زاوية مائلة
امتهن البعض ممن يمسك بسدة المسؤولية والقرار تدوير الزوايا، وخلط الأوراق حيال كافة القضايا الحساسة والمثيرة للجدل، والتي ترتبط بالهم اليومي والمعيشي للمواطن الأكثر تضرراً، جراء الممارسات والتجاوزات والسلوكيات غير اللائقة التي عكست حجم وحقيقة الترهل والتسيب في العمل المؤسساتي، وانعدام الحس بالمسؤولية لدى القائمين على مفاصل العمل في مختلف جوانبه.
ولعل الأمثلة كثيرة في هذا السياق، تنسجها يوميات الأزمات المتتالية وتعثر العمل الخدمي والإنتاجي والتنموي في مجمل ميادين العمل، والتي أظهرت خصوصية وحصرية القرارات الفردية والتي غالباً ما تكون انعكساتها وآثارها منفعية بحتة وسلبية على حساب العمل الجماعي والتشاركي والمصلحة العامة، وهو ليس ببعيد عن سياسة خلط الأوراق. والتعمد في خلق بيئة فوضوية بهدف تأزيم وتعقيد وتغييب الحلول، وإطالة أمد الأزمات بقصد التهويل واستثمار الفرص السانحة وتوظيفها في سياقات منفردة ومتباعدة لا تخدم الصالح العام.
ودعونا هنا نعترف أن ثمة إشكالية كبيرة وكبيرة جداً تتمثل في تخمة الأعمال والمهام المسندة للبعض في عدد من مفاصل العمل الحساسة والتي تؤدي بالنتيجة إلى تورم الأنا أكثر مما هي متورمة أصلاً لدى الممسكين بالقرار والمتنعمين بمزايا المناصب، وهو أحد أشكال الفساد الإداري والتنفيذي، والذي يحجب فرص العمل الذي من المفترض أن يكون موزعاً على أصحاب الاختصاص وليس محصوراً بشخص بعينه حتى ولو كان رأس هرم المؤسسة، وذلك منعاً لأي لبس قد يزيد ويثير الشكوك والظنون، وبالتالي التخفيف ما أمكن من – انطباعات سوء النية – لدى الشريحة الأوسع من المواطنين، وتوثيق العلاقة بين طرفي المعادلة بكثير من المصداقية والشفافية المطلوبة خلال المرحلة الحالية والمستقبلية أكثر من أي وقت مضى.
ما نود قوله وتأكيده أن المركزية المحكمة في العمل المؤسساتي أثبتت فشلها، وأنتجت واقعاً فضفاضاً وفاسداً على المستويات كافة – الكل تابع – والكلمة الفصل فيه لما يسمى ( المعلم )، وهي حقيقة مرة وكارثية لا يمكن نكرانها، ما زالت هي السائدة والرائجة والمحرك المباشر للعمل المؤسساتي اليومي، وهو ما يستدعي المعالجة وعلى أعلى مستوى لتغيير هذا المفهوم، بإدخال مفهوم جديد يكون فيه العمل مكتمل الزوايا، وليس مسنداً على زاوية مائلة.
معن الغادري