة قسم اللغة الفارسية في جامعة دمشق إلى أن أحداث التاريخ أثبتت ولا سيما حروبه أن الثقافة هي الحاجة العليا للبشرية، فهي صمام الأمان لعقل الإنسان يمنعه من الانجراف لهوّة الجهل والظلام، وهذه اللقاءات الثقافية ضرورة ملحة تحتل موقع الصدارة لاحتياجاتنا الحاليّة، وأسمى أشكال الثقافة تلك المنطوية على أبعاد إنسانية، تنقل آمال البشرية وآراءهم، وتلتقي فيها عقول المبدعين، والأدب المقارن، وهو المشروع النهضوي الذي أخذ على عاتقه متابعة هذا الشكل الثقافي فهو لا يعد نقداً أدبياً وحسب، إنه ذلك الراعي والضابط للحوار الإنساني، فالعلاقة بين اللغة العربية والفارسية علاقة تاريخية وقديمة، ومؤتمرنا هذا ردّ على الهجمة الهمجية التي نتعرض لها.
أما رئيس المركز الدولي لتعليم اللغة الفارسية لغير الناطقين بها، إحسان قبول فتحدث عن أهمية انعقاد المؤتمر الرابع في دمشق وشبه الأدب المقارن بالمرآة التي من خلالها نستطيع أن نعرف وجهة نظر ورؤية الآخرين لنا، وأن العلاقة بين الأدبين ترجع إلى ما قبل الإسلام، هما كالتوءم يعطيانا نظرة شاملة لواقعنا وأنفسنا.
سامر الخيّر