صحيفة البعثمحليات

لصوص الخزينة..!؟

اعترافُ وزير الماليّة خلال لقائه بمراقبي الدّخل في دورة تصنيفهم بأنّ: (وارداتنا الضّريبيّة ليست بخير، وتحميله لهم جزءاً مهمّاً ومباشراً من مسؤولية التّهرّب الضّريبيّ الحاصل، معتبراً أنّ الخلل والثّغرات لا يمكن أن تكون في التّشريعات والقوانين النّاظمة للعمل، وإنّما في تنفيذ مراقبي الدّخل لمهامهم المكلّفين بها، كاشفاً النّقاب عن حيازة الوزارة للعديد من أسماء مراقبي الدّخل المتورطين بحالات فساد سيتم محاسبتهم ونقلهم من عملهم، مهدّداً بإعلان أسماء المراقبين الفاسدين في وسائل الإعلام من باب الرّدع والمحاسبة؛ لأن سمعة مراقبي الدخل باتت سيّئة وغير مرضية وهو ما لا يمكن السّماح به،مستشهداً باكتشاف أسماء العديد منهم يعملون محاسبين لدى الجهات نفسها المكلّفين بمراقبة دخلها، وهذا ما تدفع ثمنه الخزينة العامة عبر مساعدة هؤلاء المراقبين لأصحاب هذه المنشآت بالّتهرب الضريبي)؛ كلام لا يعدو عن كونه مُقاربةً خجولة تفتقر إلى الحزم والحسم والمحاسبة، في ملفّ بالغ التّشابكات، وانعكاساته السّلبية على الخزينة وبالتّالي على عملية التّنمية، ما يجعلنا نوغل في رسم إشارات استفهام من طبيعة: هل يكفي أن يُعبّر وزير ماليتنا عن عدم رضاه عن نسب التّحصيل الضّريبيّ القائمة، وعدم ارتقاء معدّلاتها إلى المستوى المنطقي المنشود؛ مكتفياً  بفركة أذن لفظيّة خجولة لبعض اللّصوص المؤتمنين على حراسة الخزينة؟ أم لننفض الغبار عن خزائن أسئلة موصدة بمفاتيح صدئة؟ أهمّها: أين أجهزتنا الرّقابية المُفترضة من هذا الملفّ.؟ وفي المقدّمة منها: الهيئة المركزية للرّقابة والتّفتيش، والجهاز المركزي للرّقابة المالية؛ اللّذان أُنيطت بهما دستورياً وقانونياً مهام إماطة اللّثام عن لصوص المال العام، وأدوات الفساد الإداري والمالي، ودكّ معاقلهم وحصونهم أنّى وجدت وسوقهم إلى العدالة..!

ما من شكّ بأنّ أولى خطوات الإصلاح تتجسّد بالكشف عن المشكلة وتسليط الضوء عليها بها بحيث يصعب الاستمرار في حمايتها وإخفائها، وتشترط تالياً التعرّف الرّقمي على حجمها، وأشكالها وطرائقها ومبالغها، ليصار إلى تطويقها بعدما استفحلت عاماً بعد آخر، وأصبحت تمارس جهاراً نهاراً وبما يمسّ هيبة الدولة..!

وإذا ما علمنا بأنّ الرّقم التّقديري لحجم التّهرّب الضّريبي وفق اختصاصيّين أكاديميّين ورجال اقتصاد ومحاسبة ميدانيّين يزيد عن 600 مليار ليرة؛ يتبدّى لنا هول الفاجعة، التي تتلخّص رقميّاً بضياع نحو ملياري ليرة يومياً على الخزينة العامة، تتمّ بالتّواطؤ بين كبار حيتان المكلّفين وبين بعض حرّاس الخزينة اللّصوص المؤتمنين على الاستعلام والتّحصيل الضّريبي!؟ والحال أنّه بات مُخزياً ومُريباً التّغاضي عن معالجة ملفّ التّهرّب الضّريبيّ وعقابيله الوخيمة على عمليّة التّنمية، بما هو  فصلٌ من معركتنا الكبرى مع الفساد – إن لم نقل أهمّ فصولها- والتي لا تحتمل هدر الوقت، أوالمماطلة والتّسويف. فإعادة ملياري ليرة كلّ مطلع شمس إلى حضن الخزينة؛ قضيةٌ وطنيّةٌ بامتياز، تستحقّ استنفار أجهزتنا الرّقابية التي تبدو اليوم أمام جمهورها العريض؛ في امتحان مشهود، مادّته: استعادة الثّقة المفقودة بها، من خلال إعادة النّظر بأدائها وبمخرجاتها؛ وبما يُحقّق حراسة المال العام، واستعادة المنهوب منه..!

أيمن علي

Aymanali66@Hotmail.com